بقلم امير مجدي
لماذا اتصل السيد مصطفى بكرى عضو مجلس النواب بالانبا مكاريوس اسقف عام المنيا ليطلب منه مقابلة وفد برلمانى بخصوص ازمة قرية الكرم؟؟ ولماذا بعث الازهر بوفد من الائمة الى القرية؟ انه سؤال مركب عفوى برئ يجعلك تقابله بسؤال أخر عن مستقبل دولة القانون فى مصر!!!. ان ملامح الشخصية المصرية تطغى على شخصية رجل السياسة وطباع رجل الشارع تسود على طباع رجل الدولة فى السياسين فى مصر. ويتجلى ذلك فى ميلهم للعرف اكثر من تطبيق القانون. فرحلة رجال البرلمان الى المنيا فى النهاية تصب فى اتجاه التصالح على غير اساس العدل وسيادة القانون وهو منطق لايختلف كثرا عن منطق بيت العائلة ولا عن وفد الازهر وهم لايختلفون جميعا عن منطق شيخ القبيلة .فالنظام السياسى اذن القائم على القانون يتحرك فى اطار النظام القبلى القائم على العرف وهذا ليس تقليلا من القبيلة ولكنه هزيمة للدولة القانونية وانحصارا للمد الحضارى وامتدادا للمد القبلى. مما يدلك على ان كثيرين من النخبة غير اوفياء لدولة القانون والاهم لديهم هو الخروج فقط من الازمة والعبور من عنق الزجاجة للحفاظ على صورة النظام ولكن ذلك سيكون باسقاط هيبة الدولة. فهؤلاء جميعا لا يختلفون عن الشيخ والقس اللذين يحاولون اقناع الجميع بانتهاء الازمة مع نهاية كل ازمة. ان رهان المستقبل هو على دولة القانون القائمة على المواطنة والعدالة والمساواة وفرض النظام وليس نظام الفرد او بالادق نظام شيخ القبيلة. فمن الخطورة بمكان محاولاة استغلال اى قيم او معانى وطنية او اخلاقية او اعراف القبيلة للضغط على المظلومين فى اتجاه التسوية لانه فضلا على ان ذلك تصرف غير اخلاقى يحاول استخدام الاخلاق لصالح جانب واحد فهو لن يزيل الاحساس بالظلم ويرد الشعور بالاهانة ويجبر الكرامة المكسورة. ناهيك عن تفاقم الاحساس بعدم الانتماء لدى الاقباط وشعورهم بتخلى الدولة عنهم والاستهتار بحقوقهم واختيار اسلوب بدائى للتعامل معهم ولحل مشاكلهم على الرغم من ان الدولة تملك القنوات القانونية لمعالجة الازمة. الا انها لاتحترم كرامة وشعور الانسان القبطى وتكتفى بمعالجة ازماته بجلسة على الحصيرة تجمع ضابط وزوج من رجال الدين واصحاب المشكلة ولفيف من المتطرفين .ويبدو الموقف لاولئك المتطرفين غريبا فماذا يريد هؤلاء الاقباط واى حقوق يطلبونها الا يكفى اننا سمحنا لهم بالبقاء معنا فى وسطنا الا يكفيهم انهم يخالفون دين الاغلبية الا يكفيهم انهم لايوفون الجزية !! وفيما ان الموقف يدعوهم للعجب من الاقباط ناكرى الجميل يدعونا للاحساس بالحاجة الى التقئ . فضلا عن ان ذلك سيفضى الى تفاقم سلطة التيار المتطرف وتوحش سطوته وتمكينه من هدفه مع ملاحظة طبعا ان سلطته نفسها قد تتناطح مع سلطة دولة او تفوق سلطة الدولة كما وصل اليه الحال فى ازمة كنيسة شهداء ليبيا التى تحاول فيها الدولة ان تجد من يتوسط لها لدى السلفيين للسماح ببناء كنيسة صدر بها قرار جمهورى .ولكن هذا ما سيؤدى اليه استخدام هذا الاسلوب فى حل مثل هذه النزاعات فضلا عن انها النوع الوحيد تقريبا من النزاعات التى يتم حلها بمثل هذه الطريقة وهذا اصلا يدل على التمييز العنصرى ضد الاقباط من الدولة والمجتمع فعلينا ان لاننسى انهم يعلمون جيدا ان هذه الطريقة العرفية هى الطريقة المثلى لتضييع حقوق الاقباط. فتطبيق القانون حتما سيفضى الى العدالة بيد ان البعض ياخذ الموضوع فى اتجاه الحل العرفى قهرا للاقباط اكثر منه ايمانا باخلاق القرية وسياسة القبيلة وقد لايكون مؤمن اصلا بهذه الطريقة القزمة ولكن الكراهية والتعصب قد تبرر له تفويت الفرصة على هؤلاء المظلومين لنيل حقوقهم.ناهيك عن كل ذلك فان الحاكم يمارس السلطة بناء على العقد الاجتماعى الذى يحدد التزامات الحاكم ومنها الالتزام والخضوع وتطبيق القانون مما يعد انتهاكا صارخا للاتفاق بين النظام السياسى والمجتمع الذى اختاره لينفذ له رغبته ويحقق ارادته . فكيف ياتى النظام الان وينفذ اسلوبا قضائيا غير اللذى ارتضاه الشعب فى العقد الاجتماعى . اليس يعد ذلك استبدادا وتقويضا للحكم الديمقراطى وهدما لمبدأ المساواة الذى نادت به الثورات. واريد ان انوه ان مثل هذه الحوادث لابد ان لاتترك للمسئولين المحليين فهم مجرد سكارتاريا تتلقى تعليمات لتادية عملها الاساسى فكيف يمكنها ان تدير ازمة من هذا النوع مع ملاحظة ان هذا المسئول الصغيركل مايهمه البقاء على كرسيه وفى سبيل ذلك هو لايتوانى عن اسلوب الانكار والتسويف والتهدئة وتوزيع المسئولية بالتساوى على الجانى والضحية. فضلاعن ان هذا النوع من المسئولين قد يكون اصلا واحدا من الجناة او قد يكون مخترقا بالفكر المتطرف ويتواطا ضد الضحية. على الدولة الان ان تولى جهدا عميقا لمحاولة وقف هذا النمط البدائى من المحاكمات وان تنضج وتنمو وتتخلص من حالة المراهقة اللتى تحيا فيها وتتعامل كدولة ناضجة تتفنن فى احقاق العدالة واقرار المواطنة والمساواة لتنجح فى التخلص من فيرس الالتهاب الوبائى الطائفى.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :