انياب الجشعمي الطائفية

خيلوا معي ان خالد الجشعمي سيحتل ذات يوم منصب سياسي رفيع في العوراق العظيم ، ماذا سيحدث؟.
قبل ان يشطح بنا الخيال نعرف ان هذا الخالد الجشعمي هو رئيس كتلة المواطن في مجلس محافظة النجف،وعبر هذا المنصب كشّر عن انيابه الطائفية امس ليلوك كلاما لامحل له من الاعراب عن “عيد الحب” الذي حل علينا في الاسبوع الماضي.
قد يملك هذا الجشعمي اللاتوب او ألاي باد، من باب الديكور على الاقل، ولكنه لم يبحث ابدا في موقع”غوغول” عن معنى هذا العيد الذي لايقتصر على الكفار وانما يشمل جميع من يتنفس في هذه الكرة الارضية.
لوسألناه اولا هل يعرف ماذا تعني كلمة الحب التي بات العراقيون احوج لها الان اكثر من اي وقت مضى؟.
هل قالوا لك مثلا ان تستغل هذه المناسبة لتذّكر العراقيين، فقط كيف يستثمروا هذا الحب ليعيشوا مع الآخرين بسلام أم انك تريدهم لاهم لهم سوى “اللطم” وانت لاهم لك سوى ان توعز ل”الجندرمة” بتأمين الطرق لحجيجي العتبات المقدسة؟.
مناسبة هذا الكلام الذي استفز الكثير من العراقيين هو مطالبته المحافظ عدنان الزرفي، مع مدير الشرطة بتقديم اعتذار رسمي إلى المجلس لعدم تنفيذ قرارات صادرة بشان قدسية المدينة، واقامة شباب لمراسيم احتفال في “عيد الحب” بحضور عدد من مسؤولي المحافظة.
بوية الجشعمي هل اقامة مراسيم الحب تتعارض مع اسمى غاية بشرية الا وهي الحب لتقول بعد ذلك ان “ما حصل في الاحتفالية إساءة لقدسية المدينة وأقرب الى الشيطان والبدعة والتشبه بالغرب”.
هذا كلام ” حيل جبير” يا الجشعمي.
كل الاديان الارضية والسماوية تعرف الله ربما اكثر منك بمئات المرات، اما التشبه بالغرب فله حديث آخر بعد ان تنظر الى اثاث بيتك وسيارتك واسحلة رجال الحماية الذين يحموك من غدر الطغاة.
لماذا تريد ان تؤكد على طائفيتك في هذا القول”هو اهنا ناقصين”.
هل قرأت خطبة الرسول في يوم الغدير؟ اقرأها جيدا وسترى كم انت سفهت المذهب بادعائك هذا.
ولأنك تريد لقولك ان يكون صارما لدى البسطاء من الناس فقد استعملت للمرة الثانية كلمات “جبيرة” حين حذَّرت مما عدته “ممارسات خطرة ومتعمدة ومقصودة للإساءة إلى المدينة المقدسة”وأن “الحرية حق كفله الدستور، إلا أن هذا الحق تؤطره اعتبارات زمانية ومكانية واجتماعية وعرفية”.
هناك اسئلة كثيرة تخطر على بال اولاد الملحة في محافظتك ومنها هذه العينات:
هل زرت مستشفيات المحافظ لترى بأم عينك كم من اطنان التلوث تصدر الى جيرانها الساكنين بالقرب منها؟
هل زرت المدينة القديمة لتتطلع على مستوى حياة الناس هناك وكيف يعيشون؟.
هل قرأت آخر دراسة ميدانية عن عدد المتسولين من الاطفال هناك؟.
هل تملك الشجاعة لتحث ألمرجعيات على تقديم خدمات افضل الى مواطنيها.
هل زرت الدوائر الخدمية حيث ستجد مئات المراجعين يمسكون معاملاتهم بيد والآف الدنانير بيد اخرى؟.
اذا اكدت انك حققت 50% من برنامجك الانتخابي فاولاد الملحة مستعدون للتظاهر تأييدا لك وانا واحد منهم.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.