د. ميسون البياتي
ولد ليوسيف ألكسندروفيتش برودسكي في لنينغراد عام 1940 وتوفي في نيويورك عام 1996 . كانت له علاقه سيئه مع السلطات السوفييتيه وذات يوم من عام 1972 وضعوه في طائره وألقوا به خارج البلاد
حصل برودسكي على جائزة نوبل في الأدب عام 1987 ولقب بشاعر الأمة الأمريكيه عام 1991 وأعتبر الشاعر الرسمي للحكومة الأمريكيه
ولد برودسكي في عائلة يهوديه , والده مصور محترف يعمل في البحريه السوفييتيه ووالدته مترجمه محترفه , لكن العائله كانت تعيش في فاقه في شقة حكوميه . في طفولته المبكره شهد برودسكي معارك لنينغراد حيث أوشك وعائلته على الموت جوعاً أو قتلاً بالقذائف التي سقطت على المدينه
كتلميذ صغير كان برودسكي فتى عنيداً ومعروفاً بمشاكله داخل المدرسه . بعمر 15 سنه إلتحق بمدرسة للغواصات لكنه لم ينجح فيها , ثم قرر أن يصبح طبيباً فعمل للتدريب في كثير من المستشفيات في نفس الوقت الذي أصر على تعليم نفسه ذاتياً وتأدية إمتحانات خارجيه للحصول على الشهاده وإنكب على دراسة الفلسفه الكلاسيكيه والأساطير الدينيه والشعر الإنكليزي والأمريكي
عام 1955 بدأ برودسكي بكتابة الشعر وترجمته عن لغات أخرى غير الروسيه , وفي العام 1958 أصبح معروفاً بأشعاره في حلقة أصدقائه من الشعراء
عام 1960 إلتقى بالشاعره الروسيه الكبيره انا أخماتوفا التي شجعته على مواصلة الكتابه ثم عرّفته عام 1962 على رسامه شابه تدعى ( مارينا باسمانوفا ) كانت ترسم بورتريت لأخماتوفا . مباشرة بدأ الإثنان علاقة عاطفيه رغم أن باسمانوفا كانت على علاقه مع شخص يدعى ( ديمتري بوبياشيف ) وبسبب الغيره قام بوبياشيف بتحريك السلطات ضد برودسكي وكان سبباً رئيسياً في كل المشاكل التي لحقته فيما بعد
عام 1963 هاجمت صحف لينينغراد برودسكي ووصفت أشعاره بأنها ( إباحيه ) و ( معاديه للسوفييت ) وتمت مصادرة أوراقه جميعها ثم حجز لمرتين في مصحة للأمراض العقليه ثم تم إعتقاله وإتهم ب ( التفرقه الإجتماعيه ) في محاكمه وقعت عام 1964 وحكم عليه بالسجن 5 سنوات أشغال شاقه في سجن قرب القطب المنجمد الشمالي ويبعد 350 كيلو متر عن لينينغراد , وكانت باسمانوفا وصديقها بوبياشيف ووالدة برودسكي يزورونه في سجنه الذي كان يعكف فيه على القراءه خارج ساعات العمل الشاق
أطلق سراح برودسكي من سجنه بعد 18 شهر بعد مناشدات دولية مطوله تزعمها جان بول سارتر وأنا أخماتوفا وشعراء كثيرين غيرهم
عام 1967 ولد أندريه إبن برودسكي من باسمانوفا , فقامت باسمانوفا على الفور وبسبب الخوف من السلطات بقطع علاقتها مع برودسكي وسجلت الولد تحت إسم عائلتها , لأنها تلقت تهديداً من السلطات أنهم سيمنعون زواجها منه بكل وسيله وعليها أما قطع علاقتها معه أو ترحيلها معه الى خارج البلاد
حين عاد برودسكي الى لنينغراد وواصل الكتابه وكانت أشعاره تترجم الى الألمانيه والفرنسيه والإنكليزيه وتنشر في الخارج , فكافأته السلطات السوفييتيه على ذلك بمنعه من السفر , وفي العام 1972 تمت إحالته الى مستشفى للأمراض العقليه وصدر تقرير بحقه أنه مصاب بالبرانويا حتى من دون إحالته للفحص
وجهت اسرائيل الدعوة مرتين خلال عام 1971 الى برودسكي للهجرة إليها لكنه لم يوافق , وعندما إستفسرت من حكومة بلاده عن سبب عدم قدومه إليها قال برودسكي : أنا راغب في البقاء هنا وعدم الرحيل الى أي مكان آخر . خلال 10 أيام من هذه المحادثه إعتقلته وزارة داخلية بلاده ووضعته في طائره لا يعلم أين وجهتها ورمته في فيينا / النمسا . وحتى وفاته لم يتمكن من دخول بلاده أو رؤية باسمانوفا مرة ثانيه
في النمسا حصل على فيزا لدخول الولايات المتحده , التي عمل فيها استاذا ً جامعيا ً وواصل نشر كتاباته وأشعاره إضافة الى عمله في العديد من الصحف . في العام 1987 حصل على جائزة نوبل في الأدب , ومن المفارقات أنه كان وقتها مواطناً أمريكيا ً يحصل على الجائزه عن شعره الروسي
عام 1990 وأثناء تدريسه في احدى الجامعات الفرنسيه تزوج من طالبة شابه تدعى ( ماريا سوزاني ) التي تنتمي الى عائلة روسيه ايطاليه وانجب منها بنتاً واحده . أما ( مارينا باسمانوفا ) فقد كانت تعيش في رعب حتى إنهيار الإتحاد السوفييتي عام 1991 وفي هذا الوقت فقط سمح لإبن برودسكي ( اندريه باسمانوف ) أن يرى والده ويزوره مدة 3 أشهر في الولايات المتحده الأمريكيه . أندريه متزوج الآن وله 3 أطفال ويعيش مع عائلته ووالدته في سان بطرسبرغ
عام 1991 أعتبر برودسكي شاعر الأمة الأمريكيه , وفي العام 1996 مات بنوبة قلبيه وكان في 55 من العمر في بيته في نيويورك ودفن في فينيسيا / ايطاليا الى جانب عزرا باوند وإيغور سترافنسكي . أما بيته في سان بطرسبرغ فقد تم تحويله الى متحف يضم كل مخلفات الشاعر