ادوار حشوةالمحامي ادوار حشوة : كلنا شركاء
المعارضون كلهم في الداخل والخارج يريدون دولة ديمقراطية وهم صادقون في هذا الامل ولكن الواقع العسكري على الارض ليس كذلك ابدا.
في بداية الحراك الشعبي كانت الشعارات الديمقراطية تسود الساحة وتضم التظاهرات كل الشباب من مختلف الاديان والطوائف وكانت ثورة بريئة من العيب والتعصب.
اختار النظام مواجهة الشعب بالرصاص والقتل والاعتقالات بدلا من الاستماع الى صوت العقل والقيام بالاصلاحات الدستورية وكانت خطته الشيطانية تحويل الناس بالاكراه الى ساحة الصراع الطائفي وبدلا من شعارات الحرية والكرامة واسقاط النظام الديكتاتوري لا اسقاط الدولة حلت الشعارات الدينية وتعددت بتعدد الفصائل منها ما كان داخليا ومنها ما كان مستوردا.
الالتجاء الى الله بمواجهة الظلم ليس عيبا وهو متوقع لدى كل الشعوب لتحريض الناس للدفاع عن الحرية ومقاومة الظالمين ولكن ان يكون الهدف اغتيال الثورة الشعبية الديمقراطية التي قادها الشباب واستبدال مشروعهم الوطني بمشاريع لاتعترف بالديمقراطية ولا تتفهم ظروف المجتمع التعددي وتريد نماذج تبحث عن المستقبل في الماضي متجاهلة ظروف العصر ومشبعة بالتعصب الضيق الافق ضد التعدديات الأخرى أمر آخر يفهم منه الرغبة في اسقاط ثورة الشباب الديمقراطية السلمية بقوة السلاح.
في الساحة السورية اليوم لم يعد النظام ممثلا لحزب البعث ومشروعه العلماني القومي بل صار ممثلا لاقلية عائلية استخدمت بعض الطائفة بالاكراه والتخويف لخدمة وجودها السلطوي ودفعت بالبلد الى الحرب الطائفية دون وازع من اخلاق او ضمير .
وبالمقابل ومع عسكرة الثورة سيطر المتشددون على مقدراتها وحصلوا على دعم خارجي ممن لاتهمهم الثورة
ولا شعارات شبابها و هؤلاء يرغبون في اقامة امارات ودول خاصة بقوة السلاح فتساوى هؤلاء مع النظام في مسائل الوحشية ورفض الديمقراطية والسعي المتقابل الى الحرب الطائفية التي تاكل الاخضر واليابس .
وباستقراء الواقع فان عسكرة الثورة احدثت انقساما في الساحة الشعبية المؤيدة وما حدث ان العسكرة اقتصرت على جزء من تعددية الحاضنة الشعبية التي رفض بعضهم المشاركة في العمل المسلح ولكن ظلوا على ولائهم للثورة.
تحولت الثورة المسلحة بفعل تدخل دول ومنظمات وجماعات من الخارج ارادت تحويل الثورة الشعبية الى ثورة طائفية فبدلت الشعارات واستهدفت الشباب الديمقراطي بالقتل وتساوت مع النظام في هذا الامر لانها تريد مشاريع تقسيم للبلد على اسس متخلفة ليست من العقل السوري ولا من اعتداله العظيم . وعند هذه النقطة بدأ التأييد الشعبي
بالتراجع لا لصالح النظام بل ضد الشكلين المفروضين على الناس بعيدا عن شعارات البدايات الديمقراطية الحرة .
الان لابد من اعادة انتاج الثورة عبر العودة الى بداياتها الوطنية الجامعة والديمقراطية وهذا لايمكن ان يتحقق الا اذا وضعنا جانبا كل انتماءات الساحة السياسية والاصطفاف في مشروع الجبهة الديمقراطية التي يجب ان تضم كل مكونات البلد وتعددياته وان يتم استرداد من ضللوا فاصطفوا الى جانب النظام او جانب المسلحين المتطرفين من الداخل السوري او من خارجه وعلى ان يكون للجبهة مشروعها للمرحلة الانتقالية هو دستور 1950 الذي هو من
انتاجنا لامفروضا من الاجنبي ولا من دول المنطقة ولا من النظام والذي هو عنوان
الديمقراطية السورية التي ا غتالها الانقلابيون العسكر والتي يتم اغتيالها اليوم من قبل نظام فاسد وديكتاتوري
من قبل بعض المسلحين الذين رفضوا مرارا تبني دستور 1950 لانهم لايريدون الديمقراطية ولا الحريات.
اعادة دور الشباب المثقف الذي فجر التظاهرات السلمية الديمقراطية واعادة بناء الحاضنة الشعبية التي تفككت بسبب النظام والمتشددين القادمين من الخارج واسقاط كل الشعارات التي تدعو الى استمرار الديكتاتورية او استبدالها بديكتاتورية من لون آخر…هذا هو الطريق .
جاء أوان الانقسام الحاد بين يريد دولة ديمقراطية لكل النسيج السوري وتنبع فيها السلطة من صناديق الاقتراع لامن فوهات بنادق المسلحين وبين من يريد الحكم الديكتاتوري العائلي او الطائفي من هذا اللون او ذاك فهل يصعب على العقل السياسي السوري اعادة انتاج الثورة قبل ان تلفظ انفاسها الاخيرة هذا هو السؤال.