صُوِّرت أزمة اليونان وكأنها خلاف بين غني وفقير. ثري متجلّد القلب يدعى ألمانيا يرفض أن يتساهل مرة أخرى مع اليوناني المدين. الحقيقة غير ذلك. الحقيقة أن اليوناني البليد يرخي بأحماله الثقيلة أيضًا على مجموعة من الفقراء الآخرين: البرتغال ودول البلطيق ومعظم بلدان أوروبا الثماني والعشرين.
هناك دولتان ميسورتان في الوحدة الأوروبية، ألمانيا، تليها بريطانيا. لكن 53.2 في المائة من الإسبان بلا عمل. و42 في المائة في إيطاليا، و35 في المائة في البرتغال. ودول أوروبا الشرقية ومعها بلدان البلطيق ترتعد من تحركات ونيات فلاديمير بوتين الذي قد يتخطى أوكرانيا لإثارة القلق في أماكن أخرى. وإضافة إلى ذلك، هناك موجة اللاجئين الأفارقة والعرب الهاربين من جحيم بلدانهم.
لا يريد الأوروبيون أن يُقطع حلم الوحدة بفظاظة لأن اليوناني يصر على الاستدانة وعدم التسديد. الحلم الذي رأى نفسه خلاله يعيش في حرية الحركة والمعتقد والفنون بعيدًا عن الفاشية والنازية والحروب والديكتاتوريات الغليظة. أنظمة ديمقراطية في كل مكان، ربما للمرة الأولى في التاريخ. وحدود مفتوحة على مصاريعها، بدل الحروب المفتوحة بلا توقف.
هذا السلم، أو هذه الحقيقة الناشئة، عكّرتها اليونان بالخمول، والآن بالسياسات الشعبوية الفارغة التي لم تؤدِّ في أي مكان إلاّ إلى الفقر والخراب. بدءًا بخراب اليونان أولاً وتعريضها للهلاك والمجاعة والذل. تصرف رئيس وزراء اليونان ووزير ماليته السابق مثل فارضي خوَّة. شكل الوزير وهندامه وخطابه كان وحده يوحي بأن اليونان فقدت إحساسها بالمسؤولية وسلوك الدول. وقد أسدى خدمة كبرى لبلده بأن استقال وانزاح من الصورة كمظهر غير لائق برجال الدول. تتذكر أوروبا الرجال الذين صنعوا معجزاتها الاقتصادية مثل لودفيغ إرهارد في ألمانيا، وجيسكار ديستان في فرنسا، وأدولفو شواريز في إسبانيا، وكم كانوا يوحون بالثقة في بلدانهم وبلاد الآخرين. اليوناني المستقيل، أو المُقال، كان يشبه مهاجمي البنوك ولو بغير مسدسات.
أوروبا الجديدة لم تكن شيئًا اقتصاديًا فقط. كانت أيضًا فكرة حضارية نقيضة لتاريخها المليء بالمجازر والحروب والاعتداءات. وحدة تقف فيها ألمانيا إلى جانب بولندا وليس على صدرها. ويشارك الألمان في عرض 14 يوليو (تموز) في باريس بدل احتلالها. ويمضي البريطاني سنوات تقاعده في شمس إسبانيا من دون الحاجة إلى جواز سفر أو تأشيرة.
الديمقراطية نقيضة للشعبويات والتهريج السياسي واللعب والعلك. أوروبا لن تنقذ اليونان. ينقذها وزير مالية يشبه إرهارد وديستان وشواريز.
المصدر الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟بقلم علي الكاش
- مباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراثبقلم مفكر حر
- دراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.بقلم آدم دانيال هومه
- ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني … غدت ضرورية غربية ودولية **بقلم سرسبيندار السندي
- الحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولودبقلم مفكر حر
- ** كيف بلع نظام الملالي … الطعم ألإسرائيلي **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كيف يسخر ويضحك صبيان محمد الجدد … على عقول ألمسلمين **بقلم سرسبيندار السندي
- المسيح في فكر الإسلام والعقيدة المسيحيةبقلم صباح ابراهيم
- استقصاء تأثيرات الميثولوجيا الآشورية على ثقافة الأقوام والشعوب والأمم الأخرى.. رأس السنة الأشورية (اكيتو)بقلم مفكر حر
- من يوميات إمرأة حلبجيةبقلم مفكر حر
- اسطورة الإسراء والمعراجبقلم صباح ابراهيم
- الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”بقلم طلال عبدالله الخوري
- ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **بقلم سرسبيندار السندي
- فيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارعبقلم مفكر حر
- ** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **بقلم سرسبيندار السندي
- النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10بقلم علي الكاش
- المجزرة الأخيرة
أحدث التعليقات
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **