العلمانيون والملحدون أكثر قربا لله من الشيوخ المسلمين

في إحدى المحاكم في الهند ترافع محامي بقضية غريبة من نوعها على إحدى المعابد الدينية حيث تسبب هذا المعبد بالأذى

العدالة: كريستي توماس

العدالة: كريستي توماس

لخمارة قريبة من المعبد أو لنقل أنها تقع وجها لوجه أمام المعبد, والقضية مفادها أن أحد الرجال حصل على ترخيص بفتح متجر صغير لبيع الخمور في نفس الشارع الذي يقع فيه المعبد, وطالب رجال الدين صاحب الخمارة بأن ينقل خمارته إلى شارعٍ آخر ولكن الرجل أصر على موقعه مدعيا أنه موقع إستراتيجي لبيع الخمور ولن يجد له مثيلا, وما كان من أصحاب المعبد إلا أن تقربوا إلى معبودهم بالصلاة له ليلا ونهارا بأن يحرق لهم الخمارة, وفي ذات ليلة من الليالي استيقظ الحي كله على نيران هائلة تأكل الخمارة حتى أنها لم تترك فيها شبرا إلا وحولته إلى رماد, وما كان من صاحب الخمارة إلا توقيف وتوكيل محامي على القائمين على المعبد مدعيا بأن الخمارة قد احترقت بسبب دعائهم وصلواتهم وحين حضر المتهمون أمام القاضي أنكروا أن إلههم قد أحرق المعبد لإرضائهم وهنا أصر المدعي بأن العابدين في المعبد هم السبب الأول والأخير, هنا توقف القاضي لبرهة من الزمن ثم كتب يقول: يظهر أن صاحب الخمارة لديه إيمان بالله أكثر من القائمين على خدمة المعبد.

وهذا ما يحصل في مجتمعاتنا العربية الإسلامية ولكن قضيتنا من نوعٍ آخر وهي أن الملاحدة والكفرة والعلمانيين لديهم حس إنساني أكثر من شيوخ المساجد الذين لا هم لهم ليلا ونهارا إلا سرقة جيوب الناس وجمع الأموال من دول الخليج العربي من أجل بناء المساجد وصيانتها حيث تكون التكلفة الفعلية أقل بكثير مما يحصلون عليه من دعم خارجي مسموح به, والشيوعيون في بلداننا العربية الإسلامية يشعرون مع الناس أكثر مما يشعر به الشيوخ المدعين أنهم يعبدون الله بحق وحقيقي, ويظهر من خلال تجربتي أن العلمانيين لديهم حس إنساني ومشاعر إنسانية أكثر من المتدينين حيث المتدينون يديرون ظهورهم للمحتاجين بينما الملاحدة يمدون للفقراء يد العون ليلا ونهارا وسرا وعلانية, وأيضا المسيحيون يقومون بتوزيع المساعدات على السوريين والعراقيين ليلا ونهارا وسرا وعلانية دون أن ينتظروا من هؤلاء اللاجئين أي مقابل أو أي جهد على مقابل ما يحصلون عليه من مساعدات, وأنا شخصيا شهدت شيخا سرق أكثر من 14 ألف دينار أردني أي ما يعادل 20 ألف-$- دولار أمريكي من عوائد المساعدات التي تأتي إليه من أجل السوريين.

ويبقى الحس الإنساني عند الملاحدة والعلمانيين أقوى من الذي عند الشيوخ المسلمين, وعلى الأقل غالبية العلمانيين والملاحدة يساعدون الناس دون أن ينتظروا أي مقابل لهم على ذلك من الله, هم يساعدون الناس من أجل الإنسانية فقط لا غير وليس من أجل أن يكافئهم الله بالحوريات, والشيوخ يطمعون يوم القيامة بنكاح مئات الحوريات ويطمعون بالقصور وبالخدم يوم القيامة وبأنهار من لبن وعسل وزيت زيتون صافي, أما الملاحدة والعلمانيين فأغلبهم لا يتوقعون أي تعويض لهم من الله, وبالتالي هؤلاء نستطيع أن نقول عنهم بأنهم مؤمنون أكثر من المؤمنين أنفسهم الذين يدعون الإيمان اليقين.
ومرة من ذات المرات شهدت على جار لي احترق ماتور سيارته, طبعا قال فورا بأن جاره وجاري هو الذي دعا بالسوء على سيارته , وما كان من الجار المتهم إلا الإنكار مدعيا أنه لم يدعو الله مطلقا وأنه بريء من هذه التهمة, وسمعت مرة من امرأة لا تنجب إطلاقا قولها بأن زوجة عمها قد عملت لها عملا عند أحد السحرة من أجل أن لا تنجب مطلقا, وطبعا النتيجة معروفة جيدا وهي أن المتهمة أنكرت صلتها بالموضوع, وأيضا وقفت مرة شاهدا على رجلٍ قال بأن أخيه دعا اللهَ عليه بأن يخسر في تجارته وحين خسر أنكر المتهم أنه دعا الله على أخيه, دائما على فكره المؤمنون ينكرون صلتهم بالله بعد أن يستجيب الله لدعائهم, ولكن ها هم ليل نهار يدعون على إسرائيل بأن يمحقها الله ويمحوها عن الوجود بالكامل, والسؤال الذي يطرح نفسه: لو أن الله أرسل على إسرائيل زلزالا وقلب تل أبيب أسفلها على أعلاها فهل سينكر المسلمون بأن هذا الزلزال حصل بفضل دعائهم أم لا؟.

هذه ملاحظة ألاحظها يوميا من خلال حياة الناس, وأنا شخصيا لو دعوت بالسوء على أي إنسان واستجاب الله لدعائي فإنني عندما يجد الجد أنكر بأن كل ما حصل بفضل دعائي, ولا أخفيكم بأن الله لا يرفض لي طلبا ولا يرد لي دعاء , ويستجيب دوما لصلواتي , إن الناس على الأعم الأغلب يدعون بالسوء على بعضهم البعض وعندما يتهمون بذلك ينكرون , مثلهم في ذلك مثل الجماعة الدينية التي دعت على الخمارة بالحريق وعندما احترقت أنكروا بأنها احترقت بفضل دعواتهم وصلواتهم.

وعلى عكس ذلك كله عندما يحصل الخير, فعندما يدعو شخص لشخص بالخير ويصيبه خيرا يعترف فورا أمام كل الناس بأن الخير قد أصاب الشخص المدعو له بفضل صلاته, طبعا يعترف اعترافا كاملا, وتصبح هنا الآية مقلوبة والقاعدة مقلوبة حيث الذي يصيبه الخير ينكر بأن الخير قد أصابه بفضل دعاء الذي دعا له بالخير , ومثل هذه الأمور تحدث كثيرا في مجتمعاتنا, حيث الدعاء بالخير حين يتحقق يعترف به الداعي على المدعو عليه, وينكره المدعو عليه, وفي حالة الشر ينكر الداعي دعاءه ويعترف المدعو عليه بالشر, إنها مفارقة معقدة تظهر في كافة المجتمعات العربية والأجنبية, ولكن الملاحدة والعلمانيون في قرارة أنفسهم يكونوا مؤمنون جدا بالله وبالخير الذي يصيبهم منه وبالشر الذي يصيبهم منه, وهم أكثر إنسانية ومحبة من المؤمنين, وأعتقد أنا بأن الله يستجيب لهم أكثر مما يستجيب للشيوخ وذلك لعلم الله بإنسانيتهم وبمحبتهم لعمل الخير يدون أن ينتظروا من الله أي مقابلٍ على أعمالهم , وأعتقد بأن الملاحدة والعلمانيين أكثر قربا لله من المؤمنين وأن الله يستجيب لهم أكثر مما يستجيب لرجال الدين, فالعلماني الهندي الكافر والملحد والزنديق والعربيد آمن بأن خمارته قد احترقت بفضل دعوات رجال المعبد بينما رجال المعبد أنكروا ذلك مطلقا وهذا معناه أنهم غير واثقين من أن الله يستجيب لهم, وعلى العكس الملحد لديه إيمان أكثر منه, وإن الله على ما تقدم وسبق وبناء على ما قلنا, يتبين لنا بأن الله لا يحب الناس بناء على دينهم ومعتقدهم بل بناء على إنسانيتهم ومحبتهم للناس, وفي قرار كل ملحد إيمان عميق بالله والله يحب هؤلاء الناس أكثر من حبه لأولئك الراكعين والساجدين في المساجد ليل نهار, الملحد ألحد من كثرة تفكيره بالكون وبسبب كثرة تشغيل مخه, أما أولئك الشيوخ فلا يشغلون عقولهم مطلقا, لذلك يبقوا بعيدين جدا عن الله عز وجل.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.