تبسمك في وجه أخيك صدقة

jihadalawnaمن كثر ما بنحب بعضنا أو بنكره بعضنا لما كانت وما زالت الكهرباء تنقطع عن منزلنا كانت أمي تقول لنا: أركضوا شوفوها جايه عند دار أبو احمد ولا مقطوعه زينا؟ فإن كانت مقطوعة مثلنا مثلهم يبرد قلبها وقلب جدتي , واليوم أنا شخصيا على نفس هذه العادة حينما ينقطع التيار الكهربائي فجأة, هنا يقف علماء النفس وعلماء تحليل السلوك محتارين من تصرفنا فهل هذا مثلا بدافع حبنا لبعضنا البعض أم بدافع كرهنا لبعضنا بعضا؟؟؟؟؟على العموم نحن نهتم بالأخبار السيئة أكثر من اهتمامنا بالأخبار المفرحة.
معظم المخلوقات الرئيسية وغير الرئيسية تتواصل مع بعضها إما عن طريق الرقص والحركات البهلوانية وغير البهلوانية وإما عن طريق إطلاق رائحة البول لتحديد ملكيتها الفردية للمكان بعكس الإنسان الذي يستعمل دائرة الأراضي والمساحة لتحديد ملكيته وقديما كان يستعمل يده كفرد والدولة كانت وما زالت تستعمل السلاح للتأكيد على ملكيتها الجماعية وتعظيم هيبتها, وبعض الحيوانات تقوم بتوجيه رسائل مفزعة لتحديد ملكيتها من أجل إرهاب الآخرين كالتلويح باليدين أو الجناحين أو إطلاق الأصوات الغاضبة, إلا الإنسان يتواصل مع المجتمع المحيط به بكل ما ذكر زد على ذلك لغة الكلام ولغة العيون وتلميحات الوجه واليدين وكافة أعضاء الجسم التي عن طريقها نرسل بالرسائل إلى بعضنا البعض وأخيرا عن طريق الإعلام المرئي والمسموع والمقروء, ولكن مشكلة الإنسان من ناحية التواصل والاتصال أنه يهتم بالأخبار المحزنة أكثر من اهتمامه بالأخبار المفرحة, فالخبر السيئ منذ بدء الخليقة ينتشر أكثر من الخبر المفرح وخبر الوفاة ينتشر أكثر من خبر الولادة كما ذكرنا بالبداية عن أنقطاع التيار الكهربائي فحين كنا نجد التيار مفصولا عنا ومتصلا عند الجيران كنا نحزن ولكن كنا نبرد جدا حين نجد التيار الكهربائي مفصولا عنا وعن الجيران.
فلو ولدت زوجتك مولودا أو مولودة فلن ندري عنها نحن إلا بعد فترة طويلة من الزمن حتى وإن كنا جيرانا في هذه الأيام فلن نعلم إلا بعد عدة أيام أو حتى عدة شهور, ولكن إن توفى أبي أو أبيك فسيعلم الذي في الصين من أقربائك بسرعة فائقة وسينتشر الخبر انتشار النار بالهشيم أو الهشير أو إن صح التعبير في الأعشاب اليابسة.
أخبار الزلازل والبراكين والانهيارات الترابية والجليدية وكوارث البيئة بشكل عام تنتشر عبر وسائل الإعلام بسرعة, وانهيار سقف مبنى في إحدى العمارات قيد الإنشاء ينتشر في المدينة بسرعة, ومحطات التلفزة الفضائية والأرضية تنشر خبر جريمة قتل ولا تنشر خبر إنجاب زوجتك لمولود أو مولودة جديدة والعالم يهتم بخبر سقوط الطائرات أكثر من اهتمامه بخبر إقلاع الطائرات, وخبر تدهور مركبة على الطريق السريع كل الناس تهتم به وتقف السيارات صفا صفا وكأنهم جيوش محتشدة ليشاهدوا المناظر السيئة, ويتسببون بإعاقة ما يسمى فريق الأنقاض ويحولون بينه وبين المركبة المتدهورة وربما يفسر البعض أن الإنسان يحزن لحزن أخيه ولكن دراسات قرأتها أجريت حديثا كلها تقول: أن الناس يهتمون بأخبارك السيئة ويدفعون النقود من أجل إعلامهم بها, وأنا شاهدتُ رجالا يدفعون البشارة نقودا ذهبية لمن يخبرهم أولا بخبر سجن صديق أو قريب لهم أو جارا لهم ويهتمون بخبر سرقة سيارتك أكثر من اهتمامهم بخبر شرائك لنفس السيارة, وإن كنت تقود سيارة حديثة النوع وفاخرة المنظر وغالية الثمن يمرون بك ويشاهدونها ويتظاهرون بعدم رؤيتها وأنت تقودها ولكن إن ضاقت بك الحال وبعت السيارة الغالية الثمن واشتريت واحدة رخيصة فالكل سينظر لك ويحيونك من بعيد متظاهرين بالمحبة لك وتمنياتهم بالفرج القريب لك.
لماذا لا نهتم بالأخبار المفرحة والسعيدة؟ لماذا لا نوصي ونهتم ببعضنا بالمحبة والعدالة والمساواة, لماذا لا ننشر صورا لقطف الأزهار والورود بدل نشرنا صورا تقطف الرؤوس؟؟؟ لماذا لا نحب بعضنا لماذا نكيد لبعضنا؟ لماذا لا نهتم بالأخبار السعيدة والمفرحة؟ لماذا لا نجوب الشوارع والمدن والأزقة والحارات والجبال لنبشر بنور الله ومحبته لنا؟ لماذا بدل أن نسيء إلى الطوائف الدينية المختلفة عنا فكريا لماذا لا نبحث فيها عن الجوانب الإيجابية؟؟؟؟ في كلٍ منا طاقة سلبية وطاقة أخرى إيجابية ونحن من عاداتنا أن نكشر عن أنيابنا ولا نكشر عن قلوبنا!! لماذا لا نفتح فلوبنا على بعض قبل أن نفتح النار؟ لماذا لا نرش بعضنا بماء الزهر بدل الكيماوي والنار والرصاص؟؟؟ لماذا لا نقف فوق أسطح المنازل ونطلق حمامات السلام؟ لماذا لا نتصافح بدل أن نتكاسر بالأيدي؟ إن المسيح قادم والمهدي قادم وملكوت الرب قادم ويوم القيامة قادم والموت حق على الجميع فلماذا نغفل عن تلك الأيام؟ لماذا لا نذكر بعضنا بمحبة الله لنا, فحين خلق الله آدم وحواء وأنزلهم على الأرض أنزلهم من أجل أن يحبوا ويعشقوا ويتكاثروا ويعمروا الأرض بالسلام وليس من أجل أن يقتلوا بعض, وكان يسوع الناصري يجوب الأرض ويبشر بقرب ملكوت الرب وكان يكره من ( يعشر حتى بالقمح والشعير), كان يداوي ويعالج ويبشر بالمحبة, وكان محمدا صلى الله عليه وسلم يقول: تبسمك في وجه أخيك صدقة وإزاحتك العظم والشوك وما تطئ عن الطريق صدقة.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.