القرآن يناطح التاريخ 2

biblequranqouts

القرآن يناطح التاريخ

(إقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. إقرأ وربك الأكرم. الذي علّم بالقلم. علّم الإنسان ما لم يعلم) (العلق 1-5). يقول ابن كثير في تفسيره إنّ أول شيئ خلقه الله هو القلم. ويقول إله القرآن إنه علّم الإنسان بالقلم. والمعروف أن الإنسان القائم
Homo sapiens
بدأ حياته في أفريقيا قبل حوالي خمسين ألف سنة في شكل تجمعات صغيرة تتعاون على الصيد وحماية أفرادها من الحيوانات المفترسة. هذه المجموعات اخترعت لغة بسيطة للتفاهم بين أعضائها ولم يكن لهذه اللغة حروف ابجدية تمكّن الإنسان من كتابتها. وحتى يسطر ذلك الإنسان البدائي مشاعره نحت على جدران الكهوف ما يشعر به مثل تمجيده للثور لأنه قوي، فنحت لنا صور الثيران على جدران الكهوف مستعملاً الصخور الملونة للنحت. ثم تعلم الإنسان أن الصحة لا تدوم وأن هناك أمراضاً تصيبه وتقعده عن الصيد، بل قد تقود إلى موته، فجرب بعض الحشائش واوراق الأشجار في علاجها واكتشف الإنسان البدائي في استراليا أن أوراق شجر الكينيا تعالج من الملاريا. وفي أفريقيا عزا الإنسان البدائي كل أنواع الأمراض إلى الأرواح الشريرة فلجأ إلى السحر لعلاج تلك الأمراض. وظهرت طبقة من الناس احتكرت الطب البدائي وجعلت الدواء يتكون من ثلاث ألوان: الأحمر، والأسود والأبيض. لجأ الإنسان البدائي إلى تلك الألوان الثلاثة لأنه عرف أن البنت عندما تبلغ سناً معينة من العمر ينزل منها دم مرة كل شهر قمري، وأن الإنسان عندما يُجرح ينزل منه دم أحمر. ولذلك ربط بين اللون الأحمر وخروج الأذى من الجسم. وتعلم كذلك أن الليل أسود لأن الشمس تختفي وتظهر الحيوانات المفترسة لتأكله. ولذلك ربط بين اللون الأسود والموت. وفي النهار يظهر اللون الأبيض مع شروق الشمس وتعود للإنسان حركته ونشاطه، فربط اللون الأبيض بالعافية. ولهذا كان لابد للدواء أن يتكون من الألوان الثلاثة التي تمثل خروج الدم الفاسد من الجسم ثم العافية أو الموت. تعلم الإنسان كل هذا قبل أن يعرف الكتابة
وبالتدريج اخترع الإنسان الطبول وأدوات العزف ليستعملها وقت الاحتفال بشفاء المريض أو بلوغ الصبي سن الرجولة أو البنت سن البلوغ. وتتطورت أدوات الموسيقى وتعلم الإنسان الرقص، ونحت لنا في الكهوف صور الراقصين. ثم اكتشف الإنسان النار وطهى طعامه ثم تعلّم إذابة الصخور واستخراج المعادن منها لصنع الآلات القاطعة وأسلحة القتال دون أن يمسك قلماً.
ثم اكتشف الإنسان الزراعة وتعلم الحصاد الذي أصبحت له طقوس موسيقية وحفلات. ووقتها احتاج الإنسان إلى طريقة يحفظ بها كمية محصوله من الزراعة وما تجلبه له تجارة المحاصيل، فاضطر إلى ابتكار علامات كانت في شكل طائر أو حيوان تمثل له رقماً معيناً. ولم يبتكر الإنسان الكتابة إلا قبل حوالي خمسة آلاف سنة. بدأت الكتابة في سومر ومصر الفرعونية في أوقات متقاربة حوالي عام 3000 قبل الميلاد. وسُميت الكتابة في سومر وقتها بالخط الإسفيني أي المسماري لأنهم كانوا ينقشون رموزاً بارزة في ألواح الطين ثم يحرقون الألواح بعد أن تجف. واستعملوا آلة كالإسفين أي الوتد في نقش الحروف، بينما استعمل المصريون ما يشبه الإزميل لنقش الرموز في الصخر. وقد كانت رموز الخط المسماري أكثر من ألف رمز تقلصت أخيراً إلى عشرات
تعلم الإنسان الزراعة والطب والصناعة والكلام ، واخترع عدة لغات قبل أن يخترع الكتابة. وهناك الآن في أفريقيا أكثر من ثلاثة آلاف لغة ولهجة يتخاطب بها الناس ويتبادلون بها الأفكار دون أن تكون هذه اللغات مكتوبة. بل أن مليارات البشر عاشوا وتعلموا الكلام والصناعة والزراعة والسحر والطب، وماتوا دون أن يمسك أحدهم قلماً. بل حتى وقت ظهور محمد وقرآنه كان كل العرب تقريبا أميين لا يعرفون القلم رغم معرفتهم بالتجارة وبالشركات والبعثات الدبلوماسية والمناظرات والشعر. فكيف يقول رب القرآن إنه علّم الإنسان بالقلم، علّمه مالم يعلم؟
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّـهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّـهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (البقرة 256).
مع سذاجة هذه المناظرة، يتفق جميع أهل التفسير أن الشخص المقصود بالآية هو الملك النمرود ملك بابل وآشور. ولا بد أن محمداً قد أخبرهم بذلك لأن ابن عباس الذي عاصر محمداً قال إن الملك هو النمرود. فمن هو هذا النمرود الذي تحدث عنه إله القرآن بهذا الخبر الأسطوري؟
القصة بدأها العبرانيون في التلمود والمدراش وقالوا إن النمرود هو ابن كوش حفيد حام وعاش بين 2200 و 2154 قبل الميلاد وكان ملكاً قوياً تمرد على إله السماء وبنى برج بابل ليتسلق إلى السماء. ويقول ولتر رالي
WRaleigh
في كتابه
History of the World
صفحة 358 إن كلمة ميسوبيتوميا تعني أرض النمرود. ويزعم دهاقنة الماسونية أن النمرود كان أول من أسس المذهب الماسوني. أما الحاخام
Eliezer
(عام 833) فيقول إن النمرود ورث ملابس آدم وحواء مما أعطاه القوة الخارقة، وقد قتله إيساو بن يعقوب، حفيد إبراهيم. ويقول ابو الفداء إن النمرود حكم النبطيين لمدة 500 عام في مدينة الحِجر. أما المجريون فيقولون في أسطورة الغزال المسحور
The Enchanted Stag
يقولون إن النمرود هو جد كل المجريين. المؤرخ اليوناني
Flavus Josephus
يقول إن النمرود أعلن نفسه إلهاً وعبده رعاياه مع الملكة سميراميس.
وفي الحقيقة فإن النمرود شخصية أسطورية لم يتمكن علماء التاريخ الحديثون من ربطه مع أي ملك في بابل أو آشور، وبعضهم يزعم أنه يمثل شخصية كلكامش، كما يقول
Skinner و Driver و Delitzsch.
أما الألماني فيلهاوسن
Wellhausen
فيقول إن النمرود ربما يكون هو الإله ميردوخ.
يتضح من أبحاث علماء التاريخ أن النمرود لا وجود له على أرض الواقع وأن محمداً قد اقتبس الأسطورة العبرانية بكل حذافيرها مثل إلقاء إبراهيم في النار وخروجه منها دون أذى، وجعل الاسطورة جزءاً من القرآن. فلا النمرود دخل في مناظرة ساذجة مع إبراهيم، ولا قابل أحدهم الأخر لأن كلا الشخصيتين وهمية.
يدّعي إله القرآن لنفسه عدة صفات ويزعم أنه الوحيد الذي يملك هذه الصفات، فهو يقول مثلاً:
(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) (البقرة 186)
(ليس كمثله شيء وهو السميع العليم) (الشورى 11)
(لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) (الأنعام 103)
وما من دابةٍ في الأرض إلا على الله رزقها) (هود 6)
قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) (آل عمران 26)
كل هذه الادعاءات وصف بها الأقدمون آلهتهم المختلفة. فمثلاً كان هناك في مملكة مروي في شمال السودان إله اسمه أبديماك
Apedemak
له جسم إنسان وثلاثة رؤوس كرأس الأسد. بنى الملك ناتاكاماني
Natakamani
(حوالي عام 300 قبل الميلاد) له معبداً وسجل به هذا النشسد:
“التحية لك يا أباديماك
الإله العظيم سيد أبيريب
الملك العظيم لأرض تانحسي **** أسد الجنوب ذي اليد الطولى
الملك العظيم الذي يستجيب لنداء من يدعوه
حامل السر. أما هو فطلسم لا يدري أحدٌ كنهه
لا تراه الأعين، غير واضح، لا للنساء أو الرجال
ليس هناك سدود تقف أمامه، لا في السماء ولا في الأرض
يعطي الغذاء لكل الناس
هو الذي يقضي على جميع الذين يضمرون الخيانة والشر ضده
المعطي للعرش عرش السلطة لذلك الذي يطلبه
ملك الغضب
العظيم بمظهره ” (مبيكي فسايكا، المعبد الكبير في مروي، تاريخ الحضارة واللغة في السودان القديم، ترجمة تاج السر الحسن في مجلة الثقافة السودانية، العدد 12، نوفمبر 1979. نقلاً عن الحوار المتمدن).
يتضح من هذا النشيد أن محمداً أعطى إلهه أوصافاً ومقدرات سبقه إليها أصحاب الديانات الوثنية قبل الميلاد، أي بحوالي ألف عام قبل ظهور الإسلام. ومع ذلك زعم محمدٌ أن إله السماء أوحى له بهذه الصفات عن نفسه. فأما أن إله محمد هو الإله أبديماك ذو الثلاثة رؤوس، إله مروي القديمة، أو أن محمداً زعم دون أي برهان أن إلهه هو الوحيد القادر على كل هذه الأعمال العظيمة.

About كامل النجار

طبيب عربي يعملل استشاري جراحة بإنكلترا. من هواة البحث في الأديان ومقارنتها بعضها البعض وعرضها على العقل لمعرفة مدى فائدتها أو ضررها على البشرية كان في صباه من جماعة الإخوان المسلمين حتى نهاية المرحلة الجامعية ثم هاجر إلى إنكلترا وعاشر "أهل الكتاب" وزالت الغشاوة عن عينيه وتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من حقيقة الميثالوجيا الدينية الهدف الوحيد من كتاباتي هو تبيان الحقيقة لغيري من مغسولي الدماغ الذين ما زالوا في المرحلة التي مررت بها وتخطيتها عندما كنت شاباً يافعاً
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.