المثقفون في الدول العربية

qmarkمن هم الذين يتمتعون بأفضل حياة أو مستوى معيشي؟ هل هم المحامون؟ أم المهندسون؟ أم الفئة التي لا تتمتع بمستوى تعليم جيد؟ وبشكل آخر؟ من هم السعداء؟ ومن هم المبسوطين جدا في هذه الدنيا؟ هل هم الملوك ورؤساء الحكومات أم المواطنون العاديون الذين لا يتمتعون بمستوى اجتماعي جيد؟ من هم المسرورون جدا في هذه الحياة أو من هذه الحياة؟ هل هم الفنانون أم الرياضيون أم عارضي الأزياء وآخر الصيحات والصرخات والموضات؟ من هم الذين يعيشون دون نكد أو ملل؟ هل هم أنتم أم نحن معشر الكُتاب؟

من هم الذين يتمتعون بحظوظ جيدة في هذه الحياة؟ هل هم أصحاب الوجوه الجميلة أم على العكس؟ أي هل هم أصحاب الوجوه غير الجميلة؟ لمن يبتسم الحظ؟ ولمن تبتسم الدنيا؟ ولمن تضحك الناس؟ من هم الذين يتمتعون بمستوى معيشي حقيقي جيد؟ هل هم الصادقون أم هم الكاذبون؟

من الممكن أن تختلف النظرة من قارة إلى قارة ومن مجتمع إلى مجتمع آخر, على حسب اختلاف وجهات النظر ومستويات المهن؟ فمثلا الكُتاب في الوطن العربي أو في العالم الثالث ليس لهم أي قيمة, ويعيش المثقف الحقيقي فقيرا طوال العمر ومطاردا من مكان إلى مكان وملاحق بشتى وسائل الملاحقات الأمنية ويعيش حياة كلها هم وحزن ونكد وجريمته الوحيدة أنه يستعمل عقله ويشغل مخه وفكره, هكذا هي نظرة المجتمع والدولة الأردنية للمثقف الحقيقي, وهذه النظرة هي نفس النظرة في السعودية وباقي الدول العربية, الثقافة –مثلا- عندنا جريمة يعاقب عليها قانون المخابرات الذي تجهله 99% من عامة الناس المغيبين أصلا والذين لا يعرفون شيئا عن حكوماتهم وما تفعله هذه الحكومات خلف الكواليس وفي العتمة حيث أنها تعيش في العتمة وتتخذ القرارات المزرية بحق الناشطين السياسيين والمثقفين ولا تتخذ هذه القرارات تحت الضوء وذلك لكي لا يراها أحد.

ولكن لو نظرنا إلى الموضوع في دُولٍ أخرى مثل أمريكيا أو أوروبا المتحضرة هذا اليوم لوجدنا أن الموضوع مختلفٌ تماما , فهنالك يلقى الكُتاب والمثقفين الكثير من الاحترام ويستثمرون في الثقافة, لذلك المثقف في الدول المتحضرة سعيد جدا في حياته بينما هو تعيس جدا في المملكة الأردنية الهاشمية التي تدعي الحرية والديمقراطية , وكذلك مستويات المثقفين والثقافة منخفضة جدا في باقي دول العالم الثالث وخصوصا في الدول العربية, وأصحاب المواهب في الدول العربية كلهم على نفس الشاكلة, كلهم لا يتمتعون بمستوى صحي نفسي جيد ولديهم نقص في الحنان والعواطف وفي كافة السلالات العاطفية, مع أنني أومن بأن المثقف بشكل عام حتى في الدول المتحضرة لا يتمتع بصحة نفسية جيدة ولكن على الأقل وعلى الأغلب هم أفضل من الكُتاب العرب بمليون مرة من ناحية المستوى المعيشي والترفيهي والاحترام والتقدير الكبيرين مع اعترافنا أن أمزجة أو المزاج العام للشعراء والروائيين والرسامين التشكيليين وكُتّاب القصة القصيرة والخاطرة ومجمل باقي الأجناس الأدبية كل أولئك مزاجهم العام دائما متوتر جدا وينجم إبداعهم عن سوء حالتهم النفسية, ولكن طريقة التعامل معهم في الدول المتحضرة هي أفضل مليون مرة من طريقة التعامل معهم في الأردن وسوريا والعراق والخليج العربي, وتلجأ تلك الدول إلى الاهتمام ببعض الكتاب كعملية ديكور لكي تغطي على جرائمها بحق الأغلبية الساحقة من المبدعين وخصوصا الشباب.

هذه دول تحمي شعبها من الثقافة وتحمي حكوماتها وملوكها من الوعي وتحافظ على مستوياته المنخفضة والمتدنية, هذه دول عربية تحمي نفسها من القصيدة والقصة القصيرة وتقيما جدارا عازلا بينها وبين المقالة والرواية واللوحة الفنية, يبقى سؤالٌ مهم: من هم الأكثر حظا ونصيبا من السعادة في الدول العربية؟ لا شك أنهم المنافقون والكذابون والأميون الجهلة الذين لم يقرئوا طوال حياتهم أي كتاب, والدجل والنصب والاحتيال والتظاهر بالجهل وبالتخلف في الوطن العربي طريقة استثمارية يستثمر فيها كل الباحثين عن الثراء , فأصحاب الوجوه الجميلة في الوطن العربي ليس لهم الحظ الأمثل في الحياة الكريمة, بل الحياة الكريمة للجهلة وللمغلظين بحقوق الإنسان وللعاهرات وللعاهرين وللدجالين, ويتسابق الناس في الأردن على الجهل والتخلف فكلما قل وعيك السياسي وزاد غباءك كلما ازدادت فرصتك بالثراء, العالم كله يستثمر بالبحث العلمي والوطن العربي يستثمر بالجهل.

عندنا يدفعون المليارات من أجل المحافظة على التخلف والجهل وطمس الحقائق وتغييب المثقفين عن المشهد السياسي العام, وكما قال أحمد زويل: في أوروبا يبحثون عن الفاشل ويدعمونه حتى ينجح وعندنا يبحثون عن الناجح ويقاومونه حتى يفشل.وكله تحت إشراف المخابرات.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.