بصلبان على سواعدهم.. يقاتلون داعش في الرقة

مسيحي سرياني يقاتل داعش في الرقة

 داخل مدينة الرقة، يتنقل القيادي في قوات المجلس العسكري السرياني عبود سريان في شاحنة صغيرة يتدلى من مرآتها الأمامية صليب عاجي اللون يتأرجح كلما ضاعف السرعة متجها إلى خطوط الجبهة الأمامية ضد تنظيم داعش.

في طريقه إلى حي الرومانية، تصدح موسيقى حماسية من سيارة “البيك آب”، فيما يشير عبود، 23 عاما، عند اجتيازه بعض الشوارع إلى مواقع شارك مقاتلون مسيحيون سريان في قتال عناصر داعش فيها، وأخرى استهدفت فيها قواته وقوات سورية الديموقراطية بعربات مفخخة أرسلها مقاتلو التنظيم.

وتخوض قوات سورية الديموقراطية، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، منذ السادس من الشهر الحالي معارك شرسة داخل مدينة الرقة، معقل داعش في سورية. ويقاتل إلى جانبها العشرات من المقاتلين السريان.

وتمكنت هذه القوات من استعادة أربعة أحياء على الأقل بينها الرومانية، وتقاتل على أطراف أحياء أخرى.

ويشرح عبود، القيادي القصير القامة وهو يضع قبعة عسكرية على رأسه ويعلق مسدسا على خصره، أنهم يشاركون في معركة تحرير الرقة “من أجل شعبنا السرياني وكل الشعوب الموجودة في المنطقة”، مضيفا “ليس هناك فرق بين الشعب السرياني أو الكردي أو العربي. كلنا إخوة”.

 ويضيف “دمروا (عناصر داعش) الكنائس في الرقة وفجروا كل شيء. أجبروا المسيحيين الموجودين هنا على اعتناق الإسلام. لهذا شاركنا في معركة تحرير الرقة”.

وكان الآلاف من المسيحيين السريان يعيشون في الرقة إلى جانب الأرمن والأكراد والسكان العرب السنة. لكن كثيرين منهم فروا مع سيطرة داعش على المدينة عام 2014.

وأعلن التنظيم، في 29 حزيران/ يونيو من العام ذاته، إقامة ما سماه “الخلافة الإسلامية” على مناطق سيطرته في سورية والعراق، وخير حينها المسيحيين في مناطق سيطرته بين دفع الجزية أو اعتناق الإسلام أو المغادرة. وفضل الكثيرون منهم المغادرة.

ومع ارتفاع حدة المعارك ضد التنظيم في شمال وشمال شرق سورية، انضم المجلس العسكري السرياني الذي تأسس عام 2013، إلى صفوف قوات سورية الديموقراطية التي تضم مقاتلين أكرادا وعربا وتحظى بدعم واشنطن.

وتشهد الخطوط الأمامية في الرقة معارك عنيفة بين قوات سورية الديموقراطية والجهاديين، تزامنا مع غارات كثيفة ينفذها التحالف الدولي.

ويتمركز المقاتلون السريان عند أحد خطوط القتال المحاذية لحي الرومانية حيث تبدو آثار المعارك والشظايا واضحة على الأبنية المدمرة جزئيا أو كليا.

“طلقة في رأسه”

ويتجول مقاتلون سريان مدججين بسلاحهم عند أطراف حي الرومانية، ووضع عدد منهم وشوما دينية على سواعدهم كالمسبحة والصليب، وكتب أحدهم كلمة يسوع بالأحرف اللاتينية على يده. كما علق آخرون صورة أحد رفاقهم الذي قتل خلال المعارك على بزتهم.

ويوضح عبود “هنا حاصر داعش رفاقنا من قوات سورية الديموقراطية وشن الطيران غارات عنيفة حتى تم فك الحصار عنهم بعد وصول المؤازرة”، مضيفا “لهذا يوجد الكثير من الدمار في هذا الحي”.

في مبنى من طوابق عدة كان داعش يستخدمه مقرا لتدريب عناصره، يفترش مقاتلون سريان الأرض. يتبادلون الحديث، يدخنون السجائر ويحتسون الشاي.

ويؤكد المقاتل أليكسان شمو، 28 عاما، أنه ورفاقه ينسقون بشكل وثيق مع فصائل قوات سورية الديموقراطية في قتال داعش خصوصا على الخطوط الأمامية. ويوضح أنه يشارك في معركة الرقة “ثأرا” لكل الممارسات التي ارتكبها المتطرفون بحق الأهالي والأقليات.

ويقول “داعش عدو لكل القوميات ولكل الطوائف، ونحن مستاؤون لما فعله بالمسيحيين، ولذلك نتواجد هنا” على الجبهة.

ويتابع شمو بحزم “أنا أثأر على كل الأفعال التي قام بها داعش بحق شعبنا وطوائفنا والكنائس التي فجرها وغيرها من الأمور”.

ثم يضيف “سيدنا المسيح قال من صفعك على خدك الأيمن در له الأيسر. لكن بالنسبة لي من يصفعني على خدي الأيمن سوف أضع الطلقة في رأسه”.

ويتابع “أنا أضحي بنفسي من أجل أن يعيش غيري بسلام”.

“لا شيء يوقفني”

ولا تتجاوز أعمار غالبية المقاتلين السريان العشرينات وبينهم القائد الميداني فادي، 23 عاما، الذي يشرف على مجموعة من المقاتلين.

ويقول “نشارك في القتال على الخطوط الأمامية” في بعض الأحياء، مضيفا “تلقينا تدريبات عسكرية ولبسنا هذه البزة من أجل هدف محدد وهو أن نحرر شعبنا وشعوب المنطقة”.

داخل غرفة في مبنى مطل على مناطق تمركز المتطرفين يستريح فيها المقاتلون السريان، يقف قناص أميركي يناديه رفاقه بحورو كريستيان، أي الرفيق كريستيان، وهو أحد المقاتلين الأجانب المنضوين في صفوف قوات المجلس العسكري السرياني إلى جانب مقاتل بريطاني يراقب المنطقة الممتدة أمامه بمنظاره.

ويجهز كريستيان ذو العينين الزرقاوين سلاحه بعد أن يثبته على نافذة بيديه اللتين تكسوهما الوشوم، ثم يطلق النار على أحد الأهداف. فوق حاجبه الأيمن، وشم المقاتل الأشقر جملة “لا شيء يوقفني”، وهو شعار الفيلق الأجنبي الفرنسي، وحدة عسكرية من قوات النخبة في الجيش الفرنسي.

وسرعان ما ترتسم علامات الفخر على وجه كريستيان بعدما أخافت طلقته أحد عناصر داعش. ويصرخ خلفه مقاتل سرياني باللغة الانكليزية مبتهجا “غود، غود” (جيد جيد).

المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.