يكفّر المسلمون وشيوخهم المسيحيين ويتهمونهم بأنهم يعبدون إنسانا مخلوقا من دون الله وهو المسيح بن مريم وللرد على هؤلاء نوضح ما يلي :
لو كانت عقائد المسيحية تنادي بعبادة إنسان مخلوق من تراب لأنقرضت في بدء تأسيسها، ولم تبق أكثر من ألفي سنة مستمرة وتنتشر عبر قارات العالم وبين مليارات من الشعوب . وكنائسها منتشرة في كل أرجاء المعمورة رافعة صليب المسيح فوق الرؤوس والأبنية .
يسوع المسيح وليس عيسى القرآن ليس إنسانا جعله الناس إلها. المسيح هو كلمة الله وروحه الأزلي، وكلمة الله تعني الله بذاته . بإرادة الله الآب أرسل كلمته وروحه فأتحد وحلّ في أحشاء مريم البتول التي اصطفاها الله من دون نساء العالم . فتكّون جنينا في بطنها بإتحاد روح القدس مع الكلمة وصار إنسانا. فالمسيح نزل من السماء وليس هو مخلوق من تراب كمثل آدم كما تزعمون. هل كلمة الله مخلوقة من تراب الأرض يا من تعقلون أم كلمة الله أزلية الوجود ؟ كيف تساوون بين كلمة الله المقدسة والتراب ؟
المسيح نزل من السماء مرسلا من الإله الآب الروح كي ينقل كلمة الله الى الناس ويسمعها البشر بلسان المسيح الإنسان . فمن يتكلم بلسان الله وينطق بأقوال ويعمل ما يعمله الله فهذا ليس إنسان مخلوق من تراب، إنما كلمة الله المتجسد بإرادته هو من ينطق بقول الله ، ويعمل المعجزات الخاصة بالله الخالق بأيدي إنسان كامل وإله كامل .
دعي المسيح ابن الله لأنه جاء من الله، وليس مولودا بولادة تناسلية من صاحبة كما يدعي كتاب يقال عنه وحي سماوي . وكذلك أطلق على نفسه ابن الإنسان تواضعا لأنه إله وإنسان بنفس الوقت .
في مثل يوم أمس الجمعة 29/مارس – آذار/ 2024 يحتفل المسيحيون بإحياء ذكرى صلب السيد المسيح بيد الرومان بوشاية حاقدة من رؤساء وشيوخ اليهود المتعصبون. إنها ذكرى حزينة على قلوب كل مسيحيي العالم، فقد اكتملت رسالة المخلص ، وجاء وقت تنفيذ الفداء والخلاص والموت على الصليب لتسديد ثمن خطايا العالم بدم المسيح البار. فقد تنبأ بالخلاص الكفاري الكثير من أنبياء العهد القديم، ولهذا السبب نزل يسوع المسيح من سماء مجده ليقدم الفداء بدمه وكان هو الذبح العظيم الذي مثله اسحق ابن ابراهيم . وأصبح المسيح هو الحمل الحامل خطايا، ذبح كفارة لأجل الخطاة وغفران الذنوب . مكث المسيح المائت في الجسد البشري ثلاثة أيام في القبر، وقام في فجر اليوم الثالث قبل شروق شمس يوم الأحد ، كما قال لتلاميذه قبل الصلب وحكى لهم كيف سيقتل ويموت ثم يقوم من الأموات في اليوم الثالث ، وسيلتقي مع تلاميذه في الجليل حيا بالجسد . وهذا ما حصل تماما كما قال قبل صلبه، فقد قام وزار تلاميذه وهم مجتمعون خائفون من اليهود ، وقال لهم ها أنذا جسوني فلست شبحا، وللتأكيد على وجوده معهم بالجسد أكل معهم الطعام . يحتفل كل المسيحيون في العالم يوم غد الأحد الموافق 13 مارس 2024 بعيد قيامة السيد المسيح من الموت وخرج من القبر حيا بقدرة لاهوت الله الذي اقامه . وطلب يسوع المسيح من تلاميذه نشر رسالة البشرى وهي الإنجيل لكافة الخليقة في المسكونة والعالم ، والتبشير بالمسيح ربا والها . وقال لهم ساذهب الى ابي وارسل لكم الروح القدس المعزي ليمكث فيكم ويرشدكم ويشجعكم على نشر رسالة المحبة والسلام وبشرى الخلاص والتبشير باسم المسيح في العالم أجمع لغفران الخطايا. وهكذا نفذ الله وعده بإرسال المخلص .
لقد دعي اسمه يسوع الذي يعني باللغة العبرية الله المخلص . ودعاة الملاك سيكون اسمه عمانوئيل اي الله معنا . بعد جمعة الآلام الحزينة ، عم الفرح والبشرى بقيامة المسيح من عالم الموت إلى الحياة. وظهر في عشر مناسبات لتلاميذه بعد القيامة بالجسد حيا ، وعلمهم كل ما مكتوب بالكتاب المقدس وما قاله الأنبياء في كتبهم . فأصبحت قيامة المسيح عيدا للفرح يتبادل فيه المسيحيون في كل عام التهاني ويبشرون بقيامة المسيح . وأصبح هذا اليوم عطلة رسمية في كل الدول التي تدين شعوبها بالمسيحية .
وأصبحت تهنئتنا مع الآخرين بقول (قام المسيح حقا قام) . لأننا متأكدون من قيامته وهو يسكن فينا بالروح وسيبقى معنا ومع المؤمنين به الى انقضاء الدهر كما اخبرنا بنفسه . فحيثما يجتمع اثنان أو ثلاثة للصلاة باسم المسيح يكون هو في وسطهم . إن قيامة المسيح من الموت بعد الصلب هي الدليل ان روح الله حي لا يموت وقد صعد الى السماء بجسده أمام أنظار أكثر من خمسمائة مؤمن في وضح النهار وهم ينظرونه . ولم يسرَ به ليلا في جنح الظلام على بغلة مجنحة وبغير شاهد عيان .
وعدنا رب المجد انه سيعود مرة أخرى الى الأرض ليجمع المؤمنين به ويأخذهم الى ملكوت الله، وليس الى جنة حور العين .
يتساءل بعض الخبثاء اين قال المسيح أنا الله فأعبدوني ؟ ورغم ان الكثيرين من المسيحيين أجابوا على هذا التساؤل ، ولكن الببغاوات لا تزال تردد هذا السؤال و ليس لهم عقول تفهم ما نقول . ومع هذا سأختصر آلاف الكلمات التي قالها السيد المسيح التي تثبت لاهوته، سأذكر كلمة واحدة قالها المسيح وهو معلق على الصليب مكلما اللص المصلوب الى جانبه بعد ان آمن به مسيحا وربا مخلصا . وقد طلب اللص من المسيح قائلا : اذكرني يارب متى جئت في ملكوتك . اجابه السيد المسيح من فوق الصليب : ” الحق الحق اقول لك انك اليوم تكون معي في الفردوس ” .
من يتمعن بهذه الكلمات سيدرك ان قائلها ليس إنسانا مخلوقا من تراب، إنما هو إله عنده مفاتيح ملكوت السماء وبإمكانه ان يأخذ المؤمن به التائب عن خطاياه الى ملكوت السماء التي يتربع هو على عرشها . ولو كان المصلوب شبيها بالمسيح كما يدعون فلا يملك هذا الشبيه القدرة على نقل المصلوب التائب الى ملكوت السماء وهو معلق على الصليب منتظرا الموت .
و اخبر المسيح تلاميذه قائلا : “اني معكم إلى انقضاء الدهر” . فهل يبقى الإنسان العادي حيا مع المؤمنين الى انقضاء الدهر ؟ ام المتكلم هو إله يعلم الغيب ويشفي المرضى ويحيي الموتى ويخلق من الطين عيونا لمن لا عين له من بطن امه . وفي القرآن قال للناس : ” أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير” فمن من البشر له القدرة ان يخلق من الطين وينفخ به ويمنح الطين الحياة غير الله . فمن يكون المسيح كلمة الله المانح للحياة وهو قول الحق الذي به يمترون .
عسى كلماتي تجد طريقها لمن به صمم .
صباح ابراهيم
سبت النور
30/3/2024