طلال عبدالله الخوري 9\9\2015 مفكر حر
تستطيع ان تقول اي شئ بحق الطاغية الأب حافظ الأسد على أنه متفرد بالسلطة مغتصب لها, اجرم بحق معارضيه من السوريين ..الخ من تاريخة الأسود المعروف بالاستبداد, ولكن شيئا واحداً لا تستطع ان تقوله عنه بأنه لم يكن ذكيا ومحنكاً.. حافظ الاسد بذكائه كان يقلقه مصير سوريا من بعده… ومن المؤكد بانه جلس مع شقيقه المحنك والذكي ايضا رفعت الاسد وتناولوا هذا الموضوع بصراحة: على انهم اقلية علوية في بحر سني وعاجلا او آجلا ستتم ازاحتهم عن السلطة, لانهم لا يستطيعون مهما استبدوا وطغوا وقتلوا ان يحكموا سوريا الى الأبد… فرأي رفعت الاسد,هنا, كان بالفعل هو الحل الامثل لسوريا وجميع السوريين ومن ضمنهم العلويين طبعاً كشريحة وطنية سورية ومن اركان هذا الشعب السوري, وهو ان تغادر سوريا المعسكر الاشتراكي وتبعيتها للاتحاد السوفييتي وتلتحق بالمعسكر الغربي, وثقافته وآلياته الديمقراطية وتحرير الاقتصاد والنهوض بسوريا علميا واقتصاديا لتضاهي دولاً مثل اليابان وكوريا الجنوبية والبلدان الاوروبية, فلدينا كل شئ بسوريا لتحقيق هذا الهدف … ولكن للاسف حافظ الاسد الذي كان متورطا مع الكي جي بي ورئيسها ومعلمه وصديقه ” يوري اندروبوف” وهذه المنظمة الرهيبة المبنية على النمط “الماسوني” بان من يغادرها سيقتل, وهو يعلم بانها تستطيع ان تطاله (حتى لو اختفى بسابع سما كما يقولون), لم يناسبه حل اخوه رفعت الاسد, وكان رأيه بالمحافظة على تبعية سوريا لنهج المعسكر الاشتراكي, ولكن تسليم السلطة من بعده الى شخصية سنية مناسبة من القيادة وعلى الارجح ” عبد الحليم خدام”, وهنا حصل الشقاق بينهما وهذه الاحداث التي وثقها مصطفى طلاس بكتابه” ثلاثة أسابيع هزت دمشق “.. وبهذه الطريقة فقدت سوريا عبقرية بالرغم من ان يدها ملطخة بالدماء كان لديه مشروع حقيقي وناجح لانقاذ سوريا والنهوض بها, وهو رفعت الاسد, ونحن نشهد بهذا للتاريخ كأكاديميين… اذا الخلاف بين رفعت وحافظ هو ان حافظ كان يريد استمرار النهج الاشتراكي وتسليم السطلة لشخصية سنية بينما رفعت يريد تغيير النهج كاملا لكي تحكم سوريا دمقراطيا ببرلمان ورئيس منتخب شعبيا, والنهوض بسوريا اقتصاديا وعلميا, لانه كان على ثقة بان النهج الاشتراكي هو عقيم وفاشل وكان على حق.
عندما انهار الاتحاد السوفياتي, خاف حافظ الاسد على مصير حكمه وسارع لتبني خطة اخوه رفعت والتحول للمعسكر الغربي, وقد كان كاتب هذا المقال موجود في موسكو عند انهيار الاتحاد السوفياتي ورصد هذا التحول بسياسة حافظ الأسد ووثقه بمقال عام 2011 كان بعنوان : بشار الأسد: الديكتاتور الفاشل!, ولكن هذا حدث لفترة قصيرة للأسف, بعدها جائته التطمينات من “الكي جي بي” المخابرات الروسية, بانهم ما زالوا بالحكم ليس في روسيا فقط وانما بجميع البلدان التي انفصلت حديثا, وان شيئا لم يتغير, ومن المستحيل بان مؤسسة تعدادها بالملايين ان تذوب بين ليلة وضحاها, وانهم سيختفون بصورة مؤقته عن الصورة, لكي يرتدوا على التغيير الذي اجراه غورباتشيوف ويلتسن, ويعودوا باقوى مما كانوا, وبالفعل هذا ما حدث فقد وصل جنرال الكي جي بي بوتين الى السلطة بعد ان انتزعها من يلتسن وقد كتبنا مقال عن وصول بوتن للسلطة كان بعنوان: ” يسارية بوتين وثوراتنا“
موضوعية التوثيق تحتم علينا ان نعرج على عبقرية سورية كان لديها أيضا مشروع وطني سوري حقيقي هو الجنرال “غازي كنعان” حاكم لبنان المعين من قبل حافظ الاسد, ولم يستطع التكلم بمشروعه لانه لم تكن لديه امكانيات ومكانة رفعت الأسد, ولكن الذي وصلنا عنه بانه كان من اكبر المعارضين علنا لوصول التافه “بشار الاسد” للسلطة, وكان يعتبر بان هذا خطر على الطائفة العلوية الاقلية, وانه بعد حافظ الاسد يجب ان تسلم السلطة الى شخصية سنية وهو على الارجح عبدالحليم خدام, ولكن الولد التافه بشار الاسد صدق بان لديه مواهب اكثر من والده وقام باغتيال غازي كنعان, وخسرت سوريا شخصية ثانية كان لديها مشروع معقول للحفاظ على سوريا.
وايضا بعجالة يجب ان نوثق عبقرية سورية اخرى كان لديها مشروع وامكانيات الحفاظ على سوريا وهو الجنرال السني وزوج إبنة حافظ الاسد الكبرى “بشرى” وهو ” آصف شوكت” وايضاً اغتاله بشار الأسد وبذلك خسرت سوريا شخصية عبقرية ثالثة. هنا تجدون المزيد:” إضعاف عائلة الاسد استراتيجية الولي الفقيه
بعد موت باسل الاسد الذي كان يعده للسلطة من بعده, كانت لدى حافظ الاسد قناعة تامة بان السلطة يجب ان تذهب لشخصية سنية, ويشاركه بهذا الرأي ” المجلس العلوي الأعلى” الذي يضم العديد من الجنرالات العلويين بالاضافة الى ممثلين عن الزعامات لدينية والعشائرية العلوية, ولم يكن يخطر على باله قط بان يسلم السلطة لوريثه بشار, وكان يرسل الاشارات لل”كي جي بي” ليستقرأ رايهم على من يقع اختيارهم؟ وكان يرسل التلميحات لهم ويشير الى عئلتي “طلاس” و”خدام” السنيتين, ولكن للاسف الكي جي بي لم تكن تثق قط بهاتين العائلتين السنيتين وكانت تعتبر بان توجهاتهمها غربية وان سوريا ستخرج من معسكرهم اذا وصلت للسلطة اي من هاتين العائلتين السنيتين, ووصلوا الى نتيجة مفادها ان الوحيد الذي سيبقى على سوريا ضمن معسكر ال”كي جي بي” هو التافه “بشار الاسد” ولذلك ارسلوا الاشارات لحافظ الاسد بان عليه ان يسلم السطلة لبشار وهم يتكفلون به, وهذا بالضبط ما كشف عنه ممثل الكي جي بي بقصر المهاجرين اثناء التوريث الفريق”فلاديمير فيودوروف, في لقائه مع قناة روسيا اليوم الاخبارية تجدون المقابلة كاملة على هذا الرابط: الملحق العسكري الروسي الأسبق لدى دمشق يكشف خفايا توريث السلطة في سورية عام 2000, وفي هذا اللقاء يفصح عن ان قرار توريث السلطة في سوريا، هو قرار روسي نفذه مصطفى طلاس, وبذلك يكون مصطفى طلاس اكبر صديق وفي لحافظ الاسد وضد مصالح سوريا الوطنية حيث ساعده بانقلابه عام 1970 ثم وقف الى جانبه بالقضاء على الاخوان المسملين سنة 1980 ثم وقف الى جانبة ضد مشروع اخوه رفعت الاسد, واخيرا ساعده بايصال بشار للسلطة, ومن شدة غباء بشار فقد تنكر حتى لمصطفى طلاس السني الذي يعود له الفضل بالوصول للسلطة بعد قرار الكي جي بي.
اثبت هذا الذي تقول عنه تافه بانه محنك كوالده حيث مرت فترة حكمه القصيرة بمحن لا طاقة للجبال عليها.
واستطاع الخروج منها حتى الان.
ولن أرد على خطابك المذهبي