العيش داخل الوطن العربي أكبر مذلة

nigeria-bokoharam-girls

أيام زمان كانت الحكومات العربية تطرد من تغضب عليه خارج البلاد إلى اسبانيا أو فرنسا أو مالطة, كانت تنفي خارج البلاد من تغضب عليه سياسيا , كما حدث ذلك مع سعد زغلول مؤسس حزب الوفد هو ومحمد محمود ومجموعة من الأصدقاء , حصل ذلك معه هو واثنين من رفاقه سنة1919م حين تم نفيهم إلى مالطة وبعد ذلك ترحيلهم إلى جزر(سيشل) في المحيط الهندي بقرار من (اللنبي), كان الاستعمار الغربي أيضا مثله مثل الحكومات العربية ينفي ويطرد المعارضين إلى خارج البلدان العربية , كما حث مع أمير الشعراء أحمد شوقي حين تم نفيه إلى إسبانيا عام 1915م , وهنالك من كان ينفي نفسه بنفسه إلى خارج البلدان العربية إن لم تنفه الدولة, وهنالك من كان يستقيل من منصبه جراء تدخل الدولة والقوى الأمنية وتشدد رقابتها على المجتمع كما حدث ذلك في مصر مع الليبرالي العربي العظيم (أحمد لطفي السيد) حيث قدم استقالته من رئاسة جامعة القاهرة مرتين, مرة عندما تم طرد طه حسين من الجامعة ومرة عند اقتحام الأمن المصري لحرم الجامعة.

المهم في الموضوع وبغض النظر عن أسماء المنفيين إلى خارج البلدان العربية حيث تطول القائمة ولا حصر لها, المهم أن الدولة كانت تطرد الناشطين سياسيا خارج أوطانهم حيث يتم إبعادهم بالقوة عن ساحة العمل السياسي والثقافي ولكن من الملاحظ جيدا اليوم أن الآية أصبحت معكوسة ومقلوبة وبأن المعادلة أيضا أصبحت معكوسة حيث الأنظمة العربية اليوم لا تنفي الناشطين والمعارضين إلى خارج أوطانهم كما كان يحدث ذلك في بدايات القرن المنصرم , وهذا لا يعود إلى سبب من أسباب التقدم الديمقراطي في الوطن العربي لأن الديمقراطية في الوطن العربي فضيحة وعليها شهود, إذاً لماذا لم تعد الحكومات العربية تنفي المثقفين والمعارضين إلى خارج البلدان العربية؟.

أيام زمان كانت إذا غضبت على شاعر أو كاتب و ناشط حقوقي فورا تنفيه إلى خارج حدود الوطن, كانت تأخذه وتلقي به خارج الوطن تماما كما تمسك أنت بحشرة وترمي بها في حاوية النفايات خارج البيت أو سلة النفايات تحت مجلى الطعام في منزلك, اليوم المعادلة اختلفت, صارت الحكومات العربية تحافظ وتحرص كل الحرص على عدم خروج المثقف إلى خارج الوطن, صارت تمنعه من السفر, تحتجز جواز سفره, تسحب منه شهاداته العلمية, تتخذ كافة الوسائل المتاحة وغير المسموح بها حرصا منها لكي لا يغادر المثقف خارج وطنه.

الحكومات العربية اليوم تمنع المثقف من السفر خارج الوطن لأنها تعلم أن العيش في الوطن وإجبارا لمثقف على العيش في وطنه هي أكبر عقوبة يستحقها المثقف عن جداره,العيش داخل الوطن معناه الفقر والعازة والظلم والتجني, العيش داخل الوطن معناه النفي والاستبداد, ل الدول لأوروبية تحترم المنفيين والمطارين والمظلومين والدول العربية والملوك العرب لا يرغبوا بنفي المثقف خارج الوطن, هم يريدون من المثقف أن يعيش داخل الوطن لأن الوطن لا يحترم لا العمل السياسي ولا العمل الثقافي وبالتالي وبهكذا وضع تضمن الحكومات العربية عيشة ذليلة للمواطن العربي , داخل الوطن, لا وظائف ولا أعمال حرة ولا استثمار ولا ثقافة ولا حرية, داخل الوطن العربي كوابيس ومطاردات وملاحقات بشتى وسائل الملاحقات الأمنية , داخل الوطن العربي مجازر وفساد وظلم وحرائق وكذب ودجل وشعوذة, داخل الوطن العربي حرمان من الحياة الكريمة وعدم التقدير والولاء فقط للجهل وللخرافات وللحُكام الظالمين والمستدين, وهذه أكبر عقوبة من الممكن أن يستحقها الناشط وهذه الحياة لن يجد المواطن العربي مثلها ولا حتى في أتعس دولة أوروبية, العيش داخل الوطن أكبر مذلة, والعيش في الغربة فيها عزة وكرامة, آخر ما يفكر به الحكام والرؤساء والملوك العرب هو احترام القانون واحترام الإنسان وتأمين لقمة العيش لهم والحد الأدنى من الكرامة والحد الأدنى من التعاطي بالثقافة,العيش داخل الوطن العربي أكبر مذلة وأكبر وأكثر عقوبة يستحقها المواطن المحترم, ولعنة الله على كل الحكام العرب.


About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.