أهلي وكل أقربائي من المسلمين العاديين والمتعصبين إذا نبذوا مِلة أو أي جماعة دينية مثل المجوس أو البوذيين أو المثليين الجنسيين من شتى المِلل والطوائف أو إذا أزعجهم خبر عن رجل قام باغتصاب أمه أو أخته فورا يقولون عنه بهذه الجملة مع حلفان اليمين(والله المسيحي أشرف منّه) أو يقولون(والله اليهودي أشرف منّه) أو يقولون عن أي مغتصب لأمه أو أُخته : والله المسيحي ما بعملها, أو: والله اليهودي ما بعملها, وإذا شعر أي رجل من أهلي وأقربائي بظلم ذوي القربى لهم يصيحون فورا بهذه الجملة مع الولولة: ول ول ول شو احنا كاينين مسيحيين ولا يهود! , وإذا رأوا عاهرة واستنكروا فعلتها يقولون عنها مقارنة بغيرها: والله البنت المسيحية بتخاف على شرفها أكثر من هالقحبه, طبعا كل ذلك بسبب التربية الخاطئة إذ يعتقد المسلم بأنه هو الوحيد المحافظ على الرشف والصدق والأمانة, علما أن الشرف والصدق والأمانة ليس له علاقة بالوطن أو الإقليم أو الديانة فهذه النسب متفاوته والأخلاق السيئة متوافرة في بعض المسلمين أو اليهود أو المسيحيين, ولكن التربية غير السليمة عندنا أقنعت المسلم بأنه هو الوحيد المحافظ على شرفه وصدقه وأمانته وهو لا يدري بأنه إذا كان هو محافظا على الشرف فإن هنالك مليون مسلم غير محافظين ومليون مسيحي محافظين.
والمهم والأهم قبل يومين علّق لي أحد أصحابي وأصدقائي بمكالمة هاتفية على مقالتي(مسيحي بس محترم!!! ) حيث قال: كُنت قبل مدة من الزمن أقود سيارتي من منزلي إلى مكان عملي وفي الطريق لاحظتُ شابا يحملُ بيده كُتبا ويلوح بيديه للسيارات لكن لم يتوقف أي سائق لكي يركب معه في أجواء مناخية سيئة بعض الشيء, فشعرت تجاهه بالحزن وبالأسى فتوقفت له دون أن يلوح لي بيده ودعوته للركوب بسيارتي إلى جانبي, ودار بيني وبينه النقاش وقال لي بأنه طالب جامعي يدرس في جامعة العلوم والتكنولوجيا تخصص طب بيطري, ثم قال لي: باختصار يا أستاذ جهاد تطرقنا أنا وهو إلى موضوع الدواعش وقطع الرؤوس واستنكر الشاب أعمال داعش الإجرامية وارتحت من هذا الاستياء والاستنكار منه, ولكن شيء واحد ضايقني لأنني مسيحي وهو لم يكن يعلم بأنني مسيحي إذ قال لي وهو يقسم: والله يا أخي ما يفعله داعش كله حرام وإجرام وووالله إنه المسيحيين أشرف من داعش بمليون مره, قال صاحبي عندها خففت من سرعة السيارة ونظرت إليه وقلتُ له سائلا: ليش بتحكي عن المسيحيين هيك؟ ليش بتحكي إنه المسيحيين أشرف من داعش؟ هو المسيحيين ما عندهمش شرف؟ فقال وما زال مصرا: والله المسيحيين أشرف من داعش وعندهم شرف أكثر من داعش, فقلت له, أنت وأنت واقف على الطريق تستنجد بالسيارات وتحاول إيقاف إحداهن للوصول إلى الجامعة هل توقف لك أحدٌ غيري؟ فقال: لا, فقلت له: طبعا كل اللي أشرت لهم بيدك لم يتوقفوا لك وهم مسلمون, أما أنا توقفتُ لك من دون أن تؤشر لي, فهل تعلم أنني مسيحي!!!!؟؟؟؟!!, فبُهتَ الشاب ولم يكن يعلم ماذا يقول: وصار يعتذر لي ويتأسف وهو يقول لي أنه قال هذه الجملة عن غير عمد ولم تكن مقصودة, ثم أضاف صاحبي وهو يكلمني على الهاتف بأن الشاب من شدة خجله أراد أن يفتح باب السيارة وينزل منها وهي تسير, ومن ثم أنزلته على باب الجامعة ومضى كلٌ منا إلى حال سبيله.
طبعا مثل هذه الأحاديث ألاحظها أنا يوميا تحدث في كافة الجلسات والمناسبات, وكأن المسيحي ليس عنده شرف أو أمانة, فهل تعلموا بأن الشاعر العربي السموأل وبالعبرية(شموائيل) ويعني(إسماعيل) كان يهوديا له حصن (الأبلق) في (تيماء) وكان يعيش في (خيبر) توفى سنة 560 للميلاد , وقد أودع عنده امرئ القيس درعه كأمانة ولم يقبل أن يسلمها للملك الحارث والقصة مشهورة في كُتب الأدب وطبقات إبن سلام, ابن سلاّم الجمحي، طبقات فحول الشعراء , فأخذ الملك ابن السموأل ويُدعى : (كان) كرهينة وخيره بين قتل ابنه أو تسليم درع امرئ القيس الذي كانت تتوارثه ملوك كنده من ملكٍ إلى ملك, فاختار هذا اليهودي أن يقتل -الحارث الغساني ملك الحيرة- ابنه على أن لا يخون الأمانة التي وضعها عنده امرئ القيس, والشاعر السمؤال معروف بقصيدته:
إذا المرءُ لم يُدنس من اللؤم عرضه
فكل رداءٍ يرتديه جميلُ
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها
فليس إلى حُسن الثناء سبيلُ
تعيرنا أنّا قليلٌ عديدنا
فقلت لها: إن الكرام قليلُ
وما ضرنا أنّا قليلٌ وجارنا
عزيزٌ وجارُ الأكثرين ذليلُ
طبعا كل الناس تعتقد بأن السموأل عربي وهم لا يدرون أنه يهودي عنده شرف وأمانة وأخلاق ودين وتقوى وحشمة, الناس هنا كما قال الفيلسوف الرازي: نحن ابتلينا بقومٍ يظنون أن الله لم يهد سواهم, يعني يعتقدون بأنه من المستحيل أن تجد شرفا أو أخلاقا انسانية عالية عند غير المسلمين, علما أيضا أن الأخلاق والشرف والوفاء هي قيم نسبية موجودة عند كل الأمم والشعوب, وقد تجد رجلا مسلما يمارس الجنس مع المحارم ويزني و…و…إلخ, وكذلك من الممكن أن نجدها عند اليهودي أو المسيحي, ولكن الخطأ الكبير أن نقوم بالتعميم ومقارنة ذوي الأخلاق السيئة بالمسيحيين أو أن نقول: والله المسيحي استحى يعمل عملته, أو اليهودي استحى يعمل عملته, أو المسيحي عنده شرف أكثر من هذا أو ذاك,هذه لغة وكلام لغو اعتاد اللسان عليه ويجب أن نقوم بتغييره من خلال التوعية الجمعية والتربية ومن خلال استعمال المساجد ومنابر المساجد لنقول للناس أن لا يقولوا مثل هذا الكلام وأن لا يقارنوا مقارنة استنكارية فيها الكثير من الاستعجاب أو المبالغة في الاستعجاب كأن نسمع أحدهم وهو يقول: والله المسيحي عنده شرف أكثر من هذا, أو المسيحية بتخاف على شرفها أكثر من هذه العاهرة, أ….إلخ.
مواضيع ذات صلة :مسيحي بس محترم!!!