تحركوا.. إنهن نساؤكم

الشرق الاوسط

ماذا يحدث للطفل في اليمن إذا اعتدي عليه؟ يقتل الطفل. ماذا يحدث للفتاة في الأردن إذا اعتدي عليها؟ يقتلها والدها أو شقيقها. ماذا يحدث إذا اغتصبت امرأة في ميادين القاهرة الثورية أو هوجمت أو اعتدي عليها؟ تلعن الضحية، فالمسؤولية لا تقع على أخلاق الوحوش في عملية اغتصاب جماعية، بل على لباس هذه المتهتكة التي استحقت تلويث السمعتين: سمعتها وسمعة مصر.

وماذا يحدث إذا اغتصب شرطيان تونسيان امرأة؟ وماذا يحدث إذا اغتصب حارس روضة تونسية طفلة في الثالثة؟ هل هذه إحدى نتائج «الربيع العربي»؟ لا. هذه نتائج خلل اجتماعي مزمن كان ينتظر فرصته للظهور كحالة مرضية، كان يتم في الماضي التستر عليها.

اغتصاب طفلة في روضة تونسية كان في الماضي جريمة يشترك الأهل والحكومة والمدرسة في تغطيتها؛ لأن الطفلة عورة كان يجب ألا تكون. وما دام أنها أصرت على ذلك فلتتحمل أن تعيش كل حياتها لا ترى أمام عينها سوى صورة ذلك الوحش يطاردها في الليل وفي النهار.

قبل سنوات توفيت في لبنان بنت ست سنوات لكثرة ما تعرضت للاعتداء. البعض قال إن ذلك كان يحصل في البيت، والبعض الآخر قال إنه كان يحصل في المدرسة. ولكن ماذا تريدوننا أن نفعل؟ إن المدرسة والبيت ينتميان إلى الطبقة الراقية. فاستروا المدرسة واستروا العائلة، ودعوا الطفلة الملائكية تموت في صمت، فيما يبحث الوحش الراقي عن طفلة أخرى.

خرجت نساء تونس الشجاعات إلى التظاهر ضد وزيرة شؤون المرأة؛ لأنها تهاونت في مسألة اغتصاب طفلة الروضة. وعلى المرأة أن تخرج في مصر، ليس إلى العمل والعبودية، لكي تعيل كسول المقاهي المنحل أخلاقيا، ولا يرى رجولته إلا في التحرش، بل لكي ترغم الحكم على وضع حد لهذه الظاهرة التي تعطل الحياة داخل المنازل وخارجها. وعلى قادة الرأي في اليمن أن يفرضوا في البلاد مفهوم هذا القرن: الذي يقتل هو الوحش الكبير لا الطفل الصغير.

هذه الظواهر الهمجية ليست مسؤولية الحكم وحده، إنها أيضا مسؤولية المفهوم الإنساني في المجتمعات. فإلى متى يظل بلد مثل الأردن لا يحاسب قاتل الابنة أو الأخت، ويرى في جنوحها عارا وفي جريمته بطولة. وإلى متى يكون قتلها، دون محاكمة أو نظر أو تحقق، أمرا شبه شرعي، ويغطي القانون جريمة القاتل على أنها شرعية؟

عيب. دول برمتها تقف ضد الضحية. وعناترة اعتقدنا أنهم في الميادين طلبا للعدالة فإذا هم في دعوة إلى عملية اغتصاب جماعي. وبعدها يدلون بتصريحات جماعية ضد الانحطاط في العرب.

 

About سمير عطا الله

كاتب صحفي لبناني الشرق الاوسط
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.