اللبواني والسلام مع اسرائيل

اللبواني والسلام مع اسرائيلmuss
أن تبدأ حوارا مع اسرائيل لا يعني أنك أقمت سلاما أو وقعت استسلاما لإسرائيل
نحن على مدى عقود كنا نعادي الخنجر ونتصافح مع اليد التي تحمله وتعمل به في صدورنا , اسرائيل لو سألنا صنيعة الغرب واداة من ادواته اليس هذا الكلام ما تم درسها علينا سنين طوال على مدى قرون نعادي اسرائيل ونصادق من يمد اسرائيل بأسباب الحياة والوجود لتصمد أمامنا , اذا كان العالم بأسره يقف الى جانب اسرائيل داعما ومؤيدا منذ تاريخ اعلانها كدولة الى يومنا هذا ولا يسمح لك أن تسترجع ما اغتصب منك عسكريا فكيف لك أن تفكر بأنك ستهزمها اليوم والعاقل هو من يوزن الامور بميزان الحكمة لا ميزان العنتريات الفارغة
اسرائيل اصبحت ضمن الواقع الدولي امرا واقعا بغض النظر عن الخطابات والشعارات القومية والعقائدية والوطنية التي لا تسمن ولا تغني عن جوع خطابات خدمة أنظمة قمعية على مدى عقود لتتشبث بمواقعها ومراكزها وكراسيها السلطوية فكان شعار الستينات لا صوت يعلو فوق صوت المعركة فتم تكتيم الافواه ولم نسمع لمعركة الانتصار صوتا مسموعا الى الان
وجاء بعدها عصر الصمود والتصدي والممانعة فجعل الاوطان سجنا للرأي والحرية والانفتاح والتقدم وتم تسخير اقتصاد البلاد الى اقتصاد حرب لن تقوم ولكن كان بابا لسرقة مقدرات الشعوب وتخزينا لسلاح استخدم في نهاية المطاف لقتلنا ولدمار اوطاننا
اسرائيل دولة عدوة طالما تحتل الارض وتغتصب الحقوق وتنتهك الاعراف الدولية ولكن أن يبقى الحال على ما هو عليه الى ما شاء الله فهو امر لا يخدم مصالحنا على اي صعيد كان
اسرائيل تفتح قنوات حوار مع كل الاطراف النظام والمعارضة وتسعى بشيء من الحذر لتلمس الوضع والمناخ السياسي والعسكري للمنطقة ومن حقها أن تتوخى الحذر فإسرائيل دولة تعيش الهاجس الامني وهي دولة صنعها الجيش وليست دولة صنعت جيشا ولذلك يجب أن نتفهم تماما منطقها في الحوار والمباحثات وفي العهود والمواثيق
الحوار مع اسرائيل ليس جريمة لا بالعرف الوطني او القومي او الديني فالرسول حاور اليهود والمشركين والكفار ووقع معهم عهودا ومواثيق واحترمها بينما هم من نكس بها
وأمراء المسلمين وملوكهم في صدر الدولة الاموية والعباسية اقاموا تحالفات وعهود ومواثيق مع اعدائهم سواء كانوا على ارضنا أو في اوطانهم
على المستوى القومي اغلب الدول العربية اقامت سلاما مع اسرائيل او تواصلا معها تجاريا او سياسيا
وعلى المستوى الوطني سبق لنظام الممانعة أن التقى اكثر من مرة علنا مع حكومة اسرائيل برعاية امريكية ايام كان الشرع وزيرا للخارجية مع ايهود باراك وبمباحثات سرية برعاية الوسيط التركي وكنا حافظ الاسد على وشك توقيع معاهدة سلام وفقا لوثيقة اودعت لدى البيت الابيض سميت وثيقة رابين
نظام الممانعة الاسدي لا رغبه له بالسلام لأنه ينهي حالة المقاومة والممانعة التي هي مصدر بقائه بالسلطة
و اسرائيل ايضا لا ترغب بالسلام العادل لأنها لا تستطيع أن تتحمل استحقاقاته وعند تحقق السلام ستسقط حجج اسرائيل بأنه تعيش ضمن وسط عدائي تلك الحجة التي تبتز بها العالم الغربي كله سيحتج دافع الضرائب الامريكي والأوروبي اذا بقيت حكومة بلاده تدفع من الدخل القومي معونات ومساعدات ماليه وعسكرية لإسرائيل بعد سقوط المبرر
اسرائيل تخشى السلام واستحقاقاته والتطبيع لأنه سيضعها امام سيل بشري يحيط بها و سيغرقها يوما ما
الحوار مع اسرائيل لا يخيفنا والسلام العادل وفق المبادرة العربية و قرارات مجلس الامن 242 و 338 ايضا لا تخيفنا
الذي يزعجنا هذا الحبل السري بين اسرائيل ونظام الاسد و هذا العداء المصطنع بين حزب الله وإسرائيل الذي افضى الى هدنة كرست الامن لحدود فلسطين الشمالية المحتله وجعلت مزارع شبعا شقيقة للجولان في الاحتلال البارد
الذي يزعجنا هو الحرب الاعلامية بين ايران و اسرائيل والدولتين معا لهما مخططات استعمارية في منطقتنا
اسرائيل لاعب في المنطقة وتجاهل دور اسرائيل وتأثيرها على مجريات الامور والإحداث يجعلنا بعيدين تماما واقع الاحداث
اسرائيل كما بقية الدول الغربية تسأل عن ماهو البديل في حال سقوط نظام بشار وكأنما الجميع يفكر بأن الثورة قامت لاستبدال لاعب بلاعب او رئيسا برئيس او نظاما بنظام اخر
الثورة قامت لإسقاط نهج استبدادي والانطلاق بسوريا نحو الديمقراطية والحرية والتعددية وعلى اسرائيل قبل ان بقية دول العالم أن تفهم أنها ستكون امام حكومة شعب تمثل ارادة الجميع بالعيش بحرية وكرامة والتمتع بمقدرات الوطن وخيراته وثرواته للارتقاء به نحن مصافي الدول المتقدمة
والسؤال لم يعترض ما الفرق بين حوارك مع امريكا وحوارك مع اسرائيل
وما الفرق بين لقائك مع اوباما او لقائك مع نتنياهو الم يحن الوقت لنتوقف عن الاختباء وراء ستائر من غربال يكشف عجزنا وضآلة تفكيرنا
اذا كانت اسرائيل مستعدة لسلام عادل ولاستغلال فرصة ذهبية قد لا تتكرر في أن تتبرأ من دعمها ومساندتها لنظام الاسد كمقدمة لحوار تبدي فيه حسن النية فنحن جاهزون
لن نصغي لعبارات التخوين التي تصنع في اقبية النظام ويسوقها الجهلة و اغبياء المعارضة او البسطاء من شعبنا الذين مازالوا يعيشون شعارات قتلتنا على مدى نصف قرن
د. كمال اللبواني لم يكن اول من طرح هذا الموضوع علنا ولن يكون اخر واحد ولكن لابد للخوض في هذا المخاض العسير من مجموعة عمل على مستوى عال من القدرة على ادارة دفة الحوار مع اسرائيل دون تفريط او اسفاف مجموعه عمل لا تعمل بالغرف المغلقة بل كل عملها سيكون تحت ضوء الشمس وامام الشعب كله ليكون رقيبا وحسيبا عليها

About جميل عمار -جواد أسود

كاتب سوري من حلب
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.