بعد صدور نتائج الانتخابات البرلمانية في العراق ، ارتفعت الاصوات الى السماء صارخة متذمرة و مشتكية من تزوير الانتخابات في العديد من المحافظات وفي خارج العراق . و قد تم تشخيص المزورين وكتلهم ، وادينت مفوضية الانتخابات الحزبية لقيامها بمداراة عملية التزوير التي قامت بها بغلق بعض مراكز الاقتراع للتستر على خزيها بعد انكشافه، مما اضطرت المحكمة الاتحادية لاصدار الامر بتجميد عمل المفوضية المستقلة للانتخابات وتشكيل مفوضية مؤقتة بديلة من تسعة قضاة لاعادة عد وفرز الاصوات لكافة صناديق الاقتراع ولكل المحافظات يدويا وليس الكترونيا ، الا ان هيئة القضاة الجدد تحايلوا على قرار المحكمة و رفضوا العد والفرز الكلي و اكتفوا بالعد والفرز اليدوي لصناديق المحطات والمراكز التي تم الاعتراض عليها و التشكيك بحصول التزوير فيها فقط .
استبشر العراقيون خيرا بالمفوضية الجديد للقضاة على امل اعادة العد والفرز اليدوي للصناديق المشبوه بتزويرها سيكشف الفاسدين والمزورين وستحدد اسمائهم و يرسلون للمحاكم و السجون ليتخلص الشعب من هذه الجراثيم التي تعيش بالبلد فسادا .
انتظر الشعب العراقي طويلا حتى انتهت مفوضية القضاة من عملياتها في كشف نسبة التزوير و اعلان اسماء المزورين والفاسدين . الا ان الامور تمت (طمطمتها) مع عدالة القضاء ، تحت تاثير ضغط قوى الفساد المتنفذة في الاحزاب والكتل السياسية الكبيرة المتجذرة بداخل القضاء ايضا ، وصاحبة القدح المعلى في التزوير . تلك الكتل التي هي راس الفساد السياسي و المالي و المسؤولة عن تزوير الانتخابات كي تضمن مقاعدها في البرلمان القادم ، ويتبوأ شخصياتها المعروفة في عالم السياسة الفاسدة بمغانم المناصب والمكاسب و اموال الدولة والشعب منذ ابتلاء العراق بتلك الوجوه الكالحة التي ترتدي عمامة الدين وعبائته، و تتستر ببرقع الايمان لكنها هي الطاعون الاسود ذاته الذي جلب الخراب و الدمار وداعش وافلاس الخزينة و ازهاق ارواح مئات الالاف من ابناء الشعب والجيش و الحشد .
صادقت المحكمة العليا على نتائج عمل مفوضية القضاة الجديدة وانتهت مهمة القضاء ، وتم السكوت عن نتائج التزوير و لم تعلن اسماء الفاسدين والمزورين واعلان من هم اصحاب رؤوس الفساد الذين اخّروا عملية تشكيل البرلمان والحكومة الجديدة بتزويرهم . ويبدو ان شعار الكل هو شيلني و اشيلك ، استرني واسترك . اذن من كان وراء التزوير والعبث باصوات الناخبين ؟
اين اصوات المعترضين و الصارخين و المتضررين ؟ هل تبددت الاصوات المعترضة في الفضاء ؟
تامل الشعب ان لجنة القضاة الجديدة ستشكف حفنة من الفاسدين ، وسيحالون الى المحاكم ، وستطيح رؤوس كبيرة ومن كان وراء تلك العمليات اللاقانونية، والذين يلهثون لدخول البرلمان وتشكيل الحكومة وهم حفنة من المزورين الغير مستحقين لهذه المناصب وجلهم من اللصوص والجهلة في عالم السياسة ، وهم من كان وراء المصائب التي حلت بالعراق وذاق مرارتها فقراء الشعب .
لقد هدأت تلك العاصفة ولم يعد احد يذكر عمليات التزوير للانتخابات البرلمانية ، وكان الشعب حقق مطاليبه و القي بالمزورون والفاسدين وراء القضبان . لكننا نرى اليوم ان نفس الوجوه الكالحة التي شاركت بالبرلمان السابق و المناصب الحكومية وقادة الكتل و الاحزاب الفاسدة التي دمرت العراق ، هي من تجتمع مع بعضها لعمل التكتلات والتحالفات الجديدة لتشكيل الكتلة الاكبر التي ستحوز على اكثر مقاعد البرلمان العتيد لترشح رئيس الوزراء الجديد من احزابها المؤتلفة معها ، لتعود حليمة الى عادتها القديمة في التحكم بمفاصل الدولة والوزارات و اموال الشعب .
الغريب ان كل دول العالم تشكل حكوماتها بنفسها الا العراق مستثنى من هذا العرف، فلابد ان يتجول قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الايراني ومندوب ولاية الفقيه في العراق و يتحرك سفراء ايران و امريكا وبريطانيا بين الكتل السياسية والاحزاب، وتجري اللقاءات السرية على قدم وساق بينهم وبين المتنافسين على المناصب للتحكم بمن يدخل البرلمان ومن ترضى عنه تلك الدول ليرعى مصالحها اولا ليصبح رئيس الوزراء الجديد ، وكان العراق ولاية تابعة لتلك الدول وفاقد السيادة ، اوهي وصيّة عليه لتشكيل الحكومة والبرلمان فيه .
لقد ارتهنت ثروة العراق بيد ولاية الفقيه وحكام ايران بمساعدة العراقيين من عملاء ايران وقادة الميليشيات الايرانية العراقية والاحزاب الدينية الشيعية، فقد خططوا لتعويض خسائرهم المالية والانخفاض الحاد في سعر العملة الايرانية من دولارات العراق وثروته ، عملوا جاهدين على افشال الزراعة وايقاف عجلة الصناعة العراقية ليبقى العراق تابعا لأيران يستورد منها كل احتياجاته ، من المواد الغذائية والبنزين والطاقة الكهربائية و مواد البناء وتضخ البنوك العراقية لها بمليارات الدولارات الخضراء لتعويض خسائر التومان الايراني واسناد ايران التي اغتصبت طائراتنا العسكرية والمدنية بالجملة وتطالبنا اليوم بتعويضات حرب الثمان سنوات بالف ومائة مليار دولار . وحولت العراق سوقا رائجة للمخدرات بأنواعها القادمة عبر الحدود الايرانية مع زوار العتبات الدينية في النجف و كربلاء و سامراء .
لا يوجد اي وطني عراقي يقف بوجه ايران ليقول لها لماذا قطعت كل مياه الانهار القادمة من ايران والتي تصب مياهها في الاراض العراقية وجففت انهار العراق بالتعاون مع تركيا، وحولت مياه شط العرب العذب الى مياه مالحة وآسنة غير صالحة للاستهلاك البشري والزراعي والحيواني ؟
ولكن الاصوات تتعالى من عملاء ايران في العراق بالرفض والاستهجان ، عندما صرح رئيس الوزراء بانه سيوقف التعامل بالدولار مع ايران استجابة للعقوبات الامريكية .
للاسف اصبح العراق قفص كله دجاج ولا يوجد فيه ديك واحد !!