د. ميسون البياتي
عاش ليف جوميليوف بين عامي 1912_1992 وهو مؤرخ سوفييتي متخصص في علم الأجناس ومترجم عن الفارسيه . والده هو الشاعر الروسي المعروف نيكولاي جوميليوف الذي أعدمه البلاشفه عام 1921 بتهمة تعاونه مع السلطات القيصريه ضد البلاشفه , أما والدته فهي ( روح العصر الفضي للشعر الروسي ) الشاعره أنا أخماتوفا
تطلّق والداه حين كان في السابعه من عمره وأعدم والده حين كان في التاسعة من العمر . أمضى ليف أغلب شبابه في المعتقلات السوفييتيه ما بين عامي 1938 _ 1956 . تم اعتقاله عام 1935 من قبل وزارة الداخليه ثم أطلق سراحه , لكنه أعتقل مرة ثانيه عام 1938 وحكم عليه بالسجن 5 سنوات , وبعد إنهائه المده تم تجنيده في الجيش الأحمر وشارك في معركة برلين ضد النازيه عام 1945 , بعد نهاية الحرب أعيد إعتقاله عام 1949 وحكم عليه بالسجن عشر سنوات أشغال شاقه في سيبيريا
من أجل إطلاق سراحه قامت والدته أنا أخماتوفا بكتابة قصيده مليئه بالحماسه في مديح ستالين , لكن القصيدة لم تنفع في إطلاق سراح الولد غير أنها حالت دون إعتقال الأم من قبل الشرطه السريه . العلاقه بين ليف ووالدته غير موفقه بسبب لومه لها على أنها لم تقدم له الدعم الكافي في حينه , وقد وصفت هي مشاعرها حول إعتقال ولدها والحياة في ظل الإضطهاد السياسي في قصيدتها : القداس
بعد موت ستالين وخروج ليف من السجن عام 1956 عمل في متحف الهيرميتاج وكان مديره وقتها هو ( ميخائيل أرتمونوف ) وتحت إشراف أرتيمونوف أصبح ليف مولعاً بدراسات الخزر كما أنه إنضم الى بعثات الى مناطق ( دلتا نهر الفولغا ) و ( شمال القوقاز ) وكان يصاحبه الجيولوجي ( ألكسندر أليوكسين ) للبحث عن أسباب سقوط إمبراطورية الخزر
في الستينات بدأ ليف يعطي محاضرات في جامعه لنينغراد , وبعد عامين ناقش أطروحته في الدكتوراه وكان موضوعها عن الترك القدماء . بعد الدكتوراه عمل في معهد للجغرافيا حيث حصل على دكتوراه ثانيه في الجغرافيا
يتفق مع ليف في آرائه حول يهود مملكة الخزر الكاتب ( آرثر كويستلر ) فهو يرى بأن الإمبراطورية الخزرية القديمة كانت إمبراطورية قوية تكاد تكون منسية اليوم في أوربا الشرقية , أهلها من القبائل الآرية التركية الوثنية ، إضطروا الى إعتناق اليهودية عام 740 ميلادية حتى يضمنوا لأنفسهم أن لا تعتدي عليهم الممالك المسلمة والمسيحية المحيطة بهم لأنهم ليسوا من أهل التوحيد . سقطت دولتهم حين هاجمها جنكيز خان فقتل منهم من قتل .. أما البقية فقد هاجروا الى وسط أوربا , ويعدهم المؤرخون أسـلاف اليهود الأوربيين المعاصرين ( الأشكناز ) و كان للخزر نفوذ يمتد من البحر الأسود إلى بحر قزوين ، ومن جبال القوقاز الى نهر الفولغا ، وكان لهم دور فعال في وقف هجوم المسلمين ضد بيزنطة ، تحركوا في موجات كبيرة للهجرة الى الغرب فوصلوا الى شمال أفريقيا وأسبانيا .
في الجزء الثاني من الكتاب يناقش كويستلر التأثيرات التي طرأت على التراث الإجتماعي والتركيبة العرقية لهولاء الخزر عند هجرتهم الى بولندا وليتوانيا بسبب الهجوم المغولي , تلك التأثيرات التي كتبت عنها العديد من الكتب التي تدعم رأي كويسلر
كما يستنتج الكاتب صحة الأدلة المقدمة من قبل مؤرخين نمساويين أو بولنديين أو حتى إسرائيليين , وفي بحوث مستقلة عن بعضها , بأن اليهود القادمين الى إسرائيل من أوربا لم يكونوا يوماً من أهل فلسطين .. بل هم قوقاز
الموقف الرسمي السوفييتي إضافة الى العديد من الباحثين المتأثرين بالفكر الصهيوني إتهموا ليف جوميليوف بأنه معادي للساميه , غير أن آراءه بدأت تلاقي صدى وبالتحديد منذ سنوات البريستوريكا , وكمؤشر على شعبيته أمر الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزارييف بتأسيس جامعة ليف جوميليوف لتقام مقابل قصر نزارييف في العاصمه الكازاخيه الجديده الإستانه
ليف جوميليوف يدعم الحركات الوطنيه لشعوب آسيا مثل التتار والكازاخستانيين والترك والمغول وغيرهم من الآسيويين الشرقيين ولهذا فليس عجيباً أن نرى له شعبية هائله بين هذه الشعوب وكدليل على ذلك فقد نصب له تمثال في مدينة قازان وهي عاصمة جمهورية تتارستان الروسيه وكان ذلك في العام 2005