قُضي الأمر، بعد أن أقدم رئيس الولايات المتحدة “دونالد ترامب” على رمي الصخرة الثقيلة في البئر العميقة، حيث قفز فجأة، وبجرأة فاحشة، إلى الاعتراف بأن القدس هي عاصمة الدولة الإسرائيلية، وبأن السفارة الأمريكية ستنقل إليها فوراً، متحدياً بذلك المجتمع الدولي برمّته، خاصة وفي ضوء قيامه بتعويج سير الاستراتيجية الأمريكية، التي داومت واشنطن على التمسك بها والمكوث عليها، طيلة العقود الطويلة الفائتة,
مثّلت هذه الخطوة، الصدمة الأولى، بغد أن توقع الفلسطينيون، بأن “ترامب” لن يُقدم على مثل هذه الخطوة، لا سيما وهو مشغول في تنجيد (صفقة القرن)، والتجنيد لها، وهي التي عزم على نشرها، بهدف حل القضية الفلسطينية،. وما زاد الأمر سوءاً لديهم، هو، من أين أتته تلك الجرأة؟ وكيف حصل عليها؟ وكيف يمكن أصلاً القيام بهذا الاجراء من خلال شخص كهذا، يمكن القول، بأنه كان محل ملاحظات داخلية وخارجية،
وبالتوازي، فقد سقطت عليهم الصدمة الأخرى – وهي أشد وطأةً من الأولى- ، حيث عكست شدّتها، نبرة ردود الفعل الآتية من العرب والمسلمين وحتى الغربيين، والتي جاءت متراخية ومثيرةً للخجل أيضاً، فلمسناها وكأنها قد سبق التحضير لها من قبل، ثمّ بعد ذلك، ولتخبئة سياستهم الدبلوماسية الفاشلة، أوجدوا حالة احتجاجية محمولة على أكتاف التهاون والخذلان، ما يُفسر السلوك لديهم، بأنهم لن يفعلوا أكثر مما حصل, مع علمهم بأن احتجاجاتهم مجتمعة ليست كافية.
من المهم أن نتذكر في هذا السياق، بان الخطوة، وقعت رغم الاعتراض الشديد من البيت الأبيض وجهاز الاستخبارات الأمريكية، ومسؤولين رفيعي المستوى، وجهات أمريكية نافذة، وحتى اللحظة الاخيرة تقريبا، حاولت الطواقم الدولية (ولا سيما الحلفاء والأصدقاء)، اقناع “ترامب”، بان خطوته هي خطأ تاريخي، وستُعقّد مسيرة السلام.
يزيد من هول الصدمة، عندما نلاحظ، بأن لا فرق بين خطوة “ترامب” هذه، وبين (صفقة القرن)، التي أعلن عن وضعها هو نفسه، وقد زعمت بعض المصادر، أن العرب لم يرفضوها، ولم يعلنوا عن تحفظات بشأنها على الأقل، برغم أنها خالية من القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية المنتظرة، بل إنهم قالوا بأنهم مستعدون للقبول بها، وإجراء الضغوطات اللازمة على الفلسطينيين للقبول بها أيضاً.
“ترامب” ورئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتانياهو” تعادلا تقريباً من حيث شعورهما بالراحة وأكثر من ذي قبل، خاصة وأنهما فقداً أذىً محدقاً، واكتسبا رصيداً داخلياً على الأقل، حيث قام الأول بإيفائه بوعده كأول رئيس للولايات المتحدة، وضمِن تسجيل اسمه في التاريخ الدولي، وأكّد الثاني، بأنه كان صاحب الفضل في جلب “ترامب” وحمله على اتخاذ تلك الخطوة والتي أمِل من خلالها، تغطية بعضاً من خطاياه.
إن تلك الخطوة، والتي دخلت حيز التنفيذ منذ التغوّه بها، هي أصبحت كحقيقة واقعة، وفي ضوء احتمالات مُتقدمة، بأن تحذو بعض الدول في الشرق والغرب، حذو “ترامب” خلال أوقات لاحقة، وإذا ما أراد العرب بخاصة، التصدي لتلك الخطوة، فإن ذلك يتطلب استنهاض ثلاث خطوات رئيسية فوريّة برغم أنها (مستحيلة)، باعتبار أن الدبلوماسية الحاصلة الآن أو المزمع القيام بها مستقبلاً، لن تسمن ولن تغنِ من جوع.
تتمثل الأولى القيام بإنهاء المشكلات القائمة بين الدول العربية، والشروع بتشييد علاقات شاملة بنّاءة، والثانية تحجيم علاقاتها مع الولايات المتحدة وإخفاضها إلى أدنى مستوىً، وبالتوازي النهوض نحو إجراء استعدادات حقيقية لإمكانية تشكيل حلف عربي- إسلامي، للحرب ضد إسرائيل، أو لإرغامها على قبول حلولٍ عادلة على الأقل,
إن رؤية الواقع، وبرغم ورود بعض الردود الصاخبة، وسواء المتجهة إلى الولايات المتحشدة، أو الذاهبة إلى إسرائيل، تشير إلى أن احتمال أن يتراجع “ترامب” حقاً عن قراره، هو عين العبث، خاصة وأن تلك الردود، بدت وكأنها مجرد خداع، يهدف إلى امتصاص غضبة الشعوب، برغم معرفة أصحابها، بأن الفرصة باتت مواتية أكثر أمام الإسرائيليين لمواصلة تهويد ما تبقى من المدينة المقدسة.
خان يونس/فلسطين
11/12/2017
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟بقلم علي الكاش
- مباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراثبقلم مفكر حر
- دراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.بقلم آدم دانيال هومه
- ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني … غدت ضرورية غربية ودولية **بقلم سرسبيندار السندي
- الحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولودبقلم مفكر حر
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
أحدث التعليقات
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **