د. ميسون البياتي
ولد أوسكار وايلد عام 1854 وتوفي عام 1900 وكان مؤلف مسرحيات آيرلندي وروائي وكاتب مقالات وشاعر . كتب بعدة أشكال وأساليب في الأدب خلال عقد الثمانينات من القرن التاسع عشر فأصبح واحداً من الشخصيات المحبوبه في لندن . يتذكره الناس بسبب روايته ( صورة دوريان غراي ) ومسرحياته وملابسات إعتقاله وموته المبكر
ولد اوسكار وايلد في دبلن عاصمة آيرلندا وكان الثاني بين ثلاثة أخوه , والدتهم كانت شاعره لها إسم شهره هو ( سبيرانزا ) وهي كلمه إيطاليه تعني : الأمل , وكانت تكتب الشعر الثوري لشباب آيرلندا لأنها ( آيرلنديه وطنيه ) وكانت تقرأ أشعارها لأولادها وتحببهم في موضوع إستقلال آيرلندا . كما أنها كانت مولعه بالرسم وتقتني في منزلها الكثير من التحف . أما والده فكان فارسا وطبيباً ألّف العديد من الكتب عن الآيرلنديين
تم تعميد اوسكار وهو طفل في الكنيسه الإنكليكانيه الآيرلنديه وكانت والدته تأخذه مع أخوته لزيارة الكنيسة في الآحاد . عام 1855 وكان عمر اوسكار عاما ً واحداً إنتقلت العائله الى بيت جديد واسع وسرعان ما تحول جانب من البيت الى عيادة ومركز ثقافي
حتى عمر 9 سنوات كان تعليم اوسكار في بيت العائله على يد معلمين فرنسيين وألمان , وبعد ذلك إلتحق بالمدرسه وبقي اوسكار يعيش في هذا المنزل حتى منتصف العشرينات من عمره حين إلتحق بكلية ترينتي في دبلن بين عامي 1871 _ 1874 حيث إستفاد من الدراسة فيها بالتعرف على كلاسيكيات الأدب اليوناني , بعدها إلتحق بجامعة الجمعيه الفلسفيه , ثم إلتحق بكلية ماجدالين في أوكسفورد حيث قرأ فيها روائع الأدب العالمي بين عامي 1874 _ 1878
في اوكسفورد تعرف اوسكار وايلد على الماسونيه ودخل فيها وسرعان ما حصل على لقب ( ماستر ) أما فيما يتعلق بدراسته فقد تعمق في دراسة علم الجمال والمدارس الأدبيه الرومانسيه ومدارس العصر القوطي , فأطال شعر رأسه وإنتقد الرياضه بإعتبارها أفعالاً رجولية خشنه وزيّن مكانه بريش الطاووس والزنابق والخزف الصيني , وبدأ يرتاد المطاعم والحانات الفخمه مما أدى الى تهجم النقاد عليه ودفع 4 من طلابه الى محاولة الإعتداء عليه بالضرب
بعد التخرج من اوكسفورد عاد اوسكار الى دبلن فوجد حبيبة طفولته ( فلورانس بالكومبي ) وقد خطبت الى شخص آخر وتزوجته عام 1878 فإنزعج وكتب لها (( السنتان الحلوتان _ كانتا أحلى سنوات شبابي )) ولم يزر آيلند بعدها إلا في زيارتين قصيرتين
عام 1881 وجهت دعوه الى اوسكار وايلد لزيارة أمريكا التي وصلها بداية عام 1882 وإستمرت مدة عام كامل وكان يحاضر فيها عن علم الجمال ( الإستاتيك ) الذي كان حينها في طور الإنفصال عن الفلسفه كعلم مستقل ولم يكن معروفاً بما فيه الكفاية بعد , ويعد اوسكار وايلد واحداً من المؤسسين لهذا العلم الذين ساعدوا على إنفصاله عن الفلسفه
في العام 1881 كان اوسكار قد تعرف على ( كونستانس لويد ) وهي إبنة مستشار الملكه الثري ( هوراس لويد ) حين إلتقاها مرة ثانيه في لندن عقب عودته من امريكا عرض عليها الزواج فتزوجا عام 1884 وأنجبا ( سيريل ) 1885 و ( فيفيان ) 1886
تم نشر النسخة الأولى من رواية ( صورة دوريان غراي ) عام 1890 وهي تتحدث عن رجل وسيم يدعى ( غراي ) رسم له أحد الرسامين صورة من كثر ما كانت جميله جعلت غراي يتمنى لو أن الصورة تهرم بدلاً عنه بينما هو يبقى الى آخر عمره محتفظ بشكله الشاب
تلقى النقاد الرواية بالإستهجان ووصفوها ب ( منحطه , نجسه , سامه , وذات روائح نتنه ثقيله من التعفن الأخلاقي والروحي ) وإنتقدوا التلميحات الفاحشه التي فيها والمثلية الجنسيه , لكن اوسكار رد على ذلك بأن من يمتلكون حساً فنياً وجمالياً سيرون مواضع الجمال في الروايه , أما الذين لا يملكون غير إنحطاطهم الأخلاقي فلن يجدوا فيها غير إنحطاط الأخلاق
ومن أشهر مسرحيات اوسكار وايلد مسرحية ( سالومي ) , ( مروحة الليدي ويندسمير ) و ( إمرأه بلا أهميه ) و ( الزوج المثالي ) و مسرحية : أهمية أن تكون جاداً
منتصف العام 1891 تعرف اوسكار وايلد على اللورد ألفريد دوغلاس , ونشأت بينهما علاقة مثليه حميمه وكان اوسكار يحب و يدلل اللورد دلالاً كبيرا ً في جميع نزواته الماديه أو الفنيه أو الجنسيه , وسرعان ما أقنع اللورد صديقه اوسكار بتعريفه على شبكة دعاره للمثليين حيث يستطيع أن يلتقي فيها بمن يشاء منهم بعد دفع الثمن . في هذه المرحله أصبحت حياة اوسكار وايلد العامه بما فيها من فن وفلسفه وأخلاق متناقضة تماماً مع حياته الخاصه
والد اللورد ألفريد دوغلاس ويدعى ( كوينزبري ) كان مستاء جداً من العلاقه بين ولده واوسكار , لهذا ذهب إليه وهدده , فما كان من اوسكار وايلد إلا رفع دعوى ضد كوينزبري متهماً إياه بالتشهير . قام محامو كوينزبري برصد متحرين خاصين للعثور على دليل ضد اوسكار يثبت شذوذه الجنسي فكانت النتيجه أن أوسكار وايلد دخل القضية مشتكياً وخرج منها مداناً إضافة الى تحميله كل مصاريف المحاكمه التي خرج منها مفلساً مالياً إضافة الى الحكم عليه بالسجن , وكان نظام السجون في لندن هو ( أشغال شاقه مع طعام وفراش سيء ) لذلك إعتلت صحة اوسكار وايلد كثيرا , وذات يوم سقط مغشياً عليه بسبب الجوع والمرض فتمزقت طبلة أذنه وبقي بعدها مدة شهرين في المستشفى وبعدها تم تغيير سجنه
أطلق سراحه من السجن عام 1897 فحاول الدخول الى دير لمدة 6 أشهر لكن طلبه رفض فغادر إنكلترا وإتخذ له إسماً جديداً هو ( سباستيان ميلموث ) وحاول أن يعمل ليرمم حياته من جديد , لكنه في العام 1900 أصيب بإلتهاب السحايا الدماغيه ومات في باريس ودفن فيها وكان في السادسة والأربعين من العمر