معظم مؤسساتنا الإسلامية العربية المنتشرة في العالم كله هي عبارة عن عمل وظيفي يجني العاملون فيه المال مثل البنوك الإسلامية والمستشفيات الإسلامية وكافة المؤسسات الإسلامية على هذا النهج, والناس عندنا في الأردن تضيق أرواحهم بسبب مرابح البنوك الإسلامية من القروض التي يحصلون عليها منها, والمستشفيات الإسلامية لا تقدم لنا العلاج إلا إذا كانت الجيبة ملآنة بالمال ( مليانه عمرانه) وعندنا في قريتنا التي أعيش فيها وهي منطقة – لواء الطيبة- في هذه البقعة الجغرافية أكثر من 50 مسجدا لم أرَ طوال حياتي مسجدا واحدا قدم مساعدة عينية أو نقدية لمسلم أو لغير المسلم, ولم أشاهد مسجدا واحدا أو الخمسين مسجدا كلها مجتمعة وهي تُطعم فقيرا أو صائما واحدا!!..طب ليش الكاريتاس المسيحية تُطعم المسلمين في شهر رمضان وطوال السنة يعني في رمضان وفي غير رمضان, ألا نخجل على أنفسنا؟ أو لماذا هي لا تخجل من نفسها وهي تدعو من على منابرها على المسيحيين وتهدد بهم باليوم الموعود علما أن هذه المسيحية بكافة مؤسساتها تُطعم على طوال السنة الفقراء والمساكين !…والله إني كوني من عائلة مسلمة أخجل من نفسي لهذه التصرفات…خمسون مسجدا في قريتي و1000 مسجد في مديني لم تُقدم يوما وجبة إفطار واحدة لصائم أو غطاء لفقير في فصل الشتاء..
تعارفت على الكاريتاس أول مرة ليس عبر شبكات التواصل الاجتماعي ولا عبر الأثير والفضائيات أو الإعلام المرئي والمسموع والمقروء بل تعارفت عليهم من خلال بطون الناس الجوعى( الجوعانة) تعارفت عليهم من خلال المرضى ومن خلال المعوزين الذين لا يملكون ثمن الغذاء والدواء وتأكدت حين تعارفت عليهم من أمرين أساسيين وهما: أن الذي يقول بأن المسيح غائب فهو الغائب فكريا وعقليا وروحيا وجسديا لأن المسيح ليس مختفيا عن عيون الناس بل هو كل يوم يظهر مجددا في بطون الجوعى وفي بطون من لا يملكون ثمن الخبز والغذاء والدواء, فهذا المسيح بتعاليمه الأخلاقية السامية يُطعم عدوه أو لنقل ليس عدوه فليس للمسيح أعداء لأن المسيح لم يعادِ أحدا بل لنقل أنه يطعم المختلفين معه في الدين والعقيدة وطريقة الحياة أو طرائق الحياة التي اعتاد المسيح عليها, فأتباع المسيح في الكاريتاس اليوم شاهدت لهم ( مطعم الرحمة) في جبل اللويبده-عمان-الأردن- يقدمون كل يوم ما يزيد على 600 وجبة إفطار للمسلمين الصائمين في شهر رمضان الفضيل, وفي القارات الأخرى يقدمون العون والمساعدة لغير المسلمين من مختلف المِللْ والنِحل ومن شتى الأصول والمنابت بوذيين وهيبيين وملاحدة فقراء ومسلمين ويهود وهندوس في كافة أنحاء العالم.
اليوم تأكدتُ من أمرين مهمين جدا وهما كما قلنا أولا أن المسيح الصادق ليس غائبا بل حيا موجودا (هللويا) حاضرا مع المتعبين والثقيلي الأحمال والآثام والأوزار ويطعم كافة الناس حتى الذين يطعنونه في ظهره وفي صدره وحتى أنه يطعم كل يوم كل من يحاول أن يصلبه من جديد فهنالك محاولات لَغوية لغطا يلغطون بها يحاولون صلب المسيح وطرده من الأرض وملاحقته في السماء إلا أن المسيح يعرف بأن هؤلاء لا يعرفون ما يفعلونه به وبأنفسهم ويحن ويعطف عليهم يطعمهم ويشفيهم من خلال أرسالاته الإنسانية للعالم الكئيب الذي يعاني من الفقر والجوع والجهل.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: أين جماعة الإخوان المسلمين في الأردن؟ لماذا لا نشاهد هؤلاء ومعه ملايين الدولارات لا يقيمون وجبات إفطار للفقراء المعذبين في الأرض الذين يشكون من بؤس الحياة؟ أين المستشفيات الإسلامية من تقديم العون الطبي للمسلمين المحتاجين لها, إن الأحزاب الإسلامية اليمينية والمتطرفة والوسطية المعتدلة تُحبُ المال حُبا جَما وليس باستطاعتهم أن يخدموا سيدين بنفس الوقت بل يخدمون سيدا واحدا وهو المال, أرباح المستشفيات الإسلامية لا تُحصى ولا تُعد, والكاريتاس لهم مراكز صحية في اللويبده –عمان- الأردن- وفي مختلف دول العالم يعالجوا المسلمين وغير المسلمين والأردنيين من شتى الأصول والمنابت ومن مختلف العقائد والمذاهب لا يفرقون بين عربي أو أعجمي أو سوري أو طلياني أو هندي أو باكستاني, يقدون ( الصوبات-المراوح- الأغطية- المواد الغذائية-الدواء…والقائمة تطول) والبنوك الإسلامية تجني الأرباح الربوية ولا تقوم بمساعدة الناس كما تفعل الكاريتاس هؤلاء الذين يدعون عليهم في كل صلاة بالموت وبالقتل وبالذبح وبالتشريد, لماذا لا يُقدم المسلمون المساعدات الإنسانية ليس للمسيحيين كمطعم الرحمة في جبل اللويبده عمان, بل على الأقل للمسلمين أنفسهم.
إن المنظمات الإسلامية والأحزاب وكافة المؤسسات الدينية الإسلامية تُقدم فقط السلاح ليقتل المسلمين بعضهم البعض ولا يساهموا بسد بطون الناس الجيعانه والعريانة إلا إذا كان لهم صوت حين ينوون خوض الانتخابات البرلمانية في الدول العربية البرلمانية فقط لا غير.
إن كافة المنظمات والأحزاب الإسلامية السياسية أو لنقل الإسلام السياسي لا يهمه الجائع إلا إذا كان ناخبا ولا العاري إلا إذا كان امرأة.
ما أريد أن أقوله في نهاية الأمر أن الكاريتاس رسالة وليست عملا وظيفيا ففيها مئات وعشرات المتطوعين الذين يريدوا إيصال رسالة المسيح إلى العالم كله وهو إطعام ومساعدة حتى غير المسيحي بالدرجة الأولى فهذه هي رسالة السيد المسيح للعالم أجمع حملتها الكاريتاس كما حمل المسيح على كتفيه صليبه.