بكلمة أو بأخرى الوطن العربي سواء أحكمه الإسلاميون أو بقي رازحا تحت حكم الحكام المخلوعين وغير المخلوعين, كله من أوله إلى آخره لا توجد فيه بيئة صديقة.
هذا الوطن العربي من المحيط إلى الخليج لا يمكن ولا في أي حالة من الأحوال أن يكون صديقا للبيئة السياسية أو للبيئة المعنية بالنمو الثقافي أو السياسي, هذا الوطن العربي كل الذين حكموه على مر التاريخ ما كانوا ولا في أي يومٍ من الأيام إلا جلادون, وأثبتت الثورات في داخله أنها لم تكن أيضا ولا في أي يومٍ من الأيام ثورات من أجل التقدم والإصلاح, بل هي عبارة عن تبادل للأدوار بين الجلاد والمجلود والظالم والمظلوم, فعلى فترة من الزمان يصبح المجلود جلادا, والجلاد مجلودا, والمظلوم ظالما, والظالم مظلوم, كله عبارة عن تبادل للكراسي وللمقاعد بين الثوار وبين الحاكم والمحكوم, هذا الوطن العربي الحقير من المحيط إلى الخليج كله عبارة عن تجار دين وسموم فكرية, العقل فيه مُغيبٌ, والحبُ فيه مغيبٌ, والشرُ فيه يسود, والشاذ فيه هو القاعدة الأسمى التي ينتهز حفظها كل انتهازي وكل مصاص دماء, لا يمكن أن أصدق بأن الشيخ الإسلامي والمتطرف الإسلامي أفضل من الليبرالي, فكلهم عبارة عن كذابين وأفاقين وظلمة ولصوص وحرامية يقطعون الطريق ليلا ونهارا ليسرقوا ويستلبوا ويقطعوا الرؤوس, ولا يوجد في هذا الوطن العربي الكبير أناسٌ يعرفون الله, فكلهم أصدقاء للشياطين, هذا الوطن العربي الكبير بحقارته لا يمكن أن يكون وطنا مدنيا ما لم يدخل كل سكانه إلى المدرسة من جديد ليتعلموا مجددا ألف باء السياسة والثقافة, فالحاليون لا يعرفون لا الفلسفة ولا الثقافة ولا الحب ولا الرومانتيكية, كلهم تربوا ودرسوا وانتعشوا في بيوت دينية تُعلم على التطرف وعلى الكراهية وعلى العداء.
هذا الوطن العربي الكبير عبارة عن جزيرة معزولة عن العالم المتحضر تسيطرُ فيها فئة ٌ من المختلين عقليا على ثروات البلاد النفطية وعلى الوزارات ذات السيادة, وهذا الوطن العربي المجنون عبارة عن مستشفى كبير للمجانين, وللمجاذيب, هذا الوطن عبارة عن(ماخون) للعاهرات تحكم وترسمُ فيه, هذا الوطن العربي المأفون عبارة عن جزيرة مستقلة للمجرمين وبيئته مناسبة للمجرمين وللسفاحين , هذا الوطن العربي الحزين عبارة عن بيت للمكتئبين نفسيا و تهربُ منه رائحة العطر والياسمين, وتنتشرُ به رائحة الموت والجثث الملقية على قارعة الطريق, هذا الوطن العربي لا يعرف الله ولا الله يعرفه, هذا الوطن العربي لا يعجب الله مطلقا, فالله لا ينزل عليه ملائكة الرحمة ولا تعيش به الحملان الوديعة وتهربُ من شوارعه الوجوه البريئة وتنتشرُ في شوارعه صورٌ للوجوه الخبيثة, هذا الوطن العربي لا تعيش فيه مؤسسات المجتمع المدني وهذا الوطن العربي لا توجد في داخله بيئة صديقة للطفل, ولا تعيش في داخله بيئة صديقة للأحزاب السياسية, ما زالت العشائرية والقبلية والهمجية مسيطرة عليه, هذا الوطن العربي لا تعيش فيه الصداقة ولا تدوم فيه الصداقة, هذا الوطن العربي الكبيرة في داخله بيئة صديقة للكراهية وللغش وللخداع وللحسد وللنميمة, هذا الوطن العربي الكبير تموتُ فيه الشباب والشابات في عمر الزهور, تُذبح فيه الأطفال وتباع فيه النساء كسبايا حرب, هذا الوطن العربي الكبير عارٌ على ساكنيه, ونقمة على ساكنيه, والفقرُ فيه يصنع صناعة في أجهزة المخابرات, ويُلاحقُ فيه المثقفون والمبدعون, هذا الوطن العربي لا يمكن أن تجد فيه ربةٌ واحدة من ربات الفنون السبعة, فهو من المحيط إلى الخليج بقايا عظام, هذا الوطن تُكسر فيه العظام ويموت فيه المثقفون جوعا, ويرتعبُ فيه المثقفون من الخوف, فأجهزة السلاطين تلاحقين المتنورين والمبدعين, وهذا الوطن العربي الحقير ليس إلا دكانة للسماسرة وللمرتشين وللسرسرية ولشلاتية, هذا الوطن يخدع نفسه ويخدع العالم معه, هذا الوطن يعدم الأحرار ويدمر آخر معاقل الفرح والسرور, هذا الوطن العربي محرمٌ على السياسيين دخوله وأبوابه مفتوحة للعاهرات, يموتُ فيه الشعراء من الجوع ومن القلق, ترتعبُ فيه الدماء وتقطعُ فيه الرؤوس, هذا الوطن العربي الحقير, الكبير بحقارته, يموت فيه المثقفون وهم ما زالوا في بداية العمر, لا يجدون شقة يسكنون فيها ولا يجدون لهم مكانا يلعبُ فيه الكبارُ أو الصغار, فاللعب مهم لكافة فئات العمر , من عمر يوم واحد إلى عمر مائة سنة.
هذا الوطن العربي القبيح تهربُ منه الفراشات الجميلة والزهية بألوانها إلى بلادٍ أخرى تحترم الجمال وتعرف كيف تصونه وتحافظ عليه من عبث العابثين, هذا الوطن العربي تجفُ فيه الينابيع ويمتنع الله عن إسقاط الأمطار فيه , هذا الوطن العربي لا يمكن أن يعيش سكانه أحرارٌ ومتساوون في الحقوق والواجبات ما داموا على هذا الوضع المخزي, هذا الوطن العربي الكبير يضيق بأهله وبسكانه من شتى الأديان والمعتقدات, هذا الوطن جمرة تحترق وقلوب لا تعرف كيف تتذوق الفنون بأشكالها وألوانها, هذا الوطن لا يعرف الرحمة ولا الإنسانية وبعيد كل البعد عن الروح الغنية بالحب.