لم تكن المعركة التي بدأت في منتصف نوفمبر 2006م، إثر تصريحات الوزير فاروق حسني، ثم اشتعلت وتضرمت وشغلت الصحف ووسائل الإعلام والإنترنت، ودخل فيها الدكتور عمر هاشم، والشيخ طنطاوي، والشيخ علي جمعة، والشيخ القرضاوي وبقية الفقهاء.
أقول: “لم تكن في الحقيقة معركة مع الحجاب، ولكنها معركة مع العقل”.
لقد كشفت كل المساجلات عن غيبوبة تامة للعقل، سواء كانوا أساتذة الأزهر أو من الذين يسألون علي قارعة الطريق أو يقومون بمداخلة علي الإنترنت، الجميع بلا استثناء ينقلون، يكتب أحدهم علي الإنترنت أربعين تفسيرا للنقاب والحجاب في القرآن، وما دري أن تسعة وثلاثين منهم نقلوا ما روي عن ابن عباس، وكل واحد ينقل عنه بالألفاظ نفسها أو بتنويعات خفيفة كأن يكون الخلاف هو في العين التي تحجب والعين التي تترك للمرأة لترى بها، هل اليمنى أو اليسرى.
الجميع بلا استثناء، يقولون الحجاب فريضة، بنص القرآن والسنة والإجماع، وأن من لا تلتزم به فإنها تنتهك أحد فروض الإسلام.
هل في القرآن نص علي تغطية الشعر أو الوجه؟ ضعوا أيدينا عليه إذا كان موجودا، فإن لم يكن موجودا، فكيف تتقولون علي القرآن وتدعون تفسيركم قرآنا؟
هل الآية “ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها” أو الآية “يدنين عليهن من جلابيبهن”، أو الآية “وليضربن بخمرهن علي جيوبهن”، تقتضي أن يكون جسم المرأة كله عورة إلا وجهها وكفيها؟
إن الحجاب جزء من الزي، والزي قضية عادات وتقاليد، وهو في البلاد الحارة غيره في البلاد الباردة، وهو “شكل” وقالب، والأديان لا علاقة لها بالأشكال والقوالب، إنها قيم وما يهمها في زي المرأة، أو في مشيها وحركاتها وسكناتها هو الحشمة.
وهل كان القرآن الكريم عاجزا ـ لو أراد ـ أن يحدد تحديدا يكشف أو يحجب علي وجه التحديد، المعروف بالطبع أن التحريم والتحليل لا يكون إلا بنص صريح من القرآن لا يقبل تأويلا، فهل يعد تفسيركم أو تفسير ابن عباس أو غيره من العلماء أو الفقهاء ملزما؟ أو هل يملك أحد أن يتحكم في القرآن ويجعل تفسير ابن عباس قرآنا؟
إن المفسرين القدامى تصوروا أن القرآن إنما أرسل للعرب وقت نزوله، وفسروه علي هذا النحو، ولكن القرآن أنزل لكل الناس وكل العصور، ولهذا جاءت كل الإشارات عن الزي مرنة، غير محدودة، قابلة للعديد من التأويلات حتى تتناسب مع ما انتهي إليه التطور، ولا نلزم المرأة المسلمة في أوروبا وأمريكا والهند والصين وأفريقيا اليوم أن يضعن الخمار، كما ذهب الدكتور عبد المعطي بيومي إلي أن مجرد ذكر القرآن للخمار يوجبه، ويبدو أن هذا ليس رأيه وحده، لأنهم ثاروا علينا عندما اقترحنا علي المرأة المسلمة في الدول الأوروبية إذا لمست حرجا من ترك شعرها مكشوفا أن تلبس قبعة وليس ما يسمونه الحجاب الشرعي، لأن هذا سيفصلها عن المجتمع، وسيؤدي إلي إيذائها، وقد أوضح القرآن إن من حكمة توجيهاته الخاصة بالزي ألا يؤذين، واليوم انعكست الآية وأصبحت المحجبة في أوروبا هي التي تؤذي ولكن لا أحد يفكر، الجميع ينقلون، الجميع يرددون “قال فلان، وقال فلان”، ولكن لا أحد يفكر، فأين هؤلاء من القرآن الذي قال: “والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا” (الفرقان: 73).
أما السنة، فهل يخفي عليهم أن معظم الأحاديث التي جاءت عنها ضعيفة، أو فيها كلام، بما فيها الحديث “العمدة” (المرأة عورة)؟ وهل فكروا في معني حديث “ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة”، إنه إذا كان يضع مبدأ عاما فإنه يكون مخالفة للقرآن الذي امتدح ملكة سبأ، وأن الحديث كان نبوءة من الرسول بما آلت إليه الأسرة الحاكمة في فارس التي اختلفت فيها بينها وولت أمرها امرأة فتنبأ لها بالفشل، فالحكم كان عن حالة بعينها، وليس مبدءا، وبعد هذا كله فإنه رواية الوحيد وقع عليه عمر بن الخطاب حد القذف ولم يتب، فلا تجوز شهادته.
أما الإجماع، فيا عيني علي الإجماع، أين كان هذا الإجماع؟ ومتي وماذا تقول في كلمة الإمام أحمد: “من ادعي الإجماع فهو كاذب.. وما يدريه”.
لا تقولبوا الإسلام في قالب معين، لأن الإسلام يرفض القولبة، ولأن مقاصد الإسلام هي القيم من كرم وصدق وعدل وإخلاص وفكر لا تتحقق بأي صورة من القولبة سواء كانت تربية لحية أو وضع حجاب، ولا تتحكموا في الإسلام، لأن الإسلام ليس ملكا لكم تتصرفوا فيه كما تشاءون الإسلام لا يملك، إنه كلام الله، وإذا كان هناك من يملك فهم المسلمون جميعا في كل البلاد، وفي كل العصور. جمال البنا – مفكر حر
Related
About جمال البنا
ولد فى المحمودية من أعمال محافظة البحيرة (تبتعد عن الإسكندرية 50 كيلو) فى 15/12/1920 من أسرة نابهة عرفت بعلو الهمة ، فوالده هو مصنف أعظم موسوعة فى الحديث (مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيبانى فى 24 جزءًا ، وشقيقه الأكبر هو الإمام الشهيد حسن البنا المرشد المؤسس للإخوان المسلمين .
عكف منذ طفولته على الاطلاع بحيث تزود بحصيلة ثقافيـة غزيرة ، وبعد أن أتم دراسة الابتدائية ودخل المدرسة الخديوية الثانوية . حدث شجار بينه وبين أستاذه فى اللغة الإنجليزية وهو إنجليزى ، فترك الدراسة غير آسف ، واستكمل دراسته بوسائله الخاصة .
واصل جمال البنا مطالعاته ، وأصدر كتابه الأول سنة 1945 وهو عن الإصلاح الاجتماعى، وفى العام التالى (1946) أصدر كتابه "ديمقراطية جديدة" الذى تضمن فصلاً بعنوان "فهم جديد للقرآن" استعرض فيه فكرة المصلحة كما قدمها الإمام الطوفى ، وانتقد الموجة الحماسية لدى بعض الدوائر بفعل نجاح دعوة الإخوان المسلمين وقال : "لا تؤمنوا بالإيمان .. ولكن بالإنسان" وهذه الملاحظة لا تزال أحد معالم دعوة الأستاذ جمال البنا فى الإحياء الإسلامى .
فى عام 1952 أصدر "مسئولية الانحلال بين الشعوب والقادة كما يوضحها القرآن الكريم" كما أسس (1953 ــ 1955) الجمعية المصرية لرعاية المسجونين ، وحققت الجمعية ثورة فى إصلاح السجون ، وأدت إلى مجابهة بينه وبين السلطات .
عندما قامت حركة الجيش فى مصر بقيادة عبد الناصر فى 23 يوليو سنة 1952 بدأ الأستاذ جمال البنا فى كتابة كتاب باسم "ترشيد النهضة" ارتأى فى الفصل الأول أن هذه الحركة هى انقلاب عسكرى وليس ثورة ، وما أن اطلع الرقيب على ذلك حتى أصدر أمرًا بمصادرة الكتاب ، وأخذ كل الملازم المطبوعة ، وبهذا التصرف تأكد جمال البنا من أن الحركة ذات طابع ديكتاتورى ، وأن لا فائدة من محاولة تقدم الرأى والمشورة .
عنى الأستاذ جمال البنا خلال الحقبة الناصرية المعادية للاتجاهات الإسلامية بالحركة النقابية ، فأصدر وترجم الكثير من الكتب والمراجع التى نشرتها منظمة العمل الدولية بجنيف والجامعة العمالية بمدينة نصر والدار القومية.. كما حاضر بصفة منتظمة فى معهد الدراسات النقابية منذ أن تأسس سنة 1963 حتى سنة 1993 عندما انتقد التنظيم النقابى القائم .
وقد كان آخر كتبه النقابية عن (المعارضة العمالية فى عهد لينين) الذى كتبته مدام كولونتاى ، فقام بترجمته والتعليق عليه .
فى سنة 1981 أسس جمال البنا الاتحاد الإسلامى الدولى للعمل ، وكانت منظمة العمـل الدولية قد استعانت به فى عـدد من الترجمات ، كما استعانت منظمة العمل العربية كخبير استشارى . وبحكم هذه الصفات نظم شبكة من العلاقات بقيادات اتحادات ونقابات فى كثير من الدول الإسلامية . وفى 1981 دعا معظمها للاجتماع فى جنيف خلال انعقاد مؤتمر العمل الدولى بها ، وفى هذا الاجتماع تأسس الاتحاد الإسلامى الدولى للعمل من مندوبى اتحادات عمالية فى الأردن والمغرب وباكستان والسودان وبنجلاديش .
وللاتحاد مكتب فى كوالامبور وآخر فى الرباط .
مع السبعينات وملاءمة المناخ للعمـل الإسـلامى بدأ الأستاذ جمال البنا كتاباته التى كان أولها "روح الإســـلام" و "الأصــلان العظيمان : الكتاب والسُنة" ، وعددًا آخر من الكتب لا يتسع المجال لها .
ابتداء من 1990 شغل بإصدار كتابه الجامع "نحو فقه جديد" فى ثلاثة أجزاء الذى دعا فيه إلى إبداع فقه جديد يختلف عن الفقه القديم ، ولا يلتزم ضرورة بالتفسيرات ، أو علوم الحديث .. الخ ، أو أصول الفقه ، وصدر الجزء الثالث عام 1999 .
أثار الكتاب ضجة كبيرة ودعا بعضهم لمصادرته ، ولكن المسئولين تنبهوا إلى هذا سـيذيع دعوته فمارسوا مؤامرة صمت إزاءه ، رد عليها جمال البنا عام 2000 بإعلان تأسيس "دعـوة الإحياء الإسلامى" التى ضمنها خلاصة فكره الإسلامى والسياسى والثقافى .
فى سنة 1997 أسس بالمشاركة مع شقيقته السيدة فوزية "مؤسسة فوزية وجمال البنا للثقافة والإعلام الإسلامى" ، وتبرعت السيدة فوزية بقرابة نصف مليون جنيه للمؤسسة مكنها أن تؤدى دورها فى غنى عن السؤال .
ولما كانت زوجة الأستاذ جمال البنا قد توفيت سنة 1987 ولم يتزوج بعدها ، فإنه حول شقته إلى مكتبة تحمل اسم المؤسسة . وتضم المكتبة قرابة خمس عشر ألف كتاب عربى ، وثلاثة آلاف باللغة الإنجليزية ، كما تضم مكتبة والد الأستاذ جمال وشقيقه الأستاذ عبد الرحمن ، والكثير من تراث آل البنا ، والأصول الخطية لكتب الشيخ البنا ، وقد زودت المكتبة بقاعة إطلاع وآلة تصوير ووحدة كمبيوتر .
بالمكتبة 15 ألف كتاب عربي وثلاثة آلاف كتاب إنجليزي وبها قسم للدوريات يضم 150 مجلة ، وبعض الموسوعات والمجموعات القديمة لصحف الإخوان المسلمين من سنة 1936 ، وأوراق خطية للإمام الشهيد حسن البنا ، والكثير من وثائق الإخوان المسلمين ، فضلاً عن جذاذات من الصحف ، ومسودات وأصول كتب للشيخ أحمد عبد الرحمن البنا ولجمال البنا .
استطاع الأستاذ جمال البنا بفضل تفرغه للكتابة أن يصدر أكثر من مائة كتاب (منها قرابة عشرة مترجمة) وهو يكتب بتمكن وأسلوب سهل ، وإن كان له طبيعة فنية ، وقد أصدر كتابًا من ثلاثمائة صفحة عن "ظهور وسقوط جمهورية فايمار" كما تعد كتبه عن "الدعوات الإسلامية" من المراجع الرئيسية لما توفر له من صلات ومراجع .
أن دعوة الإحياء الإسلامى رغم أنها قوبلت بتعتيم إخبارى أريد به عدم التعريف بها ، فإنها شقت طريقها ليس فحسب فى مصر والدول العربية ، ولكن أيضًا فى الخارج حيث أصبحت محل اهتمام الهيئات الدولية والجامعات ، وهي لا تهدف لتكوين حزب أو جماعة ، ولكنها تريد أن تقدم رؤية حرة للإسلام يُعد كل من يؤمن بها مالكا لها أو شريكاً فيها .
لدعوة الإحياء الإسلامى موقع على الانترنت ، وعنوان إليكترونى كالآتى :
gamal_albanna@yahoo.com
E-mail :
gamal_albanna@infinity.com.eg
www.islamiccall.org
وعنوانها : 195 شارع الجيش ــ 11271 القاهرة
هاتف وفاكس 25936494