على هامش زيارة أردوجان الثانية لمصر :
الوجه الآخر لتركيا التى يتغزل بها التيار الإسلامى!
(دولة تابعة لواشنطن – حليفة لتل أبيب – بها استبداد وتعذيب)
· تركيا دولة تابعة بالكامل لواشنطن ويوجد بها 26 قاعدة عسكرية لأمريكا موجهة ضد المصالح العربية ولخدمة الحلف الأمريكى – الإسرائيلى
· 16 ألف و800 شكوى أمام المحكمة الأوروبية فى عام واحد ضد حكومة أردوجان لانتهاكها حقوق الإنسان وممارسة التعذيب وفى السجون اليوم ثلاثة آلاف معتقل سياسى
· بالأرقام والوثائق وأنواع الأسلحة.. تركيا أكبر شريك عسكرى لإسرائيل ومحاولات التعاون الرئيسية (أنابيب السلام – التجارة الحرة – التعاون الاستراتيجى ضد المقاومة العربية)
· تركيا قدمت لإسرائيل فرص استراتيجية كبيرة لتدريب الطيران الإسرائيلى فى صحراء الأناضول بهدف التدريب على عمليات القتل المنظم للفلسطينيين فى الانتفاضة الأولى (1987) والثانية (2000) واليوم فى قطاع غزة (2012)
· الإسلام الحاكم فى تركيا هو (إسلام البزنس) وليس إسلام المقاومة والثورة، والاهتمام التركى بالانتماء للحلف الأطلسى أهم من الانتماء للإسلام وهى تركب الثورات العربية من أجل هذا الهدف
· تركيا تلعب دوراً فى تفكيك سوريا وضرب المقاومة اللبنانية والعراقية والفلسطينية لصالح المشروع الاستعمارى الغربى
دراسة بقلم د. رفعت سيد أحمد
جاء أردوجان إلى مصر، ففرح وهلل (الإسلاميون) وبخاصة الإخوان، وطبل وزمر الإعلام الجاهل، لأن ما يعرفه هذا الإعلام عن أردوجان وتجربته هو القشرة الخارجية التى تدعى التحضر والتمدين والأسلمة المستنيرة، دونما تبحر فى أعماق التجربة، ودونما بحث فى طبيعة الحكم القائم هناك، والذى سيفاجىء هؤلاء المنبهرين، أو المعتمدين – عن قصد – تجهيل الحقيقة المُرة، لتركيا هى أنها دولة تابعة، ومستبدة بإمتياز، وليس كما يروج فى إعلامنا، أنها دولة ديمقراطية، ولكى ندلل على ما نقول دعونا نبحث وبالوثائق والمعلومات عن الوجه الآخر لتركيا والذى لا يعرفه كثير من الإسلاميين الحاكمين فى مصر والذين يتخذون من تركيا وأردوجان وحزبه مثالاً يحتذى دونما تمحيص أو وتأمل.
إسلام البزنس
أولاً : الإسلام فى تركيا وتحديداً لدى أردوجان وحزبه يأتى كأداة ووظيفة وليس كعقيدة حاكمة وهو يأتى فى المرتبة الثانية بعد (العلمانية) الأتاتوركية – نسبة إلى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة – الحاكمة والتى يحترمها أردوجان ويعلن صباح مساء تمسكه بها، وبأن الإسلام الذى يؤمن به هو (إسلام البزنس) وليس إسلام المقاومة والثورة كما قد يتخيل البعض ممن يعجبه رطانة أردوجان وخطاباته الفارغة، والتى يستهدف بها من بين ما يستهدف دغدغة مشاعر المصريين والعرب، خاصة فيما يتصل بالشأن السورى، والذى يحكم أردوجان فيه هدف رئيسى هو تفكيك سوريا وضرب المقاومة العراقية واللبنانية والفلسطينية، وتحويل الأخيرة (خاصة حركة حماس) إلى مجرد مشروع سياسى (لا عسكرى)، وذلك كله خدمة للغرب الذى يعتبر الولاء له سابق على الولاء للإسلام ولمصالح المسلمين والعرب.
* إن التحالف الاستراتيجى (كما سنبين) بين تركيا وكل من إسرائيل وأمريكا هو الحاكم لنظرية حكام أسطنبول (المتأسلمين) ؛ فوفقاً لبحث مهم للكاتب اللبنانى المعروف محمد نور الدين (صحيفة السفير 24/5/2012) لم يتغير الدور التركى فى حلف شمال الأطلسى منذ أن انضمت إليه فى العام 1952 وكان استكمالاً لاعتمادها النهج الغربى فى سياساتها الخارجية، بعدما كانت أول دولة مسلمة تعترف بإسرائيل بعد إعلان قيامها عام 1948، تعاقبت حكومات وحدثت انقلابات عسكرية وتناوب العسكر والعلمانيون والإسلاميون على السلطة،ولم يتغير ثبات تركيا فى ولائها للمنظمة التى كانت الشيوعية عدّوها المطلق، قبل أن تنهار ليحل محلها الإسلام.تغير لون “العدو” من أحمر إلى أخضر،لكن لون السياسة الخارجية لتركيا لم يتغير،ومن التطورات الأخيرة فى المنطقة بدا واضحاً أن انفتاح تركيا، فى السنوات الأخيرة، على دول جوارها الجغرافى كان مجرد ” حلم ليلة صيف “، حيث تؤكد سياسات “حزب العدالة والتنمية ” أن المزيد من التورط فى اللعبة الأطلسية هو الضامن لاستمراره فى السلطة، فى مواجهة العلمانيين والأكراد واليساريين، بل حتى القوميين الأتراك “.
* لا يمكن لأحد أن يحلل السياسة الخارجية التركية بمعزل عن دورها فى حلف شمال الأطلسى.وهذا يضع دائماً شكوكاً سميكة على أية خطوة تركية “إيجابية” فى اتجاه الدول والقوى المعادية للمشروع الصهيونى، أو المعارضة للسياسات الغربية فى المنطقة.
يقول عبد الحميد بالجى، الكاتب الإسلامى التركى فى صحيفة ” زمان ” التركية : ” حالت دون أن يتحول الأطلسى إلى تحالف صليبى “.. تركيا بمشاركتها مثلاً فى حرب أفغانستان لم تكن ترشد الأطلسيين إلى حساسيات المجتمع الإسلامى ليتفادوا إثارة النعرات.. بل على العكس كانت الغطاء الذى يمرر تجاوزات الأطلسيين هناك “.
كم من مرة ارتكب جنود ” الأطلسى ” عمليات قتل للمدنيين واغتصاب للفتيات وتدنيس للمقدسات وانتهاك الحرمات والأخلاق؟ ألم يكن هذا كله وتركيا جزءاً من الوجود الأطلسى فى أفغانستان؟ وماذا فعلت حكومة حزب العدالة والتنمية لكى تحول دون هذه الانتهاكات، وأى موقف اتخذته استنكاراً على الأقل؟.
إن السياسة التركية انقلبت على نفسها فى السنة الأخيرة 180 درجة – يقول الخبراء العالمون بالشأن التركى – وباتت إيران وروسيا العدوين الأولين.. هكذا يكتب العلمانى (مراد يتكين) مثلاً فى صحيفة ” راديكال “، قائلاً إن انتقال إدارة الرادارات فى ملاطية من يد الولايات المتحدة إلى يد الأطلسى سيقوى وضع تركيا فى مواجهة إيران وروسيا “، ويرى أن الغرب ينتظر من تركيا أن تستعيد علاقاتها الطبيعية مع إسرائيل وقبرص اليونانية، وحتى أرمينيا.
وفى المحصلة – يقول محمد نور الدين فى مقاله – كلما ازداد دور تركيا داخل حلف شمال الأطلسى تبعية كلما ابتعدت أكثر عن حساسيات الشارع فى العالم الإسلامى وقلّت مصداقيتها طبعاً إلا لدى إسلاميينا وبعض نخبتنا التابعة، شديدة السطحية والذين يركزون على القشرة الخارجية (لتركيا أردوجان) ولا يبحثون عن اللب والجوهر.
الاستبداد السياسى فى تركيا
ثانياً : من القضايا التى يجهلها إسلاميو مصر وبعض مثقفيها وسياسييها عن تركيا هو تنامى مظاهر الاستبداد السياسى فى تركيا رغم إدعاءات حزب (العدالة والتنمية) بالديمقراطية ؛ إن الصورة الديمقراطية فى تركيا ليست بهذه النصاعة والإشراق التى يقدمها الإعلام المصرى الحاكم أو المتأسلم أو تروجه قطاعات واسعة من نخبتنا، فتحت عنوان (تريدون أردوجان… خذوه!) كتب الكاتب التركى المعروف (براق بكديل) قبل أيام مقالاً رائعاً أكد فيه أن أردوجان ليس سوى (مستبد) وقامع لشعبه، وأنه يصدر صورة إعلامية كاذبة عن نفسه وهو ليس مع الثورات العربية لكنه مع سرقتها وتحويلها إلى ثورات لحلف الناتو وأمريكا وضرب مثلاً بموقف أردوجان من سوريا ؛ ويختم بالقول (مهما يكن، أيها الأخوة، فإن عرضى سار دائماً، وأضيف إليه هدية مغرية : مع كل أردوجان تحصلون عليه،نقدم لكم بكل سرور وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو!).
أما الكاتب اللبنانى المتخصص فى الشأن التركى، محمد نور الدين فكتب مقالاً آخر عن تركيا تحت عنوان (أردوجان يتحدث عن بلد آخر!) غاية فى الأهمية اعتمد فيه على وثائق وأدلة من داخل تركيا جاء فيه نصاً : [ إنه فى مقابل هذه الصورة الوردية في التنمية الاقتصادية فى تركيا، تلف صورة تركيا في «التنمية السياسية» ظلال كثيرة، ولا سيما من جانب الاتحاد الأوروبى، الذي امتلأ تقريره الأخير عن تركيا بانتقادات لسياسة حكومة رجب طيب أردوجان حول الحريات السياسية والفكرية.
إذ إنه وفي سياق التضييق على نشاطات حزب العمال الكردستاني أطلقت الحكومة التركية أوسع حملة اعتقالات في صفوف المثقفين والفنانين والنقابيين والناشطين السياسيين، بتهمة التعاون مع حزب العمال الكردستاني ودعم «الإرهاب». ومن هؤلاء المعتقلين مخرجون سينمائيون وكتّاب بارزون وأساتذة جامعات ونساء. وتقدّر جهات تركية عدد المعتقلين الذين يمكن وصفهم بالمعتقلين السياسيين بأكثر من ثلاثة آلاف شخص. وهو رقم كبير جداً في بلد يرفع شعار الديموقراطية، وفي مفاوضات مباشرة لعضوية الاتحاد الأوروبي.
وباتت مقارنة وضع الحريات الصحافية والسياسية في تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية مع وضعها فى عهود الوصاية العسكرية أمراً شائعاً و«عادياً».
وجاءت رسالة أردوجان في الذكرى 63 لوضع إعلان حقوق الإنسان العالمي مغايرة لما هو جار في تركيا، بحيث إن الكاتب (سميح ايديز) فى صحيفة «ميللييت» شكك قبل أيام فى أن يكون أردوجان يتحدث عن تركيا بل عن بلد آخر.
يقول أردوجان في رسالته «إن تركيا، مع كل يوم يمر، تصبح في وضع النموذج في المنطقة والعالم في ارتباطها بالديموقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون».
ويعقّب ايديز على هذه الجملة بـالقول إنه «أمر مأساوي حقاً أن يتكلم عن هذا الأمر أردوجان الذي تلقى جائزة (معمر القذافي لحقوق الإنسان، ولم يعدها في ذروة الأزمة الليبية)”.
ويقول ايديز إنه «لكي نفهم وضعنا في مجال حقوق الإنسان هناك حاجة لقراءة كل التقارير التي صدرت من المنظمات الحقوقية الدولية وآخرها تقرير الاتحاد الأوروبي السنوي الرسمي». ويوضح أن الدولة الثانية التي تقدّم ضدها شكاوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هي تركيا، إذ بلغ عدد الشكاوى في العام الماضي (عام 2011 عام الثورات العربية المسروقة من أمثال أردوجان 15 ألفاً ومئتي شكوى، وفي العام 2012 ارتفع إلى 16 ألفاً وثمانمئة شكوى. وفد تثبتت المحكمة الأوروبية من صحة تسعين في المئة من الدعاوى التي درستها حتى الآن. ويقول إن التثبت من أوضاع حريات الصحافة في تركيا يجب ألا تقوم به الحكومة بل الإعلام الحر ].
* هذه هى تركيا فى عهد أردوجان الذى يجرى خلفه فريق من نخبتنا وسياسيينا وإسلاميينا بمن فيهم د. محمد مرسى وإخوانه المسلمين، منبهرين، مقنعين أنفسهم بأنه يساند ثوراتنا العربية لوجه الله، وهو فى الواقع مجرد (قُفاز) لواشنطن والغرب، ضد شعوبنا العربية، ووحدة بلادنا
أمريكا تحتل تركيا
ثالثاً : على النقيض من الصورة الوردية التى يقدمها أردوجان عن بلده الحر المستقل، ويصدقه بعض السذج من نخبتنا، تقول الحقائق أن تركيا بلد تابع بالكامل لواشنطن، وأنه منذ عام 1969 صارت البلد سداح مداح أمام جيش الولايات المتحدة، ففى هذا العام (1969) وقعت اتفاقية سمح بموجبها للولايات المتحدة بإقامة (26) ست وعشرين قاعدة عسكرية بالإضافة إلى مراكز الرصد والإنذار المبكر ومراكز الاتصالات اللاسلكية وقواعد التجسس وجمع المعلومات, وكذلك التسهيلات البحرية في أهم الموانىء التركية. ولقد عززت الولايات المتحدة القوات المسلحة التركية بحيث أصبحت تمتلك اكبر قوة برية تقليدية (غير نووية) بعد ألمانيا الغربية السابقة في حلف الناتو. كما ان موقع تركيا القريب من منابع النفط يعطيها ميزة كقاعدة جيدة للسيطرة على منابع النفط في الخليج العربي فى حال نشوب حرب عجزت دويلات الخليج فيها – وهو متوقع جداً – عن الدفاع عن أنفسها، ويسمح للولايات المتحدة السيطرة على معظم الطرق الجوية والبرية المباشرة بين الأقطار العربية والدول المجاورة, وأفريقيا كما يمنحها العديد من القواعد الجوية والبحرية اللازمة لتسهيل مهمات حلف شمال الأطلسي ويجعلها قادرة على تركيز وسائط الرصد والإنذار المبكر ومحطات التجسس لمراقبة التحركات العسكرية لدول الجوار وبخاصة سوريا بعد الأحداث الجارية اليوم فيها ؛ ومن أهم القواعد العسكرية في تركيا هي:
1 – قاعدة انجرليك: وهي من أضخم القواعد الجوية للحلف الأطلسي المقامة على الأراضي التركية وتقع على أبواب مدينة (أضنه) إذ أن تجهيزاتها من الطائرات والصواريخ وأجهزة الاتصال الرادارية المتطورة والبعيدة المدى إضافة إلى تواجد الآلاف من الجنود الأمريكان والأوروبيين, وتسمح لهذه القاعدة بالسيطرة على أجواء الجزء الشرقي من البحر المتوسط إضافة إلى مهماتها المخصصة للهجوم والدفاع فإنها تضم عشرات الطائرات من أحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا الغرب من طراز فانتوم وغيرها. كما تتمركز فيها وحدات من القوة الجوية الأمريكية التكتيكية/,16 وتتولى هذه القاعدة بدورها مهمة تدريب الطيارين الأتراك ومن دول حلف الأطلسي المتواجدين في المنطقة من جنسيات مختلفة, وهى اليوم تقوم بتدريب العصابات المسلحة من تنظيم القاعدة وغيرها والتى تقاتل فى سوريا باسم (الثورة) ولكن هدفها تفكيك سوريا وضرب المقاومة المعادية لإسرائيل واستبدالها بحليف جديد صديق لإسرائيل ولمشيخيات الخليج ولحكام أسطنبول.
2 – قاعدة سينوب: وتقع هذه القاعدة على الشاطىء الجنوبي للبحر الأسود وتوجد فيها رادارات بعيدة المدى واجهزة اتصال متطورة, ويديرها موظفون من وكالات الأمن القومي, ومهمتها جمع المعلومات عن نشاطات الدول القريبة من منطقة البحر الأسود ورصد تجارب الصواريخ النووية وجمع المعلومات والنشاطات البرية, وهذه القاعدة مزودة بأجهزة الكترونية متطورة حيث تلتقط رسائل الراديو الخاصة باتصالات الطائرات.
3 – قاعدة بيرنكيك: وهي مخصصة للإنذارات المبكرة, في حالة حصول أي هجوم صاروخي معاد. وهذه القاعدة استخدمت أثناء خلع الشاه محمد رضا بلهوي شاه إيران عن العرش, والأحداث الإيرانية التي تلت ذلك داخليا وخارجيا بالتنسيق مع الأقمار الصناعية التي تلعب هي الأخرى دورا في مجال الاتصال والمراقبة وتقع على بعد (30) كيلومترا شمال ديار بكر، وهى تستخدم اليوم ضد المقاومة العراقية والجيش العربى السورى والتخديم على إسرائيل فى صراعها مع حزب الله فى الجنوب اللبنانى.
4 – قاعدة كارنمابردن: وتقع على الجانب الشمالي من بحر (مرمرة) وهي قاعدة لخفر السواحل وفيها محطة لتوجيه الملاحة البحرية عن بعد, مهمتها مساعدة سفن الأسطول السادس على تحديد مواقعها بدقة.
5 – قاعدة ازمير الجوية: وتستخدم هذه القاعدة للدعم الجوي وتعتبر مقر القيادة البرية للجزء الجنوبي من حلف شمال الأطلسي وفيها قيادة القوة الجوية التكتيكية للأسطول السادس.
6 – قاعدة بلياري: وتقع هذه القاعدة جنوب العاصمة أنقرة وتعتبر مركزا رئيسيا للتنصت على التجارب النووية التي تجريها روسيا سواء في البحر أو في باطن الأرض.
7 – قاعدة انقرة الجوية: وهذه القاعدة هدفها تأمين الجسور والإشراف على أجواء البحر الأسود, وفيها مركز عمليات تركي ـ أمريكي مشترك…
8 – قاعدة سيلفلي: وتقع الى الشمال من أزمير وهي قاعدة جوية تكتيكية تستخدم عند الحاجة للقوات الأمريكية وحلف الأطلسي.
9 – قاعدة الاسكندرونة, و(يومورتاليك): وتقعان بالقرب من الحدود السورية وتعتبران من أهم مستودعات التموين والمحروقات وفيها 20% من مخزون الأسطول السادس من الوقود ومركز لتأمين الاتصالات الأمريكية ومحطة رادارية أرضية تابعة لنظام الرصد والإنذار المبكر لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
* من ذلك كله يمكن القول ان موقع تركيا الاستراتيجي له أهمية كبيرة لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو), وهى أهم قاعدة لتدريب المنشقين والعصابات المسلحة التى تعيث فساداً ودماراً الآن فى سوريا باسم الثورة، والثورة بريئة مما يفعلون، وبالمناسبة هذه القاعدة يتم فيها أيضاً استقبال بعض الإسلاميين من أمثال (أولاد حازم أبو إسماعيل) و(الإخوان المسلمين) و(لجان الإغاثة الطبية) لدفعهم للموت المجانى فى سوريا باسم الله والدين، والحقيقة أنهم ذاهبون لصالح واشنطن وتل أبيب!!.
تركيا الصديق الأول لإسرائيل فى المنطقة
رابعاً : يحدثنا التاريخ والواقع أن تركيا التى يحبها الإسلاميون فى مصر ويحبها يوسف القرضاوى وجماعته فى ذلك التنظيم القطرى – الأمريكى المسمى بـ(الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين)، ربما أكثر من حبهم لبلدهم مصر أو لوطنهم العربى، ويتمنون إعادة إنتاج نموذجها فى الحكم، ويقلدونها تقليداً أعمى حتى على مستوى تسمية أحزابهم بأسماء شبيهة بحزب (العدالة والتنمية) مثل (الحرية والعدالة) و(البناء والتنمية) وغيرها من الأسماء المقلدة بلا وعى، تركيا هذه هى أول بلد فى العالم تعترف بإسرائيل (28 مارس 1949) وتحتفظ اليوم بعلاقات دافئة جداً مع تل أبيب والتاريخ يقول لنا أنها كانت تاريخياً فى صف الأعداء فلقد انضمت إلى حلف بغداد المعادى لمصر عبد الناصر عام 1955 وأيدت العدوان الثلاثي على مصر عام ,1956 والتدخل الأمريكي في لبنان ونشر قوتها على الحدود العراقية للتدخل في إسقاط ثورة 14 يوليو 1958 إضافة إلى تلويحها المستمر بقطع المياه عنه أو تخفيض حصة سوريا والعراق من المياه وإنشاء السدود والخزانات لإلحاق الضرر بالزراعة في العراق وسوريا. وانتهاكها المستمر لحرمة الأراضي العراقية منذ عام 1991 ولحد الآن بحجة مطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني التركي (P.K.K) مستغلة الأوضاع الشاذة في شمالي العراق، وتتعاون بقوة مع أمريكا والكيان الصهيوني في مجال التصنيع العسكري للصواريخ وشبكات الليزر التكتيكية المضادة للصواريخ والتي تحمل اسم (نويتلوس) وهي شبكة تم نشرها في أواخر عام 1997 وثمة اتفاقات عديدة بين تركيا والكيان الصهيوني على إنتاج صاروخ (بوياي) (جو ارض) والذى تنتجه تركيا لصالح الكيان الصهيوني، وتآمرها الواضح على وحدة الأراضى السورية تحت مسمى وهمى اسمه دعم الثورة السورية، فضلاً عن محاولاتها المستمرة لإحتواء حركة حماس وتحويلها إلى حركة مقاومة سياسية فقط دون الجهاد المسلح خدمة لإسرائيل التى تربطها بها علاقات وطيدة، من أبرز ملامحها :
1 – في 1958، وقع داڤيد بن جوريون وعدنان مندريس اتفاقية تعاون ضد التطرف ونفوذ الاتحاد السوڤيتي في الشرق الأوسط. وفي 1986 عينت الحكومة التركية سفيراً كقائم بالأعمال في تل أبيب. وفي 1991، تبادلت الحكومتان السفراء وفي فبراير وأغسطس 1996، وقعت حكومتا تركيا وإسرائيل اتفاقيات تعاون عسكري. وقد وقع رئيس الأركان التركي چڤيق بير على تشكيل مجموعة أبحاث استراتيجية مشتركة، ومناورات مشتركة، منها (تدريب عروس البحر)، وهي تدريبات بحرية بدأت في يناير 1998، ثم تدريبات مع القوات الجوية، كما يوجد عدة آلاف من المستشارين العسكريين الإسرائيليين في القوات المسلحة التركية. وتشتري جمهورية تركيا من إسرائيل العديد من الأسلحة وكذلك تقوم إسرائيل بتحديث دبابات وطائرات تركية.
2- منذ 1 يناير 2000، أصبحت اتفاقية التجارة الحرة الإسرائيلية التركية سارية.
على الرغم من معارضة تركيا لتقسيم فلسطين عام 1947 إلا أنها كانت أول دولة إسلامية تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل – كما سبق وذكرنا – وسارعت بعقد إتفاقيات تجارية بعدها وبعد عضوية تركيا في حلف الناتو إقتربت سياستها من الأيديولوجية الأمريكية وإتجهت لتعميق علاقاتها مع إسرائيل.
وشهد العام 1994 أول زيارة لرئيسة الوزراء التركية تانسو تشلر إلى إسرائيل لأول مرة وبعدها، ظهرت الاتفاقيات العسكرية السرية إلى النور فى 1996 بتوقيع الاتفاقية الأمنية العسكرية التي اعتبرت مخالفًه للقانون، لأنها وقعت دون موافقة لجنة الشئون الخارجية للبرلمان التركي، ومع ذلك استمرت حتى يومنا هذا (2012).
وتضمنت الإتفاقية إقامة مناورات مشتركة برية- بحرية- جوية وتبادل الخبرة في تدريب الطيارين المقاتلين وتبادل الاستخبارات الأمنية والعسكرية بخصوص المشاكل الحساسة مثل الموقف الإيراني والعراقي والسوري إضافة إلي تعاون وثيق في صيانة وإحلال وتجديد سلاح الجو ومنظومة الدفاع الجوي التركي بقيمة تتجاوز مليارى دولار.
3 – وحتى 2012 لاتزال عقود التسلح تمثل صلب التعاون العسكري بين أنقرة وإسرائيل بل تضاعفت عما كانت عام 2006 وتحولت إلي شراكة إستراتيجية منحت شركات الأسلحة الإسرائيلية عقودا معلنة وسرية لتطوير الدبابات M60 وتحديث المقاتلات إف-16 وإف-5 وبيع طائرات بدون طيار.
4 – ومن إجمالي الحركة التجارية بين البلدين كانت عقود الأسلحة تمثل بين 65٪و 72٪ وبينما وصل التعاون العسكري في العام الحالي (2012) بين تركيا وإسرائيل إلي 2.5 مليار دولار فان الإتفاقيات الموقعة والتى لم تلغ حتى الأن ترفع الرقم إلى 4.5 مليار دولار وهو حجم الصفقات والتعاون بين البلدين فى 2012.
ورغم اتجاه تركيا لتنويع مصادر مشترياتها من السلاح وإنشاء صناعة وطنية كبديل الا أنها لم تخفض من اتفاقاتها العسكرية مع إسرائيل، بل علي العكس استمرت فى منح إسرائيل المجال الجوي والبحرى للمناورات والتدريب وفتح قواعدها العسكرية فى قونيا وإنجريلك لتستعملهما المقاتلات الإسرائيلية (يا ترى ضد من ستستعملهم إسرائيل؟!.. السؤال للإسلاميين السذج!!) فالدم الفلسطينى واللبنانى خير مجيب إن هم أعجزتهم الإجابة!!.
5 – التعاون الاستراتيجي العلاقات الاقتصادية تفيد معطيات وزارة التجارة والصناعة الإسرائيلية بأن تركيا تحتل المرتبة السادسة في قائمة الصادرات الإسرائيلية لدول العالم. الناطق بلسان الوزارة براك جرانوت يشير إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل شهد تطورا هائلا ونبه إلى أنه ارتفع من 300 مليون دولار في 1997 إلى 3.1 مليارات دولار عام 2010 وفيه بلغ حجم الصادرات الإسرائيلية لأنقرة مليارا وربع المليار دولار.
6 – وبالعودة إلى الاتفاقية الأمنية العسكرية سنة 1996 بين تركيا وإسرائيل نجد أن من أبرز بنودها والتى تنفذ اليوم (2012) فى ظل حكومة أردوجان صديق الإخوان المسلمين :
أ- خطة لتجديد 45 طائرة f – 4 بقيمة 600 مليون دولار، تجهيز وتحديث 56 طائرة f – 5، صناعة 600 دبابة m – 60 , خطة لإنتاج 800 دبابة إسرائيلية ‘ميركاوه’, وخطة مشتركة لإنتاج طائرات استطلاع بدون طيار، وخطة مشتركة لإنتاج صواريخ أرض جو ‘بوبي’ بقيمة نصف مليار دولار بمدى 150 كم.
ب – تبادل الخبرة في تدريب الطيارين المقاتلين.
ج – إقامة مناورات مشتركة برية- بحرية- جوية.
د – تبادل الاستخبارات (المعلومات) الأمنية والعسكرية بخصوص المشاكل الحساسة مثل الموقف الإيراني والعراقي والسوري وطبعاً التجسس على الفلسطينيين واللبنانيين المقاتلين.
هـ – إقامة حوار استراتيجي بين الدولتين.
و – التعاون الاقتصادي (تجاري صناعي, والعسكري).
7 – والعلاقات التركية – الإسرائيلية يتحكم فيها عناوين ثلاثة: مشروع أنابيب السلام، واتفاق التعاون الاستراتيحي، واتفاق التجارة الحرة. هذا ويتلخّص مشروع «أنابيب السلام» في إقامة محطة بمنطقة شلالات مناوجات التركية لتزويد إسرائيل بكمية 50 مليون طن سنوياً من المياه لمدة 20 عاماً. ويستند المشروع إلى ضخّ المياه في أنابيب برية عبر الأراضي السورية، ثم دخولها إلى شمال لبنان أو شمال شرق الأردن، وبعدها إلى الأراضي الفلسطينية، أو نقلها بحراً إلى الساحل الإسرائيلي في حال عدم توقيع اتفاقية سلام بين إسرائيل وكل من سوريا ولبنان. وتشير مصادر إلى انتهاء بناء المحطة التركية، مع بقاء تنفيذ المشروع معلقاً. مشروع تبلغ تكلفته نحو مليار دولار، ووُقِّعَ في عهد أجاويد، علماً بأن أوزال بدأ يتحدث عنه منذ 1991 بقوله المشهور «مثلما يبيع العرب البترول، يجب على تركيا أن تبيع بترولها، أي المياه». وقد تمّ التوقيع على الاتفاق في أغسطس 2002، ويتردد اليوم أن أردوجان قد أعطى إشارة العمل الفورى فيه بأوامر أمريكية وبروح برجماتية بحتة لا ترى تناقضاً بين ادعائه دعم السلام والمسلمين وعلاقاته المسائية والعسكرية مع أعدائهم، الصهاينة!، أما المحورين الثانيين (التعاون الاستراتيجى والتجارة الحرة) فهما قائمان على قدم وساق ويتم التوسع فيهما رغم اللهجة العالية التى يطلقها أردوجان ضد إسرائيل بين حين وآخر ليرضى السذج من العرب والإسلاميين والذين للأسف يصدقونه، ويتخيلون بعقولهم السطحية أن هناك خلاف بينه وبين إسرائيل!، بيد أن عاموس جلعاد، رئيس دائرة الشؤون السياسية-العسكرية بوزارة الدفاع الاسرائيلية صرح لراديو اسرائيل، ان “العلاقات العسكرية بين اسرائيل وتركيا لا تزال مستمرة ولايزال الملحق العسكري الاسرائيلي يواصل عمله”وأن ما تدعيه تركيا وأردوجان من قطع للعلاقات العسكرية ليس سوى (كلام للاستهلاك المحلى والعربى ليس إلا).
ثم أضاف المسئول الإسرائيلى أن التعاون العسكرى التركى والإسرائيلى لايزال قائماً ومتطوراً خاصة فى مجال تحديث طائرة F-4 فانتوم تركيا وطائرات F-5 بتكلفة 900 مليون دولار وتطوير 170 من دبابات M60AI لتركيا 500 مليون دولار، بوب – I وصواريخ بوباى II – 400 كم (250 ميلاً) مجموعة دليلة صواريخ كروز – بوب – II سطح جو من طراز صواريخ مقابل 150 مليون دولار – السهم المضاد للصواريخ الباليستية للصواريخ (متفق عليه من قبل إسرائيل، إقرار، الولايات المتحدة ينتظر) – 400 كم (250 ميلاً) مجموعة دليلة صواريخ كروز (التفاوض).
وينص الاتفاق العسكرى مع إسرائيل بعد تجديده فى عهد أردوجان على تبادل الطيارين ثمانى مرات فى السنة حيث يسمح للطيارين الإسرائيليين بممارسة طويلة المدى مع التحليق فوق الأراضى التركية الجبلية بهدف – طبعاً – التدريب على أراضى شبيهة بالأراضى الفلسطينية، يعنى وباختصار للمشاركة المباشرة فى قتل الفلسطينيين، ودفن القضية الفلسطينية التى كان ينبغى أن يعتبرها إسلاميو الثورات الجديدة ؛ بمثابة (قطب الرحى) لأن بها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين!! أم يا ترى العلاقة مع تركيا – أردوجان أهم لدى إسلاميينا ونخبتنا المخدوعة، من (القدس)، ومن الحقيقة؟ حقيقة أن (تركيا) دولة بها استبداد، وتبعية، وعلاقات مع أعداء الأمة والدين، وليست بتلك الصورة الوردية التى يصدرونها لنا ويطلبون منا كُرهاً، أن نصدقها.
* خلاصة القول.. إن زيارة أردوجان لمصر، وعلاقاته الدافئة الجديدة مع الإخوان والسلفيين، لا ينبغى أن تنسينا أننا إزاء (دولة) تبحث عن مصالحها وليس عن نشر (الإسلام) تبحث عن المنفعة ولو مع الشيطان الإسرائيلى،دولة فى محصلتها الأخيرة تابعة لواشنطن ولحلف الأطلسى،ومن يكن هكذا فإن من غير المتوقع أن يكون مع الثورات العربية الحقيقية (مثل الثورة المصرية فى بداياتها) ولكنه مع ثورات حلف الناتو التى تبحث عن (النفط) وتفكك المقاومة.
* تركيا – أردوجان، ليست معنا بالمطلق كما يتخيل العقل المريض لنفر من مسئولينا، ونخبتنا وإعلامنا ؛ إنها مع مصلحتها أولاً، والتى غالباً، ما ستتعارض مع مصالحنا فى الاستقلال والتنمية والثورة، ومقاومة المشروع الصهيونى واسترداد فلسطين!! والله أعلم