النكتة المصرية عبر العصور كانت أحد أسلحة التعبير عن السخط الاجتماعى ، لدرجة أنّ عبدالناصر انفعل فى إحدى خطبه وهاجم من يسخرون من حكمه ، بعدها بأيام انتشرتْ النكتة التالية :
عبدالناصر أمر بالبحث عن اللى بيألف النكت ضده : واحد مسجون قال لوزير الداخليه: أنا اللى بقول النكت دى . خده وراح لعبدالناصر اللى قال للمسجون : أنا اللى رفعت راسكو لفوق وعملت وعملت.. رد المسجون: أنا يا ريس قلت نكت كتير.. بس ما قلت ش النكت اللى إنت قلتها دلوقتى .
وعندما ارتفع سعر الأرز فى وزارة زكريا محيى الدين انتشرت النكتة التالية :
واحد قابل جاره شايل كرنبه. سأله إنت إتجننت دا الرز غالى وموش موجود.. ح تحشى الكرنبه إيه؟ رد عليه : ح أحشيها كفايه وعدل (يهمنى أنْ أوضح للشباب الذين لم يُعاصروا تلك المرحلة أنّ السخرية فى تلك النكتة نابعة من أنّ كلمتىْ كفاية وعدل كانتا ضمن الخطاب الإعلامى الناصرى)
وفى احتفال الضباط بما أطلقوا عليه (عيد الثورة) يوم 23يوليو من كل عام ، قال اسماعيل ياسين نكتة تسببتْ فى منع أغانيه من الاذاعه ومنع أفلامه من التليفزيون لأكثر من عام ، رغم أنه قالها بدرجة عالية من السذاجة و(حُسن النيه) قال :
واحد نقيب اترقى وبقا رائد . راح يشترى نسر عشان يعلقه ما لقاش . حط غطا كازوزه.
وبعد هزيمة بؤونه/ يونيو67 انتشرت النكتة التالية :
المشير عبدالحكيم عامر معلق ورده علا الازبلايط (فى إشارة ساخرة عما سمعه شعبنا عن علاقة المشير بالمطربة الفنانة وردة الجزائرية)
أما النكتة التى جمعتْ بين السخرية والمرارة بعد كارثة يونيو67 فهى :
قائد القوات البحرية المصرية رأى أسطولا أجنبيًا فقال ((مين هناك؟)) فجاءه الرد ((إحنا الأسطول السادس الأمريكى فى عرض البحر المتوسط .. وإنتو مين؟)) فرد القائد المصرى ((إحنا الأسطول المصرى فى عرض النبى))
المفارقة هنا فى أنّ مؤلف النكتة استخدم كلمة (عرض) مرتين : مرة فى (عرض البحر المتوسط) والثانية فى (عرض النبى)
وفى عهد السادات انتشرتْ النكتة التالية:
السادات وبابا الكنيسة المرقصية وشيخ الأزهر داخل طائرة مُهدّدة بالسقوط ومطلوب تخفيف الأحمال . قائد الطائرة طلب من الركاب الثلاثة الإجابة على سؤال لو فشل فى الرد الصحيح سنلقى به من الطائرة : سأل الرئيس السادات : تقدر تقول لنا اسم الرئيس اللى كان قبل منك ؟ وسأل شيخ الأزهر تقدر تقول لنا اسم رئيس الوزرا الحالى ؟ وسأل بابا الكنيسه تقدر تقول لنا أسماء شهداء الثوره الجزائريه؟
وفى عهد مبارك كان عدد النكت أكثر من عهد السادات وعبدالناصر، من بينها النكتة التالية:
مبارك زار جنينة الحيوانات. سأل الفيل : عامل إيه يا فيل : رد الفيل : ح أعمل إيه فى الأيام السوده اللى زى وشك . حتا البرسيم ناشف . أمر مبارك بقتل الفيل ، وبعدين سأل الأسد نفس السؤال: رد الأسد : يا جدع إنت موش مكسوف من نفسك .. دا حتا لحمة الحمير ما لهاش طعم . أمر مبارك بقتل الأسد . وجاء الدور على القرد الذى كان يُتابع ما يحدث. سأله مبارك نفس السؤال. رد القرد : أيامك كلها هنا وسرور يا ريس.. عندى فول سودانى وموز وكل حاجه متوفره. انبسط مبارك فطلب من القرد أنْ يقوم بتقليد الفلاحة وهى تعجن الدقيق ، فرد القرد ((عاوزنى أعمل عجين الفلاحه.. طيب هوّ فين الدقيق يا روح أمك ؟)) هذه النكتة انتشرتْ أثناء أزمة الدقيق وارتفاع سعره فى التسعينيات أثناء حكم مبارك .
ولكن شاعراً مصرياً , كان له رأيا آخر , في مسألة غرام المصريين بالنكتة , وجعلها سلاحاً يواجهون به مشاكلهم مع طغيان حكامهم. انه “الشاعر ” عزيز أباظة ” الذي قال :
ليس شعباً , شعب ينام علي الضييم *** ويشفي غليله في نكاته.
وغالبية كتابات الساخر المصري الأعظم ” أحمد رجب ” وكذلك أفكاره للكاريكاتير. هي نكات – أو قوارص فكهة -سياسية -.. وبالرغم من أنها يومية ومنذ عشرات السنين , فانها لم تحفز الشعب المصري علي الثورة. وريادة شعوب المنطقة في الثورات علي طغاتها. وكان شعب تونس – الصغير البلد , والقليل العدد. هو السباق في الثورة الرائدة.
وفي تقديري. أن الذي ألجأ الشعب المصري لمقاومة الطغيان بسلاح النكتة السلبية التي لا تشعل الثورة في النفوس.. هو حكم العسكر , الذي بدأ عام 1952 وحكم المصريين بقمع وحشي , وبطش فائق الاجرام..فكانت النكتة السياسية- السلبية – هي المنفث..