المرحلة التي تُحرق ولا تُعاش تسجن الإنسان نفسيا داخل أسوراها

refugeepoliticيقول الكاتب الأمريكي
Patrick Rothfuss،
في قصته
The name of the wind،
(اسم الريح):

“When we are children we seldom think of the future. This innocence leaves us free to enjoy ourselves as few adults can. The day we fret about the future is the day we leave our childhood behind.”
(عندما نكون أطفالا قلّما نفكر بالمستقبل. تلك البراءة تتركنا أحرارا (من القلق)، أحرارا لنستمتع بأنفسنا كما تستمتع قلة قليلة من البالغين. اليوم الذي نبدأ فيه بالقلق على مستقبلنا هو اليوم الذي نودع فيه طفولتنا!)
…..
اليوم الذي يفصل بين طفولتنا وبلوغنا يحدد مدى تأهلينا لخوض تجربة الحياة….
المرحلة التي تُحرق ولا تُعاش بعمقها وعرضها وطولها، هي المرحلة التي تسجن الإنسان نفسيا داخل أسوراها…
نعم، الإنسان الذي لا يعيش طفولته يظل رهين تلك المرحلة من عمره، ولا ينضج إطلاقا عاطفيا ونفسيا….
أصبح من المثبت في علوم اليوم، أن الاستقرار النفسي والنضج العاطفي لا يقل أهمية عن النضج الفكري والمعرفي!
الإنسان الذي لا يعيش طفولته يظل طفلا عندما يتعلق الأمر بمدى جاهزيته لبناء المستقبل ومواجهة التحديات التي تصادفه خلال مرحلة البناء تلك!
…..
عندما أنظر في صورة طفل سوري، ارى فيه بالغا مسربلا بهمومه وقلقه ومخاوفه، الأمر الذي يكاد يفقدني أملي بمستقبل سوريا…
وللأمانة أقول: ليست القضية قضية الطفل السوري وحسب، بل هي قضية طفل ولد في ثقافة لا تعترف بطفولته ولا تحترم حقوقها، ولد في ثقافة تعتبر الطفل ملكية وليس مسؤولية!
…..
“علمه الصلاة في السابعة واضربه عليه في العاشرة”
لا أعرف أي نوع من الإله ذلك الذي يتقبل صلاة طفل يُضرب لأدائها…
الطفل يتعلم بالتقليد وليس بالوعظ أو الضرب، فالضرب يقمع ويجبر ولا يردع ويُهذب، وهناك فرق كبير بين القمع وبين التهذيب!
عندما أتمعن بعمق في السعير السوري، لا أرى فيه كما يرى البعض انتقاما لطرف ضد الآخر، بل أرى فيه انتقاما لطفولات مسروقة وبراءة منتهكة!
…..
هناك تعبير كثيرا ما نستخدمه في وصفنا لطفل هادئ وغير “مشاغب”، ألا وهو: “عاقل”!
نوهم الطفل بأن العقل مرهون بمدى هدوءه وطاعته للبالغين، وبذلك نحدد أُفقه ونجرده من حب الفضول المزروع غريزيا فيه، ذلك الفضول الذي يساعده في الحالات الطبيعية على سبر محيطه وكشف خفايا عالمه بطريقة تدريجية تأهله لاحقا للمرور بأمان إلى مرحلة البلوغ….
….
آدم أطفئ شمعته الرابعة….
ضممته وسألته:
Did you miss me، اشتقتلي؟؟

فأجاب: نعم
سألته:
How much did you miss me، قديش اشتقتلي؟

فأجاب:
Two weeks، اسبوعين!

هذه هي براءة الطفولة التي لم تتلوث بعد بهموم الحياة والتي تجعل من الأطفال لاحقا رجالا…
….
كل ما أتمناه لك يا حبيب الصغير أن تعيش طفولتك بكل أبعادها، كي يتسنى لك لاحقا ان تملك رجولتك بكل أبعادها…

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.