اذا كانت مرافقة سفيرة النيات الحسنة للمفوضية العليا للاجئين في الامم المتحدة الممثلة انجلينا جولي ممنوعة، فلنتتبع اثرها، هو اصرار الصحافي الممنوع من تغطية قصة. وهنا وجب الاعتذار اولا لسوء تقدير وقعت فيه بين محاولة خطف صورة وضغط الاوامر الامنية بالابتعاد ومنع التصوير. فالمخيم الذي زارته جولي صباحا لم يكن ذاك الذي زاره منسق الشؤون الانسانية وانشطة الامم المتحدة في لبنان روس ماونتن مطلع الشهر الجاري، والذي ادخلت عليه بالفعل تحسينات، بل مخيم آخر قبله على الخط نفسه من ضفة نهر البردوني في منطقة الفيضة بسهل زحلة، وهو يعرف بمخيم الدباغة كونه قائماً على ارض كانت تقوم فوقها دباغات.
في ذاك المخيم، وعلى ما افاد شاغلوه، زارت انجلينا جولي خيمة تقطنها عائلة من مراهقين واطفال ولا بالغين فيها، وتابعت قصتهم مع فريق تصوير من سيدتين اجنبيتين ومترجمة. هم 7 اشقاء وشقيقات، والدهم مفقود، على ما قالوا، والدتهم قتلت خلال القصف على مسقط رأسهم سراقب التي غادروها ليقيموا في المخيم قبل سنة. الاخت الكبرى تزوجت، الاخ الثاني يعاني من اعاقة، والثالث نمر مراهق، ابن 16-17 سنة، تزوج بعد لجوئهم بالمراهقة فاطمة ابنة الـ 16 سنة، لتعينه على الاعتناء بشقيقيه وشقيقتيه الاصغر منه، بعد ان بات هو المسؤول عن العائلة ومعيلها. والدة فاطمة زوجة نمر، وبعد التحاقها بعائلتها في المخيم، باتت تعتني بعائلة ابنتها، وتأتيتهم بطبخة.
لم يبد ان افراد العائلة الطفولية مدركين لا موقع ولا شهرة الشخصية العالمية التي زارتهم في خيمتهم. وهم سألونا عن سبب قدومنا نحن الى خيمتهم، خجلنا من ان نقول لهم ان تتبعنا لنجمة عالمية، اتت من خلف البحار، ما قادنا اليهم، فيما هم يعيشون قاطع النهر من المدينة التي نسكنها. فدارينا احراجنا بسؤالهم ماذا تحتاجون؟ فكانت اجابتهم اكثر احراجا لنا: “طعام، شوية رز، خبز وهكذا..”. واضافوا “فرش اذا امكن”.
اين ذهبت بعدها انجلينا جولي لا علم لنا، اضعنا اثرها في مخيمات اللاجئين السوريين المليئة بالمآسي، وتلك هي الصور الحقيقية خلف زيارة جولي، ابعد واعمق من صورتها مع اللاجئين السورين التي سعينا وتسعى خلفها وسائل اعلام ووكالات.
وكانت جولي باتت ليلتها في فندق “كريستال- قادري الكبير” على “ضفة البردوني” داخل المدينة، وسط تدابير امنية في محيط الفندق وقطع للطريق المؤدية اليه. لتغادر، السابعة والنصف من صباح اليوم الفندق في جولة على مخيمات اللاجئين السوريين في البقاع، استهلتها بزيارة لمخيم في الفيضة بسهل زحلة.
وجرت زيارة جولي للمخيمات، بعيدا من عدسات باقي وسائل الاعلام، باستثناء كاميرا ترافقها، التي ابعدت من المكان وامرها رجال الامن اللبنانيون بالمغادرة بطلب من مرافقي جولي التي اخفت وجهها بوشاح صوفي غطت به رأسها بينما كانت تتحدث لطفلة صغيرة، قبل ان تخلعه، ونتمكن من سرقة صورة لها عن بعد، خلال توجهها الى داخل المخيم عبر جسر حديدي.
وكان لافتا اعتماد موكب جولي الطريق الاطول والاكثر وعورة بحفره في السهل، حتى يبدو لمن يجهل المنطقة بانه يعبر في رحلة شاقة للوصول الى مخيم اللاجئين السوريين، بينما كان يمكن الوصول اليه باقل وقت واكثر سهولة وراحة عبر جسر الفيضة فالطريق المعبدة والاقل حفرا. وتفيد المعلومات بان اقامة جولي في زحلة ومتابعة جولاتها بقاعا مستمران حتى الاثنين المقبل.