من كان شكوراً فهو يتمتع بالسعاده , ويكون قربه عزيزاً عند الآخرين , أما أولئك الذين يعبرون النهر على جسور بناها الآخرون , وبعد عبورهم يقومون بتخريب تلك الجسور فهم جاحدون , نفوسهم مجبولة على الخسه ولا يستحقون أي مساعدة ثانيه مهما كانت ضئيله , الجاحد قاطع لسبيل المعروف بين الناس , لأنه يغتال البراءة وحب فعل الخير في نفوس من يجحد فضلهم , فيقابل عطاءهم بالجفاء , وإحسانهم بالأذى , ومحبتهم بالتجاهل
لماذا يجب علينا تربية أبنائنا على التقوى ؟ لكي يكونوا ممتنين لوالديهم غير جاحدين لفضلهم وتضحياتهم . لماذا نتبرع بالمال أو الدم أو غيرها حباً في فعل الخير ؟ لأننا نريد تقديم الشكر لمستشفى ينقذ الأرواح , أو لمدرسة تعلم الناس وتثقفهم , أو لإطفائيه أنقذت بيوت الحي من أن تلتهمها النيران , أو لدفاع مدني ساهم في إغاثة الناس وقت الطواريء . وكيف نشعر عندما نتبرع ؟ مؤكد أننا نشعر بالسعاده التي لا يعرف شكلها أو معناها من قام بتخريب جسرٍ بعدما عبر عليه
نمضي في الحياة بعفويه ، نفتح الأبواب للآخرين ، نقدم لهم ما نستطيع ، لا ننتظر المقابل فالزهور وهي تمنح شذاها ، والشمس حين تشرق ، لا تنتظر مقابلاً من أحد , ولكنها في نفس الوقت لا تتوقع الجحود
الجاحد شخص ذو نفسية شحيحه , قال تعالى في سورتي التغابن والحشر (( ومن يوق َ شح نفسه فأولئك هم المفلحون )) ومن أول علامات شح النفس هي الإساءه لمن أحسن
هل يمكن أن نستمر في العطاء ، وإلى أي مدى ؟ فهناك أشخاص يعتقدون أنهم كلما أخذوا أكثر كانوا أكثر ذكاء , وكونك طيب تحب الخير فمعناها أنك غبي لأن حساباتهم مبنية على الانتهازية والإحتيال بعيدة كل البعد عن السمو الإنساني . يجب أن نستمر في العطاء وعلى قدر ما نتمكن , ولكن لمن يستحق , أما من يثبت جحوده , فهو شخص يطلب أكثر من قدره , ولذلك فهو يستحق الحرمان
الجحود جارح وقاس . لكن العرفان بالجميل لا يعني أن يصبح المرء عبداً أو تابعاً لمن أحسن إليه بل عليه أن يقول شكراً وأن لا يدير ظهره لشخص أعانه وقت شدته وخصص له من وقته أو جهده أو ماله أو اهتمامه
جزاء الإحسان بإحسان مثله ، علينا أن نجمع بين القول والفعل في رد الجميل , اذا تمكننا من الإحسان الى من أحسن إلينا فعلينا أن نفعل , وهذا الإحسان مشروط القيام به لذاته , وليس بإعتباره ديناً علينا إرجاعه أو تسديده في وقت لاحق
اذا تمكننا دائماً من حمل مشاعر الإمتنان , حياتنا ستصبح خالية من العداوه , والغيره , والخلافات والمصائب . وجود العرفان بالجميل في قلوبنا مهم من أجل سمونا الأخلاقي وتحولنا نحو الأحسن وإنسجامنا المثالي مع أنفسنا والآخرين
د. ميسون البياتي