بقلم: عضيد جواد الخميسي
لعبت المرأة الإيرانية دورا هاما في الثورة الدستورية (المشروطة) الفارسية من عام1905 -1911، والتي أصبحت نقطة تحول في حياتها.
وأدت الثورة إلى تأسيس أول برلمان في إيران خلال عهد أسرة قاجار . وفتحت الثورة الطريق لتغيير مفاجئ في البلاد ، وخلقت فرصا جديدة على ما يبدو لبناء مستقبل البلاد ، كماخاضت الفصائل السياسية والاجتماعية المختلفة صراعا مريرا لتحديد مسار الثورة، بيد ان جميع فئات المجتمع لعبت دورا مهما وكبيرا في عملية التغيير للنظام القديم وعلى رأسه ( ناصر الدين شاه قاجار)الذي حاول الحفاظ على امتيازاته بعد نجاح الثورة ولفترة طويلة، وبعد وفاته حلّت مؤسسات القاجاري لتحل محلها مؤسسات جديدة، وبانماط تختلف عن سابقاتها وفق نظام اجتماعي وسياسي جديد.
والنظام الملكي الدستوري الذي أساسه مرسوم (مظفر الدين زنكي شاه) في ايران ، ولنتيجة الثورة جاء إلى نهايته في عام 1925 مع حل سلالة قاجار وصعود (رضا شاه بهلوي) إلى العرش .
شاركت النساء بأعداد كبيرة في الشؤون العامة بعد تاسيس البرلمان، وتقلدن مناصب هامة في مجال الصحافة والتعليم والجمعيات السياسية والاجتماعية ، والتي ازدهرت من عام1911 إلى 1924. ومن النساء الإيرانيات البارزات اللائي لعبن دورا حيويا في الثورة ( بيبي خاتون الإستربادي ــ اول امرأة عضوة في أول برلمان ــ ، نورالهدى منجينه ، محترم اسكندري ، صديقة دولتبادي، و قمر الملوك وزيري) .
وفي مطلع القرن العشرين ، جذبت الصحافة والكتابة العديد من النساء المتعلمات اللائي يتمكنّ من اللغة الفارسية قراءةً وكتابةً ، وكان عام 1907 شهد صدور اول مجلة مختصة بشؤون المرأة ( دانش ) ، وفي وقت لاحق صدر العديد من المجلات والنشرات في العاصمة طهران والتي تهتم بمجال شؤون المرأة كمجلة (شكوفة,, اسم شجرة في ايران,, ــ نعمي بانوفان ,, اسم عائلة معروفة في ايران,, ـــ وطن نسوان ـــ عالم نسوان) ، وعلاوة على ذلك صدرت مطبوعات اخرى في شتى الاقاليم المختلفة ،( جيهان زنان) في مشهد ،(دوختران ايران) في شيراز، (بيك سعادات) في رشت و( نسوان شرف) في بندر أنزلي ، وهذه جميعها تتناول قضايا المرأة قي انحاء بلاد فارس .
على الرغم من أن هزيمة الدستوريين (1921-1925) وتوطيد السلطة من قبل رضا شاه (1925-1941) ، ومحاربة المجموعات النسائية وغلق ابواب صحافتها ، سعت الدولة خلال هذه السنوات ، لتنفيذ الاصلاحات الاجتماعية وعلى رأسها التعليم الشامل ودفع المرأة للعمل في الميادين المختلفة .
كما بدأ رضا شاه السياسة المثيرة للجدل بحظر ارتداء الحجاب للنساء في الاماكن العامة ، لكون الشاه يمتلك ثقافة غربية وتاثيرها بدا واضحا في بعض مشاريعه وقراراته وتأثره المباشر بالمشروطة التركية ايضا، كما قمع المعارضة والحق في حرية التعبير .
بدأت حكومة الشاه محمد رضا وهو نجل الشاه رضا بهلوي في ” الثورة البيضاء “في عام 1962 بتشريع القوانين التي تمنح بموجبها حقوق المرأة المهمة، بما في ذلك حق الانتخاب وقانون حماية الأسرة لعام 1967، وفي وقت لاحق من عام 1975شرعت قوانين مهمة جدا لصالح المرأة والتي تقضي بموجبها تحظر فيها الطلاق خارج نطاق القضاء وتقييد تعدد الزوجات . كما رفع الحد الأدنى لسن زواج الفتيات إلى 18 سنة بدلا من القانون السابق الذي يجيز الزواج من (13-15) سنة .
المرأة والثورة الاسلامية في ايران
عندما بدأت الاحتجاجات والتظاهرات الايرانية ضد حكم الشاه عام 1977 ولحين نشوب الثورة عام 1979 ، كانت مشاركة المرأة عاملا مهما في نجاحها ، وكانت النساء يقمن بالتظاهر في المناطق المتوترة للمدن الايرانية مرتديات (الشادور) كرمز للاحتجاج ، ولأن الشاه البهلوي الاول كان قد حظر ارتداء الحجاب ، فان بروز الشادور في المظاهرات ما هو الاّ دليلا على دعم المرأة للمرشد الاعلى الخميني ونهجه ، بيد ان الكثير من النساء المشاركات لم يكنّ قد ارتدن الشادور من قبل ولكن ارتداؤه في ذاك الوقت هو دعما للثورة ونفورا لنظام الشاه ، ومن جانب اخر فان الشادور قد مكن المرأة في ايران من ان تكون قوة موحدة ،ومن شأنه الأشعار بالمساواة والغاء الطبقية التي كانت سائدة ابان حكم الشاه وبمعنى ان النساء من جميع الفئات يناضلن من اجل نفس القضية .
في غضون أشهر بعد تأسيس جمهورية ايران الأسلامية تقلصت حقوق المرأة بشدة والتي كان الشاه قد أقرّها في وقت سابق ، بحيث أول ما ألغي هو قانون حماية الأسرة لعام 1967 ، وفرض الحجاب الأسلامي على جميع النساء المسلمات ومن غير المسلمات ، وتولي الرقابة المشددة في تطبيقه والالتزام بارتدائه ، والحجاب الغير شرعي هو الذي يكشف عن بعض اجزاء جسم المرأة عدا اليدين والوجه ، واذا ضبطت المرأة بمخالفة ارتداء الحجاب لسوف تخضع لعقوبة تصل الى 70 جلدة او السجن 60 يوما . وفي عام 2007 قامت شرطة العاصمة طهران وبتوجيه مباشر من المرشد الاعلى علي خامنئي ، بحملة ,, الحجاب السيء,, بتحذير ومعاقبة اي امرأة لاترتدي الحجاب الشرعي والذي فرضته الحكومة الاسلامية، وكانت نتائج الحملة اعتقال الاف النساء الايرانيات من جراء تلك القوانين الجائرة .
كما منعت المرأة من تولي القضاء ، وفصل النساء عن الرجال في ممارسة الرياضة والسباحة في الشواطيء ، وتخفيض السن القانوني لزواج الفتيات الى تسع سنوات ( رفعت في وقت لاحق الى 13 سنة) ، ومنعت النساء المتزوجات من الالتحاق بالمدارس العادية ، وغيرها من القرارات المفاجئة والجائرة مما تسبب احتجاج النساء على الفور ضد هذه السياسات . وكما يبدو ان الثورة الأسلامية ملتزمة التزاما عقائديا بعدم المساواة في الميراث وحق الحضانة وغيرها من مجالات القانون المدني .
في مطلع عام 1990 ، لوحظ انه كانت زيادة في سوق العمل للمرأة الايرانية، وسبب ذلك هو حصول تغييرات كبيرة في قوة العمل ، وهذا لايمكن ان يحصل في عهد الامام الخميني ، حيث كسرت حواجز دخول المرأة في سوق العمل الايراني بعد رحيله وخصوصا في الوظائف الحكومية ، ولكن بعد مدة قصيرة جدا ، بدأ التراجع الى ماكان عليه ولربما باكثر سوءاً، بيد ان المرأة كانت تلقى معارضة شديدة بدخولها سلك التعليم العالي ، ولكن الملاحظ اليوم ان نسبة عدد الاناث الى الذكور اكبر بكثير في مواصلة الدراسة في الجامعات والمعاهد التخصصية العالية في ظل حكومة روحاني ، وعلى الرغم من ان الجمهورية الاسلامية تسعى لتحديد مجال عمل المرأة في اعمال نسائية كطبيبات اطفال واختصاصيات بالامراض النسائية ، ولايحق للنساء العمل كمهندسات على سبيل المثال وليس الحصر.
في ايار عام 1997، صوتت الأغلبية الساحقة من النساء الى محمد خاتمي ، رجل الدين الاصلاحي الذي وعد بمزيد من الحرية السياسية. بفترة انتخابه ، وأصبحت النساء أكثر جرأة على نحو متزايد في التعبير عن الأفكار والمطالب، والانتقادات ، وفي ظل تلك التغييرات ، برزت الناشطة النسوية الايرانية ( شيرين عبادي ) الحائزة على جائزة نوبل للسلام , لتحث الناشطات الايرانيات في مجال حقوق الانسان وبما يخص المرأة بالذات في ايران لمؤازرتها في نيل حقوقها .
خلال الدورة السادسة للبرلمان الايراني ، برزت 11 نائبة من اقوى المدافعات عن حقوق المرأة في ايران من مجموع 270 نائبا بالمجلس، لتغيير بعض القوانين الايرانية الاكثر تحفظا ، ومع ذلك خلال انتخابات المجلس السابع ، كان اعضاء المجلس جميعهم من الرجال ، حيث منع مجلس صيانة الدستور من ترشيح النساء لتلك الدورة النتخابية ماعدا امرأة واحدة من جناح المحافظين للترشح لتلك الدورة في المجلس . كما وابطل المجلس السابع جميع القوانين والتشريعات والتوصيات التي مررها وصادق عليها المجلس السادس وبما يخص شؤون المرأة.
قانون الزواج
في عام 1997 ، اصبح التوقيع على نوع جديد من عقود الزواج من قبل الزوج في كثير من الاحيان غير ملزما في بعض نصوصه ، ووفقا لأحكام هذا العقد الجديد، مصادرة حق الزوج في تعدد الزوجات ، والطلاق غير المشروط ، وبالمقابل للزوجة الحق في طلب الطلاق ، وتقسيم الاصول المالية والعينية بين الزوج والزوجة وفق نسب محددة ، والمطالبة بالحضانة المشتركة للأطفال ، والحصول على نفقة الابناء من القاصرين. بيد ان معظم الرجال يرفضون التوقيع على مثل هذه العقود ، ولكن تحدث الموافقة والتوقيع في بعض الأحيان .
والشائع في عقد الزواج في ايران ، ان يتم الاتفاق بين طرفي العقد لتحديد المهر اللازم دفعه من قبل العريس الى العروس وبدون الرجوع الى شروط العقد الاخرى ، وبدون اية مسائلة او ملاحقة قانونية من قبل الحكومة لعدم تنفيذ بنود العقد كاملة .
في عام 2008 رفع الرئيس الأيراني محمود احمدي نجاد بمشروع قانون الى البرلمان الايراني ، ( مشروع قانون دعم الأسرة ) من شأنه ان يسمح للرجل بالزواج من زوجة ثانية دون اذن الزوجة الأولى ، وان تفرض مبالغ اضافية على مبلغ المهر الاصلي كتأمينات مالية تمنح الى الزوجة كنوع من الضمان في حال حدوث الطلاق من قبل الزوج ، وبموجب هذه الضمانات لايحق للزوجة المطلقة مطالبة طليقها بدفع النفقة .
في ايلول /سبتمبر 2008 اعيد قانون الضمانات القضائية الى الحكومة بعد رفضه بأغلبية وقد رفعت الفقرتان من مسودة القانون لاعادة صياغته ، ولكن الرئيس نجادي اعاد وطرح فكرة الزواج المؤقت ، والذي قد تكون مدته تتراوح من ثلاثين دقيقة الى مدى الحياة ، وهو المعمول به اصلا ولكن اريد به ان يأخذ وضعا قانونيا اكثر ، والذي سنّ بفتوى من الامام الخميني عام 1983، وأُنتقد بشدة على هذا الاقتراح باعتباره شكلا من اشكال الدعارة المشروعة .
قانون الطلاق
كان قانون الطلاق في جمهورية ايران الإسلامية في البداية على أساس القاعدة العامة في الشريعة الإسلامية التي تعطي الرجل الحق الأوحد لانهاء الزواج في أي وقت. ويستند هذا على المادة 1133 من القانون المدني السابق (1928) والتي تنص: يمكن للرجل أن يطلق زوجته متى شاء للقيام بذلك .
تم تعديل هذا القانون في الدستور الإيراني عام 1967 بموجب قانون حماية الأسرة الذي منح المرأة المزيد من الحقوق فيما يتعلق بالطلاق والإجراءات المعمول بها والتي كانت إلزامية التنفيذ. وكتعديل للقانون الذي جعل كل حالات الطلاق الخاصة غير قانونية .
منح المزيد من الحقوق لطلاق المرأة بما في ذلك الحق في طلب الطلاق في ظل ظروف معينة، والمادة 1130 من القانون المدني التي منحت المزيد من الصلاحيات والسلطات للمحاكم المختصة باصدار القرارات بحق المرأة طالبة الطلاق فضلا عن الظروف الاستثنائية التي يمكن للزوجة بحق توكيل محام والإسراع في عملية الطلاق.
التعليم
الكاتبة والناشطة الايرانية بيبي خاتون الأستربادي ، اسست اول مدرسة لتعليم الفتيات عام 1907 ، في هذه المدرسة يمكن للطالبات الايرانيات دراسة مجموعة المواضيع المتنوعة من التاريخ ، والجغرافيا ، القانون ، حساب التفاضل والتكامل ، ودروس الدين ، وفن الطبخ . وكان تاكيد ناشطات حقوق المرأة الايرانية على ان التعليم هو مفتاح التحرر والتطور للمرأة .
وفي عام 1936 التحقت 12 من نساء ايران في جامعة طهران ، وفي هذا التاريخ شهدت ايران اول دخول للمرأة الايرانية سلك التعليم الجامعي .
في عام 2006 كانت الطالبات الجامعيات يشكلن اكثر من نصف الطلاب الجامعيين في ايران ، وكانت نسبتهن في اختصاصات العلوم والهندسة تصل الى اكثر من 70% ، مما حدا بتيار المحافظين في مجلس الشورى الايراني الى التنبيه بخطورة الوضع بصعود المرأة الايرانية الى مستويات التعليم العالي ودخولها المعترك العلمي والاجتماعي ، وبما يسبب ،( التفاوت الاجتماعي وحدوث اختلال اقتصادي وثقافي بين الرجال والنساء ) على حد تعبير التيار .
وبرزت العديد من النساء الايرانيات في مجالات متنوعة ، فكانت ( غالية أصغر) و(ايليز سانسريان) و(جانيت أفري ) في مجال العلوم ، ( الينوش تيرياني ) و( مريم ميرزخاني ـ حازت على جائزة نوبل في الرياضيات ) .
في عام 2012 صدر قرار في ايران منع الفتيات الإيرانيات من اختيار الدراسة في الاختصاص الذي يرغبن به ، وكتبت المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان (شيرين عبادي)، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، رسالة إلى المديرة التنفيذية ووكيلة الأمين العام للأمم المتحدة لهيئة المساواة النوعي وتمكين المرأة ، دقت فيها ناقوس الخطر من تعرض المرأة الإيرانية لنوع جديد من أنواع التمييز ضدها.
وكتبت عبادي في رسالتها أن الحكومة الإيرانية وافقت على إغلاق 77 مجالا علميا أكاديميا في 36 جامعة على مستوى الجمهورية أمام الفتيات.
فقد منعت جامعة أراك الفتيات من التسجيل في اختصاصات علوم الكومبيوتر، الهندسة الكيميائية، الهندسة الصناعية، الهندسة المدنية، الهندسة الميكانيكية، الهندسة الزراعية والكيمياء، فيما منعتهن جامعة أصفهان من التسجيل في اختصاصات العلوم السياسية، المحاسبة، إدارة الأعمال، الهندسة الكهربائية، الهندسة المدنية، الهندسة الميكانيكية، هندسة السكك الحديدية، وغيرها.
بدوره، قال رئيس جامعة تكنولوجيا البترول (غلامرز راشد) في تصريحات صحافية “لسنا بحاجة إلى طالبات على الإطلاق”، لافتا إلى أن السبب الرئيسي في عدم قبول فتيات في هذه الجامعة هو ظروف العمل في صناعة النفط بإيران.
ورغم أن بعض النساء الناشطات خارج إيران اعتبرن أن هذا القرار فصل جديد من فصول التمييز ضد المرأة الإيرانية من قبل السلطات، إلا أن مهناز أفخمي المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمؤسسة (Women’s Learning Partnership ) ، إنها لم تتفاجأ من القرار، وأضافت ” ان جمهورية إيران الإسلامية أعلنت منذ نشأتها أن دور المرأة هو مكمل لدور الرجل وليس مساويا له”، مشيرة إلى أن هذا القرار هو “خطوة تمهيدية لفرض الفصل الصارم بين الجنسين”. وكشفت أفخمي أن هذا القرار جاء بعد اقتراحات قدمها برلمانيون إيرانيون لوضع حد لارتفاع نسبة الإناث في الجامعات.
ومنذ أكثر من 30 سنة، والمرأة في إيران عرضة لانتزاع حقوقها، رغم عزمها وسعيها للحصول على مزيد من الحقوق من خلال نظام الجمهورية الإسلامية .
وبحسب تقرير لمنظمة اليونيسكو، فإن إيران لديها أعلى نسبة عالمية في نجاح الإناث تعليميا مقارنة بالذكور.
الرياضة
ساهمت النساء في ايران تطوير لعبة البولو ، وهي رياضة كانت تمارس قبل 2500 سنة في بلاد فارس ، وكانت تقتصر هذه اللعبة على الملكة والاميرات والحاشية ضد الامبراطور والامراء، اما حاضرا اللعبة تمارس على مستوى الأندية والمنتخبات المحلية والوطنية الايرانية . الرياضة في المدارس لكلا الجنسين ، وتشارك الفتيات في فرق نسائية كفرق كرة القدم، والتايكواندو، والشطرنج ، وسباقات الساحة والميدان على رغم القيود التي تفرضها الحكومة الايرانية ، ولدى ايران العديد من اللاعبات المتميزات اللواتي أحرزن على ميداليات في المنافسات الدولية ، في عام 2004 حازت ( زهراء اصغردون) الميدالية الفضية في مسابقة المرأة الاسيوية (فنون الدفاع عن النفس ) في مدينة سانشو الصينية ، وفي ديسمبر 2005 ، فاز الفريق الأيراني للنساء في لعبة بولو الزوارق لدورة الالعاب الاسيوية وحاز على المرتبة الاولى ، وفي 30 مايو/ أيار 2005 اصبحت كل من (فرخندة صادق ) مصممة كرافيك ، و (ليلى كيشافارز) طبيبة أسنان ، من أوائل النساء المسلمات اللائي تمكّن الصعود على اعلى قمة جبل أيفرست ، في ديسمبر 2007 استبعدت سائقة سباق السيارات( الرالي الايراني ) ليله صدّيق والتي تلقب بـ(شوماخر الشرق) من السباقات لمدة سنة واحدة بتهمة العبث بمحرك السيارة ، وعلقت صدّيق على قرار الايقاف بانها لم ترتكب اية مخالفات ، واستبعادها عن المسابقات ، كونها امرأة ولحرمانها من المشاركة الدولية ، لذا لفقت لها تلك التهمة .
من مظاهرالاحتجاج ضد الفصل بين الجنسين لتتضمن حدث ما يسمى بـ ” ثورة كرة القدم ” في عام 1997عندما تحدى ما يقدر بـ 5000 امرأة الحظر على دخول ملاعب كرة القدم ، واقتحمن بوابات الملعب للانضمام الى 120،000 من الرجال في احتفال المنتخب الايراني لكرة القدم، والذي كان قد عاد إلى البلاد تواً من التصفيات المؤهلة لكأس العالم .
في ديسمبر 2007، منعت الفرق النسائية الايرانية من المشاركة في دورة الالعاب الاولمبية ، وقد اصدر نائب رئيس اللجنة الاولمبية الايرانية في حينها (عبد الرضا صفر) أوامره الى جميع الاتحادات الرياضية حول القواعد التي يجب اتباعها لكلا الجنسين من الرياضيين والرياضيات ، وان سيتم فرض عقوبات صارمة بحق المخالفين والمخالفات وبالأخص على اولئك الذين لايتبعون القواعد والشروط الاسلامية خلال المسابقات الرياضية على الصعيدين المحلي والدولي ، ومن بين هذه الاوامر بان يمنع الرجال من تدريب فرق النساء ، وكان الفريق الايراني من افضل الفرق في لعبة كرة الطائرة للاناث في اسيا ، ولعدم وجود مدربة نسائية للفريق ،تعذر مشاركته في المنافسات الدولية .
يسمح للاعبات بعدم ارتداء الحجاب في الحالات المتطلبة ، ولكن فقط في الملاعب التي تتواجد فيها النساء فقط ، ولايسمح للاعبات بارتداء اللباس الرياضي الخاص (ليكرا) الذي يكون مطاطا ضيقا ، وعندما كانت ( حوما حسيني) تتنافس في مسابقات التجديف ، ترتدي حجابها وفوقه قبعة وملابس فضفاضة ذات أكمام طويلة ، وحين تفوز بميدالية لاتسمح بمقلدها ميدالية الفوز ان يصافحها ،والا ستواجه عقوبات صارمة وفرض حظر على المشاركة في اي مسابقة مستقبلية وطنية كانت ام دولية .
واثيرت قضية حضور النساء مباريات للرجال في 2014 بعد اعتقال الايرانية البريطانية (غنجة قوامي) لمحاولتها دخول ملعب آزادي في طهران حيث كانت تجرى مباراة للكرة الطائرة. وحكم على قوامي بالسجن لعام واحد الا انه اطلق سراحها بكفالة بعدما امضت خمسة اشهر من محكوميتها، ولا تزال حتى الآن تواجه حظرا للسفر لمدة سنتين. وقال مسؤولون ايرانيون ان قوامي اعتقلت بتهم لا علاقة لها بمباراة الكرة الطائرة، بل لتواصلها مع “المعارضة في الخارج” والترويج ضد النظام.
المساواة
قانون الاحوال الشخصية الايراني يمكن ان ينظر اليه كقانون متحيزا الى الرجل بشكل كبير لكونه مستندا الى الشريعة الاسلامية ليمنح افضلية الرجل على المرأة ، ومن احد بنود ذلك القانون هو,, سن البلوغ ,, والمسؤولية الجنائية ، بمعنى انه بمجرد ان الطفل تجاوز سن البلوغ يكون او تكون تحت المسائلة القانونية ويعامل وتعامل معاملة البالغين، ويحدد القانون سن البلوغ للاناث في سن العاشرة ، وللذكور في سن الرابعة عشرة ، وهذا يعني ان الفتيات اللائي لاتتجاوز اعمارهن سن العاشرة يمكن ان يحاكمن كمجرمات ، وبهذا يضع القانون الايراني الفتيات الصغيرات في الدائرة القاسية لأنتهاك حقوق المرأة ، وتتراوح العقوبات من السجن الى الجلد ، ونادرا ما تصل الى عقوبة الاعدام .
المساواة بين الجنسين في ايران غير موجودة عمليا، والنساء لازلن يواجهن سوء المعاملة ، وخاصة في الدوائر والمؤسسات الحكومية الامنية والقائمين على تنفيذ القوانين، وخير مثال على مقدار العنف الذي واجهته احدى النساء خلال انتخابات الرئاسة الايرانية في 2009 ، حيث تم اعتقال العديد من النساء اللواتي منحن اصواتهن للمرشح ( مير حسين موسوي ) ، ومن ضمن النساء هذه المرأة التي اعتقلها احد افراد الحرس الثوري الايراني ،حين قال لها مهدداً: ( سأفعل شيئا لن تنسيه ابدا ، وسوف اجعلك لا تتركين منزلك مرة اخرى ، وعند سماعك اسمي في اي وقت ترتعشين خوفا ، بل وسأنسيك اسمك ايضاً ) .
وفي النهاية تم فرز اصوات الناخبين ، وفاز محمود احمدي نجاد باغلبية ساحقة ، اعقبتها احتجاحات واسعة ضد نتائج الانتخابات على انها مزورة ، ومع ذلك استمر نجادي بالسلطة ولم يأبه لمعارضيه .
الدستور الإيراني لا يتسامح مع ما يسميه تمردا للنساء الإيرانيات اللائي يدفعن كل مرة الثمن غاليا . (نرجس محمدي) تدهورت صحتها وراء القضبان و(نسرين سوتودي ) قضت إحدى عشرة سنة في السجن ونفس الامر بالنسبة لـ(ـشيفا نازاهاري) و(جيلا باني يعقوب) اللواتي حكم عليهن بأحكام سجن متعددة .ومع كل هذا وذاك، استطاعت المرأة الإيرانية فرض نفسها في المجتمع الإيراني، فهي لا تزال تواصل تعليمها في المعاهد والجامعات وتشارك في التظاهرات والاحتجاجات كما اقتحمت سوق العمل وحتى البرلمان الإيراني. ومن النساء قمن أيضا مؤخرا بإطلاق حملة لتغيير القوانين الحالية. ما دفع الحكومة الإيرانية لتضييق الخناق عليهن من خلال قوانين جديدة كتلك التي تمنع النساء العازبات الأقل من أربعين عاما من مغادرة الأراضي الإيرانية من دون موافقة أباءهن أو إخوانهن. القانون حظي بدعم البرلمانيات الإيرانيات المرشحات من قبل السلطة الدينية في الجمهورية الأسلامية.
وفي المقابل قامت حكومة محمود أحمدي نجاد بتخفيض سن التصويت لدى النساء إلى ستة عشر عاما للتصويت على مشاريع ترمى عرض الحائط بعد انقضاء الانتخابات حسب قول النساء الإيرانيات.
وفقا للمادة 115 من الدستور الإيراني، لا يمكن للنساء أن يترشحن للانتخابات الرئاسية في إيران، والاحتجاج على هذه المادة من قبل الناشطات الإيرانيات بدأ منذ عام 2005. والإيرانيات شاركن في الانتخابات لاعتقادهن أن أصواتهن هي وسيلة لتحقيق حقوقهن. فالمرأة الإيرانية لا تتجاهل الانتخابات ابدا.
في 27 آب/اغسطس2006 ، تم اطلاق حملة ( المليون توقيع ) تطالب بحقوق المرأة في ايران ، وتهدف الحملة للقضاء على التمييز القانوني ضد المرأة من خلال جمع مليون توقيع ، ومن جملة هذه القوانين ، الشهادة القانونية الكاملة للنساء امام القضاء في المحاكم الايرانية والدوائر العدلية ، حيث يعتبر القضاء الايراني شهادة المرأة هي نصف شهادة الرجل ، وفي الكثير من الاحيان لايؤخذ بشهادة المرأة او قبولها ووفق اجتهادات القضاة، وتهدف الحملة ايضا الى الغاء القانون الذي يقضي بعقوبة الرجل الذي يسبب أضرار جسدية بالغة للمرأة ، او بسببها تحدث حالة الوفاة ، فالقانون يقضي عقوبته بنصف العقوبة التي لو حدثت وبنفس الظروف للرجل .
وصرح البروفسور(نايري توحيدي ) والذي يعمل استاذاً في جامعة كاليفورنيا، وناشط دولي في حقوق المرأة ، ,, هوجمت الناشطات الايرانيات المشرفات على حملة التواقيع ، والقي القبض على العديد منهن ، وعلى اثرها ابطأت الحملة وجرى تمديدها سنتان اضافية للوصول الى هدفها، وعوقبت اربع نساء من المنظمات للحملة بالسجن باحكام تترواح من سنتين الى ست سنوات ، وهن كل من (مريم حسين ، ناهد كيشاورز ،جليلة جواهري و بارفين أردلان ) .
في عام 1992، تأسست مجلة زنان (مجلة المرأة)، على يد الناشطة النسوية الايرانية( شهلا شركت ) ، والتي تركز على اهتمامات المرأة الايرانية في مجالات السياسة والاصلاح ، وقضايا العنف المنزلي ، والجنس ، والتربية ، والطفولة وغيرها من المواضيع التي تخص المرأة . ومجلة زنان التي تصدر شهريا ، كانت المجلة الاوسع انتشارا في عهد الثورة الاسلامية ، لتناولها موضوعات تنتقد فيها الشريعة الاسلامية واسلوب تطبيقها في ايران ، وبالاخص بما يتعلق بالعنف المنزلي ، والحجاب ، وطاعة ولي الأمر، والمساواة بين الجنسين .
كانت كل من( شهلا شركت ـــــ رئيسة التحرير، و شهلا لاهيجي ، و ماهنجز كار ) يتناولن في كل مقالاتهن عن حقوق المرأة المثيرة للجدل ويطالبن بالاصلاحات المطلوبة ، الا ان هذه المطالب لاتلقى اذان صاغية من قبل الحكومة الايرانية ، بل وفي نهاية كانون الثاني /يناير من 2008 اغلقت المجلة وصودرت محتوياتها بحجة ,, التهديد الأمني للجمهورية الاسلامية ، وافسادا لمجتمعها ,, وبهذه الخطوة من قبل الحكومة ، قضت على امال الملايين من النساء الايرانيات وتطلعاتهن في اظهار صوتهن والاجهار بمطالبهن لنيل الحقوق ، وتبددت بعد ان كانت المجلة النسوية الوحيدة في ايران …[يتبع]
المصادر
ــــــــــــ
جانيت أفاري ـــ الثورة الدستورية الأيرانية 1906 ــ 1911ــــ جامعة كولومبيا / نيويورك ــ1996 .
آزادي كيان ــــ الحركة النسائية في ايران ـــ باريس ــ معهد الدراسات الأمنية التابع للاتحاد الأوروبي ــ 2012 .
حامد شاهديان ـــ المرأة في ايران ـــ غرينوود للنشرــ نيوجرسي ــ 2002 .
صحيفة نيويورك تايمز ــ الزواج المؤقت / الحب يجد طريقه في ايران ــ مقال منشور في 4 اكتوبر 2000 ، واعيد نشره في 21 سبتمبر2008.
أيلز سينسريان ــ حركات حقوق المرأة في ايران ــ نيويورك ــ 1982 .
فرانسيس هاريسون ـــ خريجات التحدي ـــ تقرير اذاعة BBC في 26 سبتمبر 2006 .
أرج كورجن ـــ هل حكومة الخوف تعلم الايرانيات؟ ــ برلين ــ فبراير/ شباط2008.
قناة الحرة ــ التعليم الجامعي في ايران ــ تقرير اعلامي عن شروط قبول النساء الجامعيات في ايران ـــ امل شموني ــ25/9/2012 .
بول فيليب ــ المرأة الايرانية وجائزة نوبل ــ مجلة الاسبوعية نيتشر للعلوم ــ12 اب/اغسطس 2014 .
فرانك فوير ـــ الرياضة النسائية في ايران ــ صحيفة انترناشيونال هيرالد تريبيون 24 تموز /يوليو 2008.
محمود مونشبوري ــ الطريق الى العولمة عبر نضال المرأة ـــ معهد جستر للشؤون العالمية 2015.
جولي توملين ــ الاعلام يعطي صوتا للمرأة في ايران ـــ صحيفة الغارديان 1/4/2015 .