يحكى أن لاعب الغولف الإرجنتني المشهور
Robert Vincenzo،
كان قد ربح إحدى المباريات النهائية، فحصل على شيك بمبلغ كبير، ثم توجه إلى أحد نوادي الغولف.. بينما كان يقف بسيارته في المرآب ركضت باتجاهه شابة في مقتبل العمر، هنأته ثم راحت تبكي بطريقة هستريائية، وتستغيث به أن يساعدها، فطفلها على حافة الموت وليس بحوذتها مالا كي تدخله المستشفى… تألم روبرت على وضعها، فتناول قلما من محفظته وكتب لها شيكا بالمبلغ المطلوب.. بعد اسبوع كان روبرت يتناول طعام الغداء في أحد المطاعم التابعة لذلك النادي، فاقترب منه مدير المطعم قائلا: لقد أخبرني بعض العاملين هنا، أن شابة ضحكت عليك وأوهمتك أن طفلها يموت، فكتبتَ لها شيكا بالمبلغ، هي كاذبة وليس لها أولاد!
سأل روبرت: هل تعني أنه لم يكن هناك طفل على حافة الموت؟
فرد المدير: نعم، هذا ما قصدته!
تنهد روبرت بارتياح وقال: هذا أفضل خبر سمعته هذا الأسبوع!
…….
تذكرت تلك القصة، التي وردت في كتابي القادم “دليلك إلى حياة مقدسة” وأنا أقرأ بعض التعليقات على كارثة “مضايا”، المدينة السورية المحاصرة والتي يموت أهلها جوعا، ناهيك عن الموت هرسا! تلك التعليقات رشت الكثير من الملح على جروحي، وسلبتني الكثير من جرعات الأمل التي تمد روحي بالحياة! …. عندما يسقط الإنسان في وطني إلى ذلك المستوى، يصعب عليّ أن أتمسك ببقايا أملي…. في تلك اللحظات أتجرد من هويتي كمعارضة أو موالية، وأنظر إلى الصورة كاملة ومن كل جوانبها.. مضايا مدينة سورية، لا يهمني من يسكنها، ولا يهمني من يقود دفة القيادة فيها “الموالون أم المعارضون”، بل يهمني أن هناك انسانية تحتضر! وعندما تلفظ الإنسانية آخر أنفاسها في أية بقعة على سطح الأرض يموت شيء داخل كل إنسان في أية بقعة أخرى.. فكلنا موصولون كونيا، بشكل أو بآخر! فكيف والإنسانية تحتضر في وطن ذلك الإنسان؟؟؟
…..
لنفرض جدلا أن صورة لطفل يموت جوعا في مضايا مفبركة، وتحمل بيانا سياسيا، أليس هناك إحتمال ولو جزء من مليون جزء من واحد في المائة أن تكون تلك الصورة حقيقة؟؟؟ احتراما لهذا الإحتمال ( المتناهي في ضآلته) أتوسل إليكم أيها الموالون أن تحترموا ذلك الجزء! أتوسل إليكم أن ترتفعوا بانسانيتكم إلى مستوى أعلى ـ ولو قليلا ـ من عبارات الإستهزاء والسخرية من تلك الصورة التي يذوب عندها قلب هتلر! من أجل الله… من أجل كل شياطين الأرض أن تبيعونا صمتكم، على الأقل، احتراما لألمنا! عندما تصمت لا أحد يُسيء فهمك!
….
نقول في أمريكا: الصورة أعلى صوتا من مليون كلمة! لقد تجسدت كارثة مضايا وغيرها من المدن السورية في أكثر من صورة وفي أكثر من لقطة تصويرية… قد يكون من الصعب أن تتأكد من حقيقة تلك الصور، لكن ليس من الصعب أن تفترض أنها حقيقة، وأنا ترتكس لها على أنها حقيقة.. كما فعل لاعب الغولف الإرجنتيني!
….
سكان ولاية اريزونا هم عموما من المحافظين، ولهم موقف معادي من قضية الهجرة والمهاجرين… في صحراء تلك الولاية يموت مئات المكسيكان الفارين من المكسيك إلى أمريكا عطشا ومن شدة الحر، كل عام… لكن، وأمام تلك الفاجعة الإنسانية تجاوز سكان الولاية ـ موقفهم السياسي ـ وقاموا بتشكيل منظمة لجمع التبرعات وبناء محطات في الصحراء مزودة بالفيء والماء، كي يضمنوا أن لا يموت أحد بتلك الطريقة غير الإنسانية!
….
الموقف السياسي من أية قضية يجب أن لا يفصلنا عن إنسانيتنا، ويجب أن لا يقف حائلا بيننا وبين ضمائرنا… ليس من أجل الضحية وحسب، بل من أجل أنفسنا أيضا! فالكون يمدّك بالطاقة الإيجابية اللازمة لحياة كريمة، بمقدار قوة الرابطة التي تشدك إلى ذلك الكون… والاستهتار بقصة طفل يموت جوعا، حتى ولو كانت مفركة، يضعف تلك الرابطة ويقوض بالتالي من طاقتك الإيجابية ومن قدرتك على أن تحيا كريما… فكن حذرا!
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :