تصدير: تم احتلال أورشاليم عبر التاريخ 24 مرة, وطُرد منها اليهود 20 مرة.
من الممكن أن نقرأ عن اليهود أكثر, من الممكن أن نقرأ عن اليهود من خارج المصادر العربية, فكل معلوماتنا عن اليهود هي بالأصل من كُتّابٍ عرب لم يخرجوا خارج كُتب التفسير القرآنية , من الممكن أن نتعرف على اليهود أكثر, من الممكن أن نُغير وجهة نظرنا عبر قراءة مصادر جديدة من خارج الثقافة العربية, وأنا أتساءل هنا عن مشروع(قصة الحضارة) الذي كتبه المؤرخ : (وِل ديورانت) , لماذا مثلا لا يعرف عنه طلاب المدارس والجامعات أي شيء؟ هذا المؤرخ والفيلسوف كتب عن اليهود بأسلوب علمي ومتحرر واكتشف بأن الشعب اليهودي على مر التاريخ كان شعبا مظلوما ومسكينا , من الممكن أن نتحاور معهم أكثر وبطريقة علمية, من الممكن أن نعود في معرفة اليهود إلى البحث العلمي الدقيق بدل أن نعود لمعرفتهم إلى أناسٍ لم تتجاوز ثقافتهم السادس الابتدائي, من الممكن أن نقرأ عن تاريخ اليهود من خلال علماء من خارج الثقافة العربية بدل أن نعرفهم من أصحاب الدكاكين السُذّج الذين يعقدون في دكاكينهم مؤتمرات غير علمية يظنون هم أنفسهم أنها مؤتمرات علمية وهي بعيدة كل البعد عن العلم, وكل الآراء التي أسمعها عن اليهود هي لأشخاص غارقون في الجهل والتخلف والقمع والإرهاب وبعيدون كل البعد عن روح البحث العلمي الدقيق, فكم ظلم هؤلاء المؤرخون اليهود ظُلما كبيرا ووصفوهم بأنهم قتلة العلماء, غير أننا نحن العربُ المسلمون من نقتل العلماء والمثقفون ونحاصرهم في لقمة خبزهم ونلاحقهم بأقذع وأسفل وأنذل وأحط وسائل الملاحقات الدنيئة البعيدة عن الأخلاق والروح الرياضية , اليهود اليوم هم من يقودون الأبحاث العلمية وهم من يساهمون في دفع مخرجات الأبحاث العلمية لتصل إلى المصانع ليستفد منها عامة الناس شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
من الممكن أن نستمع لليهود أكثر, فبإمكاننا تقوية حاسة السمع لدينا لنعرف عن هذا الشعب المسكين أكثر, بإمكاننا أن نسمع عنهم من خارج البلدان العربية الإسلامية التي تفتقر الكُتب التي تتحدث عن اليهود,نعم, تفتقر تلك الكُتب إلى أساليب البحث العلمي الدقيق, من الممكن أن نجعل حاسة السمع عندنا أقوى مما هي عليه, من الممكن أن نذهب في رحلة علمية إلى تل أبيب لنرى هذا الشعب عن قُرب أكثر , من الممكن أن نتربع في فصل الربيع على تل الربيع(تل أبيب) لنستمع لوسائل الإعلام لديه وأن نشاهد نمو المجتمع المدني الحديث هنالك أكثر.
إذا كان بيني وبينك مشكلة, فلماذا لا أتحدث معك مباشرة عن هذه المشكلة؟ لماذا مثلا أذهب إلى جيرانك, ومن هذا المنطلق لماذا لا نعطي لليهود فرصة في التكلم, لنعرفهم أكثر ولنتقرب إليهم أكثر, ولنقيم معهم علاقات صحية وسليمة مبنية على أسس متينة؟.
من الممكن أن نقوي لدينا حاسة النظر أكثر, لكي نشاهد اليهود بصورة دقيقة أكثر من هذه الصورة المشوشة, فأنا مثلا قرأت 70% من الكُتب المكتوبة باللغة العربية عن اليهود ووجدت أنها كلها عبارة عن فكرة واحدة وكل الكُتب التي تُطبع عن اليهود ما هي إلا صورة طبق الأصل عن كِتابٍ واحد أو عن أربعة أو خمسة كُتب , وكلها لا يوجد فيها كلمة علمية واحدة عن اليهود, وبإمكاننا تصليح الماضي وتصليح الأخطاء وتصليح الرؤيا المزيفة والوهمية عن اليهود.
بإمكاننا أن نزيد مساحة الشم لدينا أكثر, لنشتم رائحة هذا الشعب اليهودي المظلوم والمكلوم , فلم أقرئ طوال حياتي عن شعب ظلمه التاريخ والمؤرخون كما ظُلمَ اليهود, فكل العالم الغربي والشرقي ظلم هذا الشعب, الذي طُرد من دياره أكثر من مرة واحتل الأغراب دياره ووطنه ما يقرب من 24 مرة عبر تاريخهم الطويل منذ نشأة البشرية إلى هذا اليوم.
كان الملوك في أوروبا يقيمون مع اليهود شراكات سرية تجارية, فقد كانت الحكومات في شرق أوروبا وغربها يحرمون إقراض المال بالفائدة, وكان اليهود لا يحرمون إقراض المال بالفائدة لسبب وجيه وهو أن اليهود كانوا وما زالوا يفرقون بين تأجير رأس المال وبين الربا نفسه, فكان اليهود ينظرون إلى المال ويؤجرونه كما نؤجر نحن اليوم العقارات, فالعقارات مثلها مثل المال من الممكن تأجيرها, وعلى هذا الأساس كان اليهود يؤجرون أموالهم للناس ويحصلون منها على سعر الفائدة لأن المُقترض أيضا كان يستفيد من تشغيل أموال اليهود, ولهذا السبب برع ونجح اليهود في الأعمال التجارية والمصرفية وفي القرون الوسطى كانوا يقرضون المال لأصحاب المشاريع الصغيرة والكبيرة حتى الملوك ورؤساء الحكومات كانوا يستدينون منهم بسعر الفائدة, وحين كانت تنمو أموال اليهود وتزداد كان الغيظ منهم شديد فيحقد عليهم الملوك والتجار فيلاحقونهم بتهمة خيانة الدولة أو بتهمة مرض الكوليرا, فحين كان يظهر مرض الكوليرا كان حُساد اليهود وأعداءهم يتهمونهم بتهمة تصنيع المرض في مختبرات خاصة, فيقومون عليهم ويضربونهم ويقتلونهم ويسحلونهم في الشوارع ويصادرون كل ما لديهم من أموال, لذلك كانوا يهربون من البلد الذي يضطهدهم إلى بلدٍ آخر وتتكرر نفس القصة ونفس المأساة, فعلا هذا الشعب مظلوم وبحاجة لأن نعرفه معرفة حقيقية وأن نفتح له صدورنا وعيوننا وحواسنا الخمس لنشعر به أكثر ولنراه بدقة.
وعلى هذا الأساس بإمكاننا أن نحب الشعب اليهودي وأن نعيد ترتيب علاقاتنا معه من جديد وعلى العالم الذي يتعاطا اليوم بالربا وبتأجير رأس المال أن يعتذر لليهود على سوء الظن الذي ظن عليه بالعداوة وبالبغضاء, بإمكاننا تقريب وجهات النظر أكثر, فهذه الأرض واسعة جدا وبإمكاننا أن نحل مشكلة القضية الفلسطينية وأن نعيد لليهود أرضهم التي احتلها الغرباء أكثر من 24 مرة عبر التاريخ.