في مجتمعاتنا العربية –الشرقية, قضايا مصيرية تخص حياة هذه الشعوب وتلعب دور أساسي ومحوري في حياتها اليومية والإجتماعية وقضايا ثانوية.
ومعالجة القضايا المصيرية والأنخراط بها يبقى الهاجس الأهم الذي يشغل إذهان المفكرين والمثقفين والكّتاب والأحرار وعامة الشعب وتعالج القضايا ليس بتخديرها أو محاولة تجميلها فيعود المرض يتفاقم من جديد بل من علتها واجتثاثها ويوجد طرق كثيرة لتحقيق هذا.
و معالجة هذه القضايا المصيرية بوعي وإرادة شعبية هو مايغير من حياة هذه الشعوب ومصيرها وتقاربها بين بعضها البعض سواء في العيش المشترك بين أبنائها وأجيالها وقيادتها او في بناء النظام .بهيكلية الدول والأنظمة السياسية.
ويوجد قضايا ثانوية تتفاوت بين بعضها البعض وبين المشخصين والمنخرطين في هذه القضايا. كقضية العلمانية والدين وحقوق المرأة.
ومن ضمن القضايا المصيرية التي تخص مجتمعاتنا ودولنا قضية الصراع الإسلامي السني -الشيعي فمنذ ألاف السنيين نشهد نتائج التوتر لهذا الصراع الذي مُعظمنا يعرف كيف بدأ بخلاف وصراع على الخلافة والسلطة من بعد وفاة النبي والأنقسام بين الأتباع والموروث لهذا الخلاف والأنقسام عليه وقد شهدنا نتائج هذا الصراع والخلاف عبر التاريخ بممارسات وسلوكيات ومعارك حصلت كمعركة الجمل ولا يمكننا فصل هذا الصراع عن ايمان شعوبنا وابناء هذه المجتمعات الذي يشكل لديهم قيم مقدسة كبيرة.
وفي حاضرنا يتجلى هذا الصراع بشكله الأكبر بين دولتين هما السعودية وايران وامتداد هذا الصراع الى الطوائف والجماعات الدينية والأحزاب التي ترعاها هاتين الدولتين بدول مجاورة متعددة كالعراق- لبنان – سورية – البحرين – اليمن- قطر وغيرها من البلدان الأخرى وتهيمن عليها وتتدخل في شؤوؤنها الدينية والسياسية مما تعرقل من سيادة هذه الدول وتنتج فيها خلافات وأنقسامات دينية سياسية مستخدمة الاعلام والمال والمثقفين والقادة وخطابات الكراهية والنزعة الطائفية والمظلوميات التاريخية والاصطفافات والتجاذبات الداخلية لكل بلد ووضعه الخاص وتقيمه.
ولا يمكن فصل وضعنا كشعوب وجماعات سواء سنية أو شيعة في هذه المنطقة عن العالم ومصالح الدول العظمة ك أميركا وروسيا وغيرها من الدول الأخرى ك اسرائيل وفلسطين وتركيا.
وقد سخر واستخدم هذا الصراع عبرتاريخ وفي الحاضر بطرق مختلفة من قبل هذه الدول العالمية لتحقيق مصالحها وتوسع في نفوذها وسيطرتها مما ساعد على حجب انظارنا وتراجع إرادتنا عن قضاينا المصيرية والثانوية وعدم تحقيق تقدم ونهضة في مختلف جوانب حياتنا وعدم قدرتنا على بناء فكر وأدوات تشكل الروح العامة الحيوية للشعب وللمجتمع التي تساعد في بناء أنظمة علمانية وديمقراطية ومؤسسات يسود فيها روح التعاون والمشاركة والتخطيط والمراقبة والمسائلة والأنخرط في بناء المجتمع و مما ساعد على تراجع وتأخر في القضية الفلسطينية وحق الفلسطينين وتشتتهم كما حدث هذا للعراقيين ولنا نحن كسوريين وإيجاد كافة المبررات والوسائل لتحقيق هذه الهيمنة من قبل هذه الدول الكبرى ومن قبل السعودية وإيران بل أكثر من ذلك المتاجرة بشعوبهم وجعلهم سلعة رخيصة يلهثون وراء لقمة عيشهم ويفتقدون أبسط مقومات الحياة في بلدانهم المليئة بالثروات المتنوعة.
فلا يمكننا بهذا المسار والصيرورة للواقع الدولي والاقليمي أن نتجه لبناء أنظمة علمانية ديمقراطية يفصل الدين عن الدولة ويحقق الحريات وفصل السلطات ويكرس لسيادة الفرد والشعب ومازال هناك صراع سني شيعي قائم يشكل الروح العامة لمجتمعاتنا في منهجياتنا ومدارسنا الدينية والثقافية , وسلوكياتنا وطوائفنا وتبنى الدول وتتنازع على أنقسامات هذه الطوائف وأحزابها وقيادتها.
فلكي نحقق تقدم بالقضايا الثانوية لابد من معالجة القضايا الرئيسية ويكون معالجتها بإرادة شعبية واعية تفرز طبقة سياسية جديدة وتحاسب الطبقات القديمة تنظم هيكلية المجتمع.
ولا يمكن للسعودية وللشعب السعودي أن يحقق تغييرحقيقي بإرادة أميركية خارجية او من خلال إرادة العائلة الحاكمة وإنقسامها وتصفيت الحسابات بين الزعماء. أن لم يكن هذا التغيير نابع عن إرادة شعبية واعية قوية لكافة مستويات ومكونات الشعب السعودي وليس هناك اي مبرر أن يفتقد الشعب السعودي إرادته وتقرير مصيره في التغيير مازال أن السعودية تأخذ شعار مقاومة للأيرانيين وحزب الله أو الطائفة الشيعيةاللذان يشكلان جزء من مشاكل واقعنا بالأخص السوري. وهذا ينطبق على باقي الدول الأخرى المهيممن والمتسلط على شعوبها وقياداتها من الخارج والتي يتواجد فيها أنقسامات بين زعمائها على السلطة والنفوذ وتقمع معارضيها وشعبها.
بالمحصلة الذي اريد أن أوصله بهذا المقال لأي فرد أن هناك قضايا رئيسية تشكل عائق ومشكلة كبيرة في حياة وسلوكيات معظم افراد مجتمعاتنا السنية والشيعية وطوائفهم وجماعاتهم وأحزابهم تحتاج للأنخراط بها وتشكيل وعي حيوي بها قبل القضايا الثانوية.