اللغة العربية كائن حي، نما وترعرع واستقر في فترات تاريخية مختلفة. ويخطئ من يعتقد أن العربية التي نتكلمها ونكتب بها اليوم هي نفسها العربية في صدر الاسلام أو العصر الأموي.
نحمد الله أن هناك برديات (أي وثائق مكتوبة حية) من عصر عمر بن الخطاب إلى العصر الاموي. في هذه المرحلة كانت المصطلحات اليونانية طاغية على اللغة الادارية والقانونية العربية.. وهذا أمر موضوعي نظراً لأن اليونانية كلغة رسمية ولغة دواوين كانت مستقرة في بلاد الشام والحجاز والخليج ومصر وشمالي إفريقيا منذ ثمانية قرون سابقة.
في العصر العباسي استقرت لغة الدواوين واللغة القانونية العربية وضبطت مصطلحاتها وتم تعريب الكثير من هذه المصطلحات واعتمادها، ولكن في المقابل طمست الكثير من الجذور القديمة ذات المنشأ النبطي، وأسيء تفسير بعضها في القواميس والمعاجم التي وضعها وجمعها موظفو الدواوين، وهم في غالبيتهم من الفرس والترك والكرد.. طبعا كان لهم فضل كبير على العربية، واجتهدوا بقدر ما يستطيعون، ولكن في المقابل قطعوا الصلة المباشرة بين العربية والنبطية والتي كانت الفترة الراشدية الأموية تجسدها بقوة .. ولم نكتشف الصلات المباشرة بينهما حتى فك علماء اللغات طلاسم النقوش.. منذ أكثر من مائة وخمسين عاماً.
تراجعت اليونانية بعد انتقال العاصمة من دمشق إلى بغداد، بسبب ضعف اليونانية في هذا الجزء من بلادنا، فكانت عربيتنا التي نتداولها اليوم.. نحن اليوم أبناء اللغة العباسية.
مواضيع ذات صلة: اللغة الفصحة ليست عربية وليست فصيحة