بحث عن (يسوع الناصورائي/الناصري)

ايليا الطائي

بحثي عن (يسوع الناصورائي/الناصري)
في نقش كاريتر الساساني يتحدث الكاهن كاريتر انه بفضل جهوده تحت حكم الملك بهرام الثاني (276-293)م عن صعود المزادئية (المقصود بها الزرادشتية) في الامبراطورية وعلى حساب اضطهاده للديانات والعقائد الاخرى ، وجاء في النقش :
“عندما مات بهرام (بهرام ابن شابور) ، ملك الملوك ، ابن شابور ، بهرام الثاني ، ملك الملوك ، أبن بهرام أبن شابور ، السخي ، العادل ، الحميم والرقيق ، الفاحص والورع في الامبراطورية ، جاء الى العهد ، ولحب اهورامازدا والالهة ، ومن أجل روحه رفع رتبتي وعناويتي في الامبراطورية وفي جميع المقاطعات ، وفي كل جزء من الامبراطورية ، فإن اعمال عبادة اهورامازدا والالهة تم تعزيزها ، …وحققت الهة الماء والنار والحيوانات الاليفة رضا كبير في الامبراطورية ، ولكن اهيرمان (اله الشر) والاصنام عانت ضربات كبير واضرار كبيرة ، واختفت العقائد الكاذبة من اهيرمان والاصنام وذات المصداقية المفقودة من الامبراطورية ، وقد تم ضرب اتباع العقائد الغير مزدائية منها :
اليهود (yahud) ،
والبوذيين (saman)
، الهندوس (barman)
، النصارى او الناصورائيين (ndsrd / nāṣrā/ Mandeans )
، المسيحيين (kristiyan) ،
المعمدانيين (makdag)
، المانويين
(zandlk ، الزنادقة)
، تم تحطيمها في الامبراطورية وتدمير اصنامهم
(uzdēs)
وابادة بيوت اصنامهم
(gilist) وتحويلها الى عروش
(gāh) ومقاعد للالهة …” .


(مصدر النقش :
JOSEF Wiesehofer / Ancient Persia From 550 Bc To 650 Ad)
وخلال النصف الثاني من القرن الالث عندما اخذ كاريتر على عاتقه تقويم السياسة الدينية للامبراطورية عمل على القضاء على جميع صور الالهة الاخرى ، وأمر بتدمير الاديرة البوذية في باكترا (بلخ) لأن صورة بوذا في تلك الاديرة بدأت تأخذ صورة الالهة اهورامازدا ، حيث ان بوذا بدأ يظهر باسم (بوذا-مازدا) ، وهو ما اعتبره كاريتر بدعة مزدائية (زرادشتية) .
– اما عن العلاقة بين الناصورائيين والنصارى ؟
فحسب الدكتور خزعل الماجدي في كتابه (أصول الناصورائية المندائية في آريدو وسومر ) أن اسم (الناصورائيين) هو الاسم الأول الأقدم للمندائيين، لكنه يعني اليوم “المتمكّن من أمور الدين والعالم بأسراره الخفية سواء أكانت له صفة كهنوتية أم لم تكن”، ويصل في استنتاجه إلى أبعد من ذلك، بأن الناصورائيين هم أحد شعوب وادي الرافدين، الذين ظهروا في السهل الرسوبي الجنوبي بين دجلة والفرات، وكانوا يؤمنون بعقائد الخصب القديمة، التي أصبحت تدور حول الإله الذكر، وليس حول الإلهة الأم في بداية عصر الكالكوليت (العصر الحجري النحاسي).ويفترض الماجدي ايضاً بأن أتباعها هم من أسّس أول مدينة في التاريخ، وهي أريدو، التي كانت عند فم الفرات، وهو يصب منفرداً في الخليج العربي، وهناك ظهر أول معبد في التاريخ فيه إله الماء (إيا)، الذي كان السومريون يسمونه “إنكي”، مع ترجيح أن الـ”ناصورا” أو “نسّار”، هم الشعب الذي أسس حضارة أريدو وأسس لديانة الماء الأولى. (انتهى الاقتباس) .
وقبل فترة قال لي الدكتور والصديق الرائع عامر عبد الله الجميلي نقلاً عن الاستاذ بنيامين حداد ملاحظة رائعة وهي : ان لفظة نسطوروس اليونانية وتعني : المعرفة ، وأن يسوع لم يكن نصراني من الناصرة لأنه ببساطة من بيت_لحم ، ويذهب إلى أنه كان ناصورائي غنوصي ، وهو مذهب قريب من المندائية_المنداعية ( المعرفية ) لارتباطه الوثيق بيوحنا المعمدان صاحب المندائية .
– علاقة يسوع بالاله ايا (الاله انكي) :
نقلاً عن الدكتور والصديق الرائع (اسامة عدنان) في كتابه (ابحاث في تاريخ الشرق الادنى القديم) : تذكر اسطورة ترد في الاناجيل ان يسوع ركب قارباً يوماً :”فتبعه تلاميذه وهبت عاصفة شديدة في البحر حتى غمرت الامواج القارب ، وكان يسوع نائماً ، فدنا منه تلاميذه وايقظوه وقالوا له :نجنا يا سيد نحن نهلك! فاجابهم يسوع: مالكم خائفين ، يا قليلي الايمان؟ وقام وانتهر الريح والبحر ، فحدث هدوء تام ، فتعجب الناس وقالوا : من هذا حتى تطيعه الرياح والبحر” .
والدراسة للنص تشير الى وجود اقتباس من الادب البابلي ، والحقيقة ان هناك اسطورة بابلية طالما نظر اليها على انها ذات اثر في اسطورة هبوط ادم من الجنة ، ولم يتم ربطها بشكل جاد بالتراث الانجيلي وهي اسطورة ادابا ، ونقرأ في هذه الاسطورة :
“(في احد الايام) على الرصيف المقدس ، رصيف القمر الجديد
ركب سفينته الشراعية
وبريح مواتية كانت السفينة تتابع تقدمها
وبواسطة عصا الغرز وحدها كان يوجه سفينته
وعند وصل الى عرض البحر الفسيح
بدأ يصطاد وكان البحر مثل مرآة …
(…..)
ولكن ريح الجنوب بدأت تهب بشدة فاغرقت
سفينته ورمتها في عالم الاسماك
يا ريح الجنوب (صرخ لها) لتقع اللعنة
على جميع مخازيك !
لاكسرن جناحك! ما ان تلفظ بهذه الكلمات
حتى انكسر جناح ريح الجنوب
ان لعنة ادابا أدت الى توقف هبوب ريح الجنوب”
ان مقارنة اولية للنص تكشف التشابه المذهل بين الاسطورتين ، فالاثنين ادابا ويسوع يركبان قارب ويواجهان عاصفة من الرياح ويستخدمان قوة الكلمة (سحر الكلمة) في ايقاف هذه العاصفة ، اللعنة بالنسبة لادابا وانتهار الريح (ربما المقصود بها لعنة ما) في حالة يسوع ، ولكن الامر لا يقتصر عند ذلك الحد ، إذ ان قراءة اسطورة ادابا والاساطير المتعلقة بيسوع في الاناجيل تكشف عن تماثل اعمق ، فالمسيح كما هو معروف هو أبن الله وان ادابا هو أبن الاله ايا (الاله انكي) ، ونعرف كذلك ان يسوع كان شافياً للامراض وان ادايا قد منح هذه الهبة ايضاً من الاله الاكبر انو :
” وبما ان ادابا هو من الجنس البشري
وبطرقه الخاصة يتمكن من كسر جناج ريح الجنوب
وبما انه دونما عقاب صعد الى السموات فليكن قرارنا كذلك :
كل ما ستسببه ريح الجنوب من شر للبشر
واي مرض ستضعه في جسم البشر
مع ادابا سوف تتمكن نيكارراك (الهة الصحة والشفاء) من تهدئتها
وعند ذلك فيتبدد الشر وليبتعد المرض !
ولكن بدونه لتأتِ الحمى المقرسة
بحيث لا يتمكن المريض من اخذ راحته في نوم هانئ”
يتضح من هذا الاستعراض الاثر الكبير الذي تركته اسطورة ادابا في شخصية يسوع كما اظهرتها الاناجيل . (انتهى الاقتباس)
– العلاقة بين السومريين والمندائيين (الوضوء والاغتسال عند السومريين) :
كان الوضوء عند السومريين طقساً لازماً وواجباً ليس للقيام بالصلاة فقط بل لممارسة أي مرسوم ديني و كان يصحب الوضوء كلام او تمتمات دينية مختلفة ، و يبدو ان الوضوء كان يقتصر على غسل الأيدي فقط ، و يبدو ان البركة او الحوض الطقسي كان يسمى ( أبسو ) و الذي كان في اغلب المعابد السومرية وضوحاً في ( أريدو و في لكش ) هذا الحوض كان متصلاُ بقنوات مياه جارية خارج المعبد ، ويذكرنا هذا الاجراء باحواض التعميد في (مندي) الديانة الصابئية المندائية .
و يُعتقد ان الوضوء كان يجري وفق شعيرة دينية للتقرب من الاله ( أنكي ) الذي هو اله الماء و الحكمة و خالق الانسان عند السومريين ، وان مس مياهه لجسد الانسان ويديه كان يعني بمثابة اعادة خلق مطهر لهذا الجسد .
– التعميد بين المندائية وتعميد يسوع :
عند المندائية يتم التعميد في المياه الجارية والحية لأنه يرمز للحياة والنور الرباني. وللإنسان حرية تكرار الصباغة متى يشاء حيث يمارس في أيام الآحاد والمناسبات الدينية وعند الولادة والزواج أو عند تكريس رجل دين جديد. وعرفته المسيحية ، فيعتقد المسيحيون بأنه هو نفسه الذي ناله عيسى بن مريم (المسيح) عند صباغته من قبل يهانا الصابغ عند المندائية و(يحيى بن زكريا) في الاسلام و(يوحنا المعمدان) في المسيحية .

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.