خلال حياتنا علينا إستعمال المال والأشياء بشكل جيد وبترشيد وإقتصاد مثلما علينا إستغلال وقتنا بشكل جيد , وأن نراعي علاقاتنا مع الآخرين بمحبه وأن لا نضيع حياتنا بسهوله , لأن البشر الذين يقتصدون في حياتهم هم أثرى الناس على الأرض , أما أولئك الذين ينفقون الكثير فهم أفقر الناس عليها
تأسست ( جمهورية الصين الديمقراطيه ) بعد نهاية الحرب العالميه الثانيه عندما هرب ( شان كاي شيك ) رئيس حزب القومندان الى جزيرة فرموزا وأسس عليها الجمهوريه , فراراً من عداوته مع ماو تسي تونغ الذي أسس ( جمهورية الصين الشعبيه ) في نفس الوقت
بقيت جمهورية الصين الديمقراطيه تحمل هذا الإسم إضافة الى عضوية الصين في الأمم المتحده حتى بداية السبعينات من القرن الماضي , في السبعينات أصبحت تحمل إسماً مختصراً هو تايوان رغم أن إسمها الرسمي حتى اليوم هو جمهورية الصين الديمقراطيه , ومنذ ذلك الحين سحبت منها عضوية الأمم المتحده ومنحت الى جمهورية الصين الشعبيه لإعتبارات لا نريد الخوض فيها هنا في هذا الموضوع
جمهورية الصين الديمقراطيه أي تايوان ومنذ تأسيسها نهاية أربعينات القرن الماضي أصبحت دولة صناعيه تنتج مختلف أشكال وأنواع البضائع الأمريكيه لأن مواطنيها هم عمالة مستقرة على أرضها تعمل برؤوس الأموال الأمريكيه . صحيح أن البضاعه الأمريكيه المنتجه في تايوان هي بضاعة متواضعه من حيث مستوى الجوده , لكنها توفر فرص العمل بشكل كبير داخل المجتمع التايواني مما أثّر بشكل كبير على تعامل المواطن التايواني مع مستوى الرفاه في الحياة وعلى مقدار بحثه عن الكماليات والمظاهر
المواطن التايواني يبحث دائماً عن الأناقه والتميز والإسراف في الحياة لأنه يعتبر الإسراف نوع من أنواع تكريم النفس . الشباب التايواني إعتادوا على هذا النمط ولا يمكن لهم تغييره ولهذا فهم يصرون على الحصول على كل شيء , وهم لا يعرفون أي معنى من معاني الترشيد والإقتصاد في الحياة , ولا يدركون أي معنى لعبارة ( إزرع لكي تحصد ) بل يودون التمتع بكل شيء دون السعي الحقيقي من أجل الحصول عليه .. وحتى اذا لم يكن لديهم المال من أجل الشراء فهم مستعدون للسرقه والتحايل وفعل أي شيء في سبيل تحقيق غاياتهم , وهنا سيتحول عدم الترشيد والإسراف والشراهه الى أشكال متعدده من الجرائم والمشاكل الإجتماعيه
على العكس من سكان تايوان تجد سكان هونك كونك , عندما عادت هونك كونك الى حكم جمهورية الصين الشعبيه نهاية القرن الماضي بعد خروج بريطانيا منها فر الى استراليا ونيوزيلندا كثير من سكانها الذين لم يكونوا يرغبون العيش تحت حكم شيوعي , وهم اليوم جيراننا وزملاء عملنا وأصدقاؤنا . بالمقارنه مع سكان تايوان , أهل هونك كونك كدودين في العمل ويعرفون كيف يستثمرون أموالهم , ويمتلكون أجمل بيوت الحي ويقودون أرقى السيارات , مع هذا هم لا يعرفون البذخ والإسراف .. والمسألة هنا ليست قضية إنفاق المال من عدمه .. لكنها قضية إختلاف في العقلية والأخلاق
يحق للمرء أن يعمل ويقتني أجمل الأشياء التي يريدها ولكن بترشيد ودون إسراف أو شراهه وإلا فإن رغباته ستتحول الى مرض إجتماعي مزمن
د. ميسون البياتي