اليوم بشار شعر بذات الشعور اللي حسسني ياه

Eiad Charbaji
في سورية قبل الثورة، وبحكم عملي كرئيس تحرير، كنت ادعى لترشيح مراسل مكلّف باسم مجلة شبابلك لتغطية الاستقبالات الرسمية لبشار الاسد في قصر الشعب، كحال جميع الصحف والوكالات الاعلامية المحلية والاجنبية العاملة في سورية.
ذات مرة كان الاستقبال للرئيس الفانزويلي شافيز فقررت أن أخوض التجربة بنفسي، وبعد أن ارسلت لهم اسمي وعادوا لي بالموافقة الأمنية بعد اسبوعين، طلبوا منا أن نجتمع أمام مبنى وزارة الاعلام على اتستراد المزة قبل حوالي 3-4 ساعات من الموعد الرسمي، وهناك أخذ موظفو أمن القصر التفقد كأولاد المدارس، ثم أعطوننا تعليمات كيف سنقف في قصر الشعب واين، ومالذي يحق لنا قوله أو تصويره… كانوا يفعلون ذلك بوجوه مبتسمة ابتسامة بروتوكولية مصطنعة ملأى بالخبث والجدية والصرامة يدعمها مسدس جميل نابق على خصر كل منهم، طبعا مع الحرص الشديد على رسم كل هذا المشهد باللهجة الساحلية المحببة لأسماعنا، لتذكيرك أين أنت وما حجمك.
بعد ذلك صعدنا إلى الباصات في طريقنا إلى قصر الشعب برفقة موظفي الامن الرئاسي، بعد أن فرقوا بيننا كصحفيين سوريين وصحفيين أجانب، حيث ينعم الأجانب بدلال أكثر وموظفي أمن مرتبين ومثقفين ويحفظون ثلاث كلمات بالانكليزية هي (ويلكم، يس، نو).
في باصنا نحن الذين لا نحتاج إلى مترجمين محلّفين، وخلال الطريق إلى قصر الشعب كان بعض الصحفيين الشبيحة وعلى رأسهم مراسل الـ
BBC
عساف عبود يستغلون الفرصة لفرض عضلاتهم الطائفية والمناطقية، عن طريق المزاح وتبادل النكات مع موظفي أمن الرئاسة وعلى كيف خيّك بصلنفي نقلوه للسياسية؟، بالله بعد عرقات صلنفي أفي….شي يشعر انساناً مسكيناً مثلي من حظه العاثر أنه لا ينتمي لإحدى ضيع الساحل انو: قريد شو متسوي هون؟
نصل الى باب قصر الشعب، وهناك يظهر نوع آخر من عناصر الأمن الرئاسي، زندود وخصور وكتاف مخبأة تحت أطقم وكرافات مرتبة وموحدة اللون، مع وجوه أكثر صرامة ولؤماً تشعرك أنك كائن ضعيف وهزيل في حلبة المصارعة، وإنو وقت بدهم بيفعسوك، ورغم ذلك، كان هؤلاء حريصون جداً على وصفنا بالـ:(الأساتذي) … طبعاً هذا الاحساس بالتقزّم والرهبة أمام تلك الكائنات مستثنى منه أمثال عساف عبود وزياد حيدر الذين يشعرون وكأنهم في ضيعة العمو، لكن للامانة كنت أشعر أن الصديق ابراهيم الحميدي يحسّ مثلي، خصوصاً أنه كان خارجاً من السجن حينها بسبب مقالة موهنة لنفسية الأمة في صحيفة الحياة.
بعد ذلك يدخلوننا لباحة قصر الشعب حيث سيصل شافيز ويتم استقباله، ويلطعوننا قرابة الساعة وقوفاً في عز طقة الضهرية خلف حاجز وضعوه للصحفيين والكاميرات.
ونستمر بتبادل الابتسامات الخفيفة وسماع تفاهات وجعير عساف عبود مع عناصر الأمن إلى أن تحين ساعة اللقاء، وتصل سيارة تشافيز ويظهر بشار الأسد لاستقباله، حينها تشعر أنه يجب عليك أن تعيّر تنفّسك وتجعله يخرج سلساً قدر الإمكان، وأنت ترى عيون عناصر الأمن تنظر إليك مثل نواضير القناصة، وايديهم مسبلة وجاهزة لتحويلك إلى قطعة لحم في حال حدوث أي طارئ.
اليوم وقت شفت بشار الأسد في مطار حميميم، انبسطت كتير، وعرفت انو مرّ بنفس التجربة وشعر بذات الشعور اللي حسسني ياه…!!.

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.