انتزاع الأطفال من والديهم في السويد

Eiad Charbaji
 مشهد انتزاع الأطفال من والديهم في السويد بالقوة وصرخات والدتهم لاسترجاعهم مؤلم إنسانياً (شاهد الفيديو:  شاهد الشرطة السويدية تسحب طفل من عائلة سورية ” لاجئة ” بسبب العنف …)، بل مفجع وقاتل لكل من فيه ذرة من ضمير انساني، فكيف إذا جرى ذلك مع سوريين مهجرين هاربين من الموت والظلم، خصوصاً وأن ذلك يحدث في بلد ديمقراطي المفترض أنه يحترم حقوق الانسان؟!!
لكننا في الفيديو المتداول شاهدنا هذه اللحظة الدرامية وتأثرنا بها، ولم نعرف ما سبقها من أحداث ومواقف حتى وصل الأمر إلى هنا، سيما وأن هناك شهادات مناقضة عدة لسوريين آخرين يعرفون العائلة وسلوك الوالدين العنفي مع أطفالهم، لكن أحداً لم يصور تلك اللحظات التي لو كنا رأيناها لربما انقلبت مواقفنا بالكامل.
ومع أملي أن تستعيد العائلة اطفالها ويعودوا لحضنهم، إلا أن هناك ثلاثة أمور يجب على العائلات السورية في بلدان اللجوء أن تدركها كي لا تتكرر هذه المشاهد المفجعة:
أولاً: يجب أن يدركوا أنهم ضحايا منظومة اجتماعية وفكرية بالية ومدمرة في الأساس فيما يخص تربية الأولاد، تجعل الأطفال وأجسادهم وسلوكهم ولباسهم وقناعاتهم وأحلامهم ملكاً شخصياً لذويهم، يحق لهم التعامل معه كما يشاؤون دون رقيب أو حسيب، وربما من حسن حظهم الآن أن سنحت لهم الفرصة ليتعرفوا على نمط جديد من التربية أوصل الغرب إلى ما هو فيه رفاه واحترام، وقطعوا البحور والجبال علّهم يتمتعون ببعضه، والأحرى هنا أن يتعلموا من هذه التجربة ويستفيدوا منها، لا أن يكرروا ما اختبروا فشله وهربوا منه.!!
ثانياً: يجب أن يتصالحوا مع حقيقة أن عليهم هم أن يتكيفوا مع قوانين البلاد التي لجؤوا إليها لا العكس، خصوصاً إذا كانت تلك البلاد هي من تعيل أطفالهم وتعلمهم وترعاهم في أحسن الظروف، والأمر هنا ليس بمعنى أن من يدفع يفرض شروطه، بقدر ما لأن كل طفل ينشئ هناك هو مشروع مواطن في المستقبل، ومن حق أي دولة -بل واجب عليها- أن تضمن تنشأة جسدية ونفسية سليمة لمواطنيها الذين ربما يخرج منهم من يتقلد المناصب ويتحكم بمصير ملايين من المواطنين الآخرين.
ثالثاً: أعتقد أن أحد الدوافع الرئيسية لتلك العائلات للجوء في تلك البلدان هو ثقتها بقوانينها ونزاهة قضائها، لذلك يجب أن تمارس هذه العائلات ثقتها وتستغل هذه الأدوات القانونية لنيل حقوقها، لا أن تعالج الأمر بمزيد من خرق القانون بدعوى الغضب والعرض والشرف.
طبعا لا بّد مع مثل هذه المشاهد أن تخرج الجوقة ذاتها التي اعتدنا عليها، والتي تقتنص كل الفرص لبث مزيد من الكراهية والتحريض، فعدا السبّ والشتم للسويد والغرب وتمني خراب بلدانه ومقتل مواطنيه، قرأت تعليقات مريضة من قبيل (أخذوا الأولاد لينصّرونهم- هدفهم تدمير العائلات السورية المحتشمة- يريدون أن يسرقوا أولادنا)
وهنا أذكر حكاية عائلة سورية لاجئة في إحدى الولايات الأمريكية تم استدعاؤها للمدرسة بعدما تبين للمعلمة أن صفحات محددة من كتب ابنهم المدرسية تم تمزيقها، ليبرر الوالدان الأمر وبكل فخر أنهما قاما بتمزيق كل الصفحات التي يرد فيها اسم أو صورة الخنزير لأنه حرام، وقد عللوا الأمر للمنظمة الإسلامية التي وقفت معهم في هذه المشكلة، بأن هذه الصور وضعت عن قصد في المناهج الدراسية الأمريكية لتخريب عقول الأطفال المسلمين…!!!

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.