بين الباميا العراقية والبسبوسة المصرية

يذكرالدكتور زكريا البري وزير الاوقاف المصري السابق وهو رئيس المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية

في كتابه”السلام عليكم ورحمة الله” انه دعا صفوة من العلماء ورجال الدين للاحتفال بذكرى ثلاثة من علماء المسلمين هم الامام محمد عبده والامام جمال الدين الافغاني والامام الغزالي.

وشكّلت ثلاث لجان من هؤلاء العلماء لأحياء هذه الذكرى.. اجتمعت هذه اللجان ونقبت في الكتب وقرأت مؤلفاتهم، وبعد جهد جهيد توصلوا الى مايلي:

لجنة الامام محمد عبده اوصت بضرورة ان يتناول الكبار والصغار في مصر “سد الحنك” وهي من الحلوى المصرية المعروفة هناك.

لجنة الامام جمال الدين الافغاني اوصت بان يأكل المصريون صغارا وكبارا في يوم ذكراه الحلوى المسماة “كشك الفقراء”.

لجنة الغزالي اوصت بان يأكل الجميع في يوم الذكرى حلوى “البسبوسة”.

لماذا؟ لأن هؤلاء العلماء الاجلاء كانوا يحبون هذه الانواع من الحلوى.

ولولا ثقتي بالدكتور البري وصدقه اضافة الى توثيق هذه المعلومة من قبل الدكتور فرج فوده في كتابه”بعد السقوط” لاعتبرت الامر مزحة تميل الى الكتابات الساخرة.

ماعلينا..حدث ذلك في اواخر القرن الماضي.

نحن الان في القرن الواحد والعشرين ويفترض ان الامور سارت بسرعة نحو التشبث بالحضارة الانسانية،ولكن الامر لم يكن كذلك تحت قبة البرطمان العراقي،فبعد ان اصدر المجلس مدونة السلوك الحضاري لأعضائه”شهادة حسن السيرة والسلوك” اعلن انه سيتم الاحتفال بثلاثة من ابرز الشعراء العراقيين وهم الرصافي والزهاوي والسياب،وشكّلت ثلاث لجان من اجل البحث والتمحيص وطريقة احياء ذكراهم بما يليق بمكانتهم.

لجنة الرصافي:اوصت هذه اللجنة بان يخصص يوم الذكرى بتوزيع “مركة الباميا” على جميع العراقيين بشرط الا يأكلوا غيرها في ذلك اليوم لأن المرحوم الرصافي تغنى كثيرا في مجالسه الخاصة بالباميا خصوصا الحبة الصغيرة المخضوضرة بعكس الحبة الطويلة التي يحبها الشعبين الهندي والباكستاني (والتحق بهما الشعب الافغاني مؤخرا). كما اوصت ان تكاليف استيراد الباميا ستكون من بلد الجوار وعلى نفقة وزارة الدفاع التي سارعت بالموافقة على ذلك.

لجنة الزهاوي:اوصت هذه اللجنة بأن يأكل الشعب العراقي صغارهم وكبارهم “باجة الحاتي” التي كانت محبوبة عند هذا الشاعر الذي كان يتردد على الحاتي كل ليلة تقريبا لتناولها، كما اوصت بان تكون التكاليف على نفقة وزارة الزراعة المسؤولة عن الابقار والاغنام في العراق.

نقطة نظام:اجتمعت لجنة المشتريات في وزارة الزراعة بشكل عاجل حيث اسفر عنها تكليف مدير عام المشتريات بالذهاب الى بلد الجوار واستيراد مايكفي لأطعام الشعب العراقي من “الباجة” في ذلك اليوم.

لجنة السياب: وقع اعضاء هذه اللجنة في حيص بيص لأنهم لم يجدوا ماذا كان يأكل السياب في شبابه فقد عاش فقيرا ومات فقيرا.ولكن احدهم اقترح ان يوفد نفسه الى بيروت ليعرف بالضبط من المستشفى التي رقد فيها أي نوع من المأكولات كان يرغب.

واوصت اللجنة بعد “تحرياتها” الدقيقة وعلى ضوء الكوفد الخاص بان تخصص في ذكرى الشاعر ميزانية خاصة لتوزيع اكلة” محروك اصبعه”البصرية المشهورة والتي لم يجد السياب غيرها في ذلك الزمان.

وللذي لايعرف هذه الاكلة فانها عبارة عن “سوب”يميل الى الاحمرار قليلا ويثرد فيه خبز التنور ويقدم ساخنا جدا.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in فكر حر, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.