العبودية في الإسلام 18

سردار أحمد

الحلقة الثامنة عشرة
العبيد في تفاسير الأحلام:
بعد دراسة أحوال العبيد إسلامياً من نواحي مختلفة, دنيا وآخرة، رأيت أنه من الأفضل الوقوف في هذه الحلقة على العبيد في تفاسير الأحلام التي انتهجت المنهج المتوافق مع الإسلامي وثقافته السائدة في تفسيرها، لتكون دراسة الحلقات أشمل قدر المستطاع، لأنه حتى كتب تفاسير الأحلام لم تحرمنا من رؤيتها حول عالم العبودية والذل الذي كان جزءاً من ذلك المجتمع، وذلك المنهج، وتلك الثقافة، وذلك الدين.
سأركز في بحثي هذا على كتاب ابن سيرين لتفسير الأحلام، لأنهم وصفوه وعرفوه بأنه: ” أبو بكر بن أبي عمرو الأنصاري، مولى أنس بن مالك، إمام هذا الفن ورائده وأحد أشهر المؤولين والمفسرين للأحلام.” وقالوا أن ابن سيرين هو خير من فسر الأحلام، وقالوا أنه شيخ الإسلام، والإمام الرباني، وقال ابن اسعد «كان ثقة مأمونا عالما رفيعا إماما كثير العلم ورعا».
وفي موقع فرسان السنة قالوا عنه بأنه: ” من أئمة التابعين ولد سنة واحد وثلاثين وتوفي سنة مائه وعشرة هـ، لقي ثلاثين صحابيا وأخذ عنهم العلم واختص بأنس فهو مولى له وأخذ عن أبي هريرة رضي الله عنه وشهد له أهل العلم والفضل بالعلم والديانة والعدالة فقال عنه ابن معين وأبو زرعة: محمد ابن سيرين ثقة… وقال ابن جرير الطبري: كان ابن سيرين فقيها عالما ورعا أديبا كثير الحديث صدوقا شهد له أهل العلم والفضل بذلك وهو حجة….وقد تتابع ثناء العلماء ووصف بأنه عالم في الفرائض والقضاء والحساب وأنه كان رحمه الله تعالى فقيها، هذا الإمام رحمه الله تعالى له أقوال فذة تدل على علميته وعلى سلفيته وعلى تأصله في العلم الشرعي من ذلك ما أخرجه الدارمي عن ابن سيرين أنه قال:كان يرونه ـ يعني الرجل وطالب العلم أو العالم ـ كانوا يرونه أنه على الطريق ما دام على الأثر أي ما دام أنه متمسك بالأثر فهو على الطريق الصحيح الموصل إلى الجنة.”
وفي (الحوار المتمدن، 4-2-2010) كتب هيثم الجنابي عن تفسير الأحلام وابن سيرين قائلاً بأنه ” العَالَم الجديد الذي أبدع فيه ابن سيرين رؤية الثقافة الإسلامية الصاعدة وتمثل احد نماذجها لجميلة. وليس اعتباطا أن يجمع في ذاته لقب التابعي الجليل وإمام عصره في تفسير الأحلام… فقد كان تفسيره للأحلام وثيق الارتباط اجتهاده الشخصي في ميدان الفقه والتفسير والحديث. بمعنى أن الصيغ المتنوعة لتفسيره للأحلام وثيق الارتباط بما جمعته التجربة الثقافية الإسلامية. من هنا الثقل النسبي للقرآن في تفسير الأحلام ”
تقول د.نجاح هادي كبة: ” اعتمد ابن سيرين معايير سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية وثقافية في تفسير الأحلام… تفسير الأحلام عند ابن سيرين حسب العوامل المتداخلة السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية التي تصطرع في داخل نفسية الإنسان وتنعكس على شكل أحلام تتراءى له في أثناء النوم.”

بعد كل ما تقدم أسمحوا لي أن أذكر لكم بعض الشواهد عن عالم العبيد والعبودية والانحطاط والذل في كتاب ابن سيرين (العظيم) لتفسير الأحلام:
قال ابن سيرين: من رأى كأنّ في داره عين ماء جارية فإنّه يشتري جارية، ومن رأى كأنّه أخرج من البحر لؤلؤة استفاد من الملك مالاً أو جارية أو علماً. من رأى ساقية تجري بالماء إلى بستانه أو فدانه نظرت في حاله فإن كان عزباً تزوج أو اشترى جارية ينكحها فإن كانت له زوجة أو جارية وطئها وحملت منه إن شربت أرضه أو بستانه أو نبت نباته.
حكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّي أشرب من قلة ضيقة الرأس. قال تراود جارية عن نفسها. وعن السفينة قال: وإن رأى ذلك عزب تزوج امرأة أو اشترى جارية تحصنه وتصونه.
ومن وطِىء كمه فخرج منه بيضة فإنّه يطأ أمته ويولد له منها جارية.
وكذلك لو رأى امرأته أو جاريته ولدت جارية أصاب خيراً. فإن ولدت إحداهما غلاماً ناله هم شديد.
من رأى كأنّه أصاب طستاً من ذهب أو إبريقاً أو كوزاً وله عروة فهو خادم يشتريه أو امرأة يتزوجها أو جارية فيها سوء خلق.
ومن رأى امرأة أو جارية في أذنيها قرط أو شنف فإنّه يظهر له تجارة في كورة عامرة نزهة فيها إماء وجوار مدللات مزينات لأنّ المرأة والجارية تجارة والأذن التي وضع عليها القرط إماء ونساء فإن رأى في أذنيه قرطين مرصعين باللؤلؤ فإنّه يصيب من زينة الدنيا وجمالها لأنّ جمال كل شيء اللؤلؤ ويرزق القرآن والدين وحسن الصوت وكمالاً في أموره.
وقيل: الخاتم يدل أيضاً على الوالد والمرأة أو شراء جارية أو دار أو دابة أو مال أو ولاية وإن كان من ذهب فهو للرجل ذل… ومنِ استعار خاتماً فإنّه يملك شيئاً لا بقاء له ومن أصاب خاتماً منموشاً فإنّه يملك شيئاً لم يملكه قط مثل دار أو دابة أو امرأة جارية أو ولد.
ومن رأى كأنّه اشترى جارية وفي حلقها طوق من فضة فإنّه يتجر على قدر الجارية تجارة ويستفيد منها قوة أو يصيب من التجارة امرأة أو جارية لأنّ الفضة من جوهر النساء.
جاء رجل إلى ابن سيرين فقال: رأيت كأني أثقب لؤلؤة فقال: ألك أم قال نعم كانت ولكنها سبيت قال: فلك جارية اشتريتها من السبي قال نعم قال: اتق الله فهي أمك.
من رأى في يده مركباً فإنّه ينال مال رجل شريف ويفيد جارية حسناء وإن كان من فضة وذهب فإنه جوار وغلمان حسان أصحاب زينة.
وأما المرأة إذا رأت شيب جميع رأس زوجها دلت رؤياها على فسق زوجها، فإن كان زوجها صالحاً فإنّه يغايرها بامرأة أخرى جارية. وإن لم يكن كذلك فإنّه يصيبه منها غم أو حزن.
وأخبرنا ابن سيرين عن رؤى مجالس الخمر فقال:
القنينة خادمة مترددة في نقل الأموال وكذلك الإبريق خادم بدليل قول الله عزّ وجل: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلّدُون بِاكْوَاب وأَبَارِيق}. فمن رأى كأنّه يشرب من إبريق فإنّه يرزق ولداً من أمته والأباريق الخدم القوام على الموائد.
والنعل من الفضة حرة جميلة ومن الرصاص امرأة ضعيفة ومن النار امرأة سليطة ومن الخشب امرأة منافقة خائنة والنعل السوداء امرأة غنية ذات سؤدد والنعل المتلونة امرأة ذات تخليط.
وفي الكسوات واختلاف ألوانها وأجناسها حدثنا:
القلنسوة: سفر بعيد أو تزويج امرأة أو شراء جارية، ووضعها على الرأس إصابة سلطان ورياسة ونيل خير من رئيس أو قوة لرئيسه ونزعها مفارقة لرئيسه، فإن رآها مخرقة أو وسخة فإنّ رئيسه يصيبه هم بقدر ذلك.
والسراويل: امرأة دينة أو جارية أعجمية فإن رأى كأنّه اشترى سراويل من غير صاحبه تزوج امرأة بغير ولي.
والإزار: امرأة حرة لأنّ النساء محل الإزار.
أما الديباج والحرير… فتدل أيضاً على التزوج بامرأة شريفة أو شراء جارية حسناء.
أتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأنّي اشتريت ديباجاً مطوياً فنشرته فإذا في وسطه عفن فقال له: هل اشتريت جارية أندلسية قال: نعم. قال: هل جامعتها قال: لا لأني لم استبرئها بعد. قال: فلا تفعل فإنّها عفلاء. فمضى الرجل وأراها النساء فإذا هي عفلاء. ورأى رجل كأنّه لبس ديباجاً فسأل معبراً فقال: تتزوج جارية عذراء جميلة ذات قدر. (العفل: مجس الشاة بين رجليها، إذا أردت أن تعرف سمنها من هزالها. والعفل والعفلة، بالتحريك فيهما: شيء يخرج من قبل النساء وحياء الناقة شبيه بالأدرة التي للرجال؛ والمرأة عفلاء.)
وفي رؤية أثاث البيت قال:
الطست: جارية أو خادم. فمن رأى كأنّه يستعمل طستاً من نحاس فإنّه يبتاع جارية تركية لأنّ النحاس يحمل من الترك، وإن كان الطست من فضة فإنَّ الجارية رومية، وإن كان من ذهب فإنّها امرأة جميلة تطالبه بما لا يستطيع وتكلفه ما لا يطيق، وقيل إنَّ الطست امرأة ناصحة لزوجها تدله على سبب طهارته ونجاته، والباطية (إناء من الزجاج): جارية مكرة غير مهزولة.
وأما المسحاة: فإنّها خادم ومنفعة أيضاً لأنّها تجرف التراب والزبل وكل ذلك أموال ولا يحتاج إليها إلاّ من كان ذلك عنده، وهي للعزب ولمن يؤمل شراء جارية نكاح تسر…الخ
اسكفة الباب ودوراته وكل ما يدخل فيه منه لسان فذاك يدل على الزوجة والخادم وأما قوائمه فربما دلت على الأولاد الذكران أو العبيد والأخوة والأعوان.
وفسر لنا في باب المنازعات والمخاصمات:
من رأى أنه باع مملوكاً: فهو له صالح ولا خير فيه لمن اشتراه، ومن باع جارية فلا خير فيه، ومن اشترى جارية فهو له صالح، وكل ما كان خيراً للبائع فهو له للمشتري.
النعال: وأما نعال الطائف أو ما يتصرف به التجار في الأسواق فدالة على الأموال والاكتساب والمعاش. وقد تدل على الزوجة أيضاً إذا مشى بها في خلال الدور أو اشتراها أو أهديت إليه. فإن كانت جديدة فبكر أو حرة أو جارية وإن كانت قديمة ملبوسة فثيب… فإن لبسِ نعلاً ولم يمش فيها فإنّه يصيب امرأة يطؤها أو جارية… فإن كانت النعل غير محذوة فإنّه يصيب امرأة أو جارية عذراء وكذلك لو كانت محذوة ولم تلبس.
البنفسج: جارية ورعة والتقاطها تقبيلها. الأقحوان: التقاطه من سفح جبل إصابة جارية حسناء من ملك ضخم… وأما النرجس: فمن رأى على رأسه إكليلاً من نرجس تزوج امرأة حسناء أو اشترى جارية حسناء لا تدوم له.
وفي رؤى الصناع والحرفيين والعملة والفعلة أخبرنا:
الحَذَاء: نخاس الجواري يزين أمور النساء لأنّ النعل امرأة.
وبياع الطيور نخاس الجواري والخواص والطرائفي والأكافي أيضاً نخاس الجواري لأنّ الأكاف امرأة أعجمية. (الإكاف: دثار مخمل، والإكافي: صانعه، فيقال: ركب حمارا عليه إكاف)
السراج: نخاس لأنّ السرج امرأة أو جارية لأنّه مقعد الرجل.
والغواص: ملك أو نظير ملك فمن رأى أنّه غاص في البحر فإنّه يدخل في عمل ملك أو سلطان، فإن رأى كأنّه استخرج لؤلؤة فإنّه ينال من الملك جارية تلد له ابناً حسناً لقوله تعالى: {كأنّهُمْ لُؤلُؤٌ مَكْنُونْ}
وأما الفراش: فنخاس ودلال الرقيق.
وفي تفاسير رؤى الطيور ذكر وفسر:
النعام: امرأة بدوية لمن ملكها أو ركبها ذات مالك وجمال وقوام وتدل أيضاً على الخصي لأنها طويلة ولأنها ليست من الطائر ولا من الدواب، وتدل أيضاً على النجيب لأنها لا تسبق وتدل على الأصم لأنها لا تسمع وهي نعمة لمن ملكها أو اشتراها ما لم يكن عنده مريض فإن كان عنده مريض فهي نعيه.
ومن رأى في داره نعامة ساكنة طال عمره ونعمته وفرخها ابن وبيضها بنات فإن رأى السلطان له نعامة فإن له خادماً خصياً يحفظ الجواري.
الدراج: قيل إنه مملوك وقيل إنه امرأة فارسية.
الديك: في أصل التأويل عبد مملوك أعجمي أو من نسل مملوك.
وكذلك الدجاج لأنّهم عند ابن آدم مثل الأسير لا يطيرون ويكون رب الدار من المماليك، كما أنّ الدجاجة ربة الدار من الخادمات والجواري، والديك أيضاً يدل على رجل له علو همة وصوت كالمؤذن والسلطان الذي هو تحت حكم غيره لأنّه مع ضخامته وتاجه ولحيته وريشه داجن لا يطير فهو مملوك لأنّ نوحاً عليه السلام أدخل الديك والبدرج السفينة فلما نضب الماء ولم تأته الإذن من الله تعالى في إخراج من معه في السفينة سأل البدرج نوحاً أن يأذن له في الخروج ليأتيه بخبر الماء وجعلِ الديك رهينة عنده وقيل إنّ الديك ضمنه فخرج وغدر ولمِ يعد فصار الديك مملوكاً وكان شاطراً طياراً فصار أسيراً داجناً وكان البدرج ألوفاً فصار وحشياً.
… وقيل إنّ الديك رجل جلد محارب له أخلاق رديئة يتكلم بكلام حسن بلا منفعة وهو على كل الأحوال إما مملوك أو من نسل مملوك…. والديوك الصغار مماليك أو صبيان أولاد مماليك.
وكذلك الفراريج الإناث أولاد جوار أو عبيد أو وصائف. وجماعة الطيور سبي وأموال رقيق قال عمر بن الخطاب: رأيت كأنّ ديكاً نقرني نقرة أو نقرتين أو قال ثلاثة وقصصتها على أسماء بنت عميس فقالت: يقتلك رجل من العجم المماليك.
والدجاجة أيضاً: امرأة رعناء حمقاء ذات جمال من نسل مملوك أو من أولاد أمة أو سرية أو خادمة ومن ذبحها افتض جارية عذراء ومن صادها أفاد مالاً حلالاً هينئاً ومن أكل لحمها فإنّه يرزق مالاً من جهة العجم ومن رأى الدجاجة والطاوسة يهدران في منزله فإنّه صاحب بلايا.
والحمامة رجل أو امرأة عربية ومن ذبحها افتض امرأة بكراً ومن أكل لحمها أكل مال المرأة. والحمام مع فراخهن سبي مع أولادهن.
وعن رؤى الوحوش والسباع أخبرنا:
حمار الوحش: من أكل لحم حمار الوحش أو شرب لبنه أصاب عبيداً من رجل شريف.
والظبية: جارية حسناء عربية فمن رأى كأنه اصطاد ظبية فإنه يمكر بجارية أو يخدع امرأة فيتزوجها.
فإن رأى كأنه رمي ظبية بحجر دل ذلك على طلاق امرأته أو ضربها أو وطء جارية. فإن رأى كأنه رعاها بسهم فإنه يقذف جارية. فإن ذبح ظبية فسال منها دم فإنه يفتض جارية.
صوت الظبي في المنام إصابة جارية جميلة عجمية وصياح الثعلب كيد من رجل كاذب.
وبخصوص الخيل والدواب والبهائم والأنعام قال:
رؤى البرذون: تدل على الزوجة الدون وعلى العبد والخادم ويدل على الجد والحظ والرزق والعز المتوسط بين الفرس والحمار والأشقر منها حزن. ومن ركب برذوناً ممن عادته يركب الفرس نزلت منزلته ونقص قدره وذل سلطانه وقد يفارق زوجته وينكح أمة. وأما من كانت عادته ركوب الحمار فركب برذوناً ارتفع ذكره وكثر كسبه وعلا مجده. وقد يدل ذلك على النكاح للحرة من بعد الأمة. (البرذون: يطلق على غير العربي من الخيل والبغال)
وعن الفرس: قيل إنّ منازعة فرسه إياه خروج عبده عليه إن كان ذا سلطان وإن كان تاجراً خروج شريكه عليه وإن كان من عرض الناس فنشوز امرأته.
ومن ركب فرساً بسرج نال شرفاً وعزاً وسلطاناً لأنّه من مراكب الملوك ومن مراكب سليمان عليه السلام. وقد يكون سلطانه زوجة ينكحها أو جارية يشتريها.
الرمكة: جارية أو امرأة حرة شريفة. (الرمكة، وهي الفرس، وهي أنثى البراذين)
البغل: رجل لا حسب له إما من زنا أو يكون والده عبداً وهو رجل قوي شديد صلب ويكون من رجال السفر ورجال الكد والعمل.
الحمارة: امرأة وخادم دنيئة أو تجارة المرء وموضع فائدته، فمن رأى حمارته حملت حملت زوجته أو جاريته أو خادمه.
وأما المهر والمهرة: فابن وابنة وغلام وجارية، فمن ركب مهراً بلا سرج ولا لجام نكح غلاماً حدثاً وإلا ركب هماً وخوفاً.
والناقة: العربية المنسوبة إلى المرأة فهي المرأة الشريفة العربية الحسيبة.
العنز: جارية أو امرأة فاسدة لأنّها مكشوفة العورة بلا ذنب. (هذا يذكرنا بالفروقات بين عورة الجارية وعورة الحرة – وذكر ذلك في آية قرآنية- ومنع عمر ابن الخطاب الجواري من التحجب في أيامه )
التيس: هو الرجل المهيب في منظره الأبلسِ في اختياره وربما دل على العبد والأسود والجاهل.
في النكاح:
لو رأى أنّه ولد له غلام أصابه هم شديد فإن ولد له جارية أصاب خيراً وكذلك شراء الغلام والجارية.
من رأى كأنّه نكح جارية نال خيراً…. فإن رأى الرجل كأنّه ينكح عبده أو أمته نال زيادة في ماله وفرحاً بما ملكه. فإن رأى كأنّ عبده يجامعه فإنّ عبده يستخف به. (لاحظ كلمة نكح عبده وقبلها في رؤى المهر والمهرة ونكاح الغلام)
وفي الأمراض والأوجاع:
قيل من رأى أنّه تزوج بامرأة أو اشترى جارية فلم يقدر على مجامعتها لعنته فإنّه يتجر تجارة بلا رأس مال تجلد.
في السلاطين والملوك أخبرنا:
من رأى كأنّه نائم على فراش الإمام وكان الفراش معروفاً فإنّه ينال منه أو من بعض المتصلين به امرأة أو جارية أو مالاً يجعله في مهر امرأة أو ثمن جارية وإن كان الفراش مجهولاً قلده الإمام بعض الولايات فإن رأى أنّ الإمام كلّمه نال رفعة لقوله تعالى: { فلمّا كَلّمَهُ قَالَ إنّكَ اليَوْمَ لَدْيْنَا مَكِينٌ أمين }.
من رأى أنّ الإمام أعطاه شيئاً نال شرفاً فإن أعطاه ديباجه وهب له جارية أو يتزوج بامرأة متصلة ببعض السلاطين.
وأما عن القلم والدواة:
الدواة: خادمة ومنفعة من قبل امرأة وشأن من قبل ولد.
فمن رأى أنه يكتب من دواة اشترى خادمة ووطئها ولا يكون لها عنده بطء ولا مقام وقيل من رأى أنّه أصاب دواة فإنّه يخاصم امرأته أو غيرها.
إن رأى أنّه أخذ من الإمام منشوراً فإنه ينال سلطاناً وغبطة ونعمة إن كان محتملاً ذلك وإلا خيف عليه العبودية.
أدوات الركبان والفرسان:
عن المركب: إن رآه من فضة مطلية بالذهب يدل على جوار وغلمان حسان.
الصنم:
الصنم: إن كان من فضة فإنّه يحصل له سبب يتوصل به إلى امرأة أو جارية على وجه الخيانة والفساد، وإن كان ذلك الصنم من صفر أو حديد أو رصاص فإنّه يترك الدين لأجل الدنيا متاعها وينسى ربه.
في النوم والاستلقاء:
من رأى جارية ملكها أو نكحها أو دخلت عليه فإن كان له غائب جاءه أو خبره أو كتابه وإن رأى ذلك من تقتر رزقه يسر له وإن رأى ذلك من هو في البحر فمن تعذر طاروسه جرت سفينته.
وفي البساط والفريق والسرداقات:
قيل أنِّ الخيمة: ولاية وللتاجر سفر، وقيل إنّها تدل على إصابة جارية حسناء عذارء لقوله تعالى: {حورٌ مَقْصُورَاتٌ في الخِيام}.
الأشجار:
دلت الشجرة أيضاً على النساء لسقيها وحملها وولادتها لثمرها وربما دلت على الحوانيت والموائد والعبيد والخدم والدواب والأنعام وسائر الأماكن المشهورة بالطعام والأموال.
روي عن ابن سيرين أنَّ رجلاً أتاه فقال: رأيت كأني أصب الزيت في أصل شجرة الزيتون فقال له: ما قصتك قال: سبيت وأنا صبي صغير فأعتقت وبلغت مبلغ الرجال قال فهل لك امرأة قال لا ولكني اشتريت جارية قال انظر فإنّها أمك. قال فرجع الرجل من عنده وما زال يفتش عن أحوال الجارية حتى وجدها أمه.
وفي رؤى بعض أجزاء جسم الإنسان قال:
السرة: تدل على امرأة الرجل وحبيبته من جواريه وهمته. فما رأى بسرته من قبح الحال أو جمال أو سوء حال فهو فيهن.
ويشبه لنا ابن سيرين العبيد والغلمان بالأصابع فيقول: زينة الرجل وماله وأصابعها جواريه وغلمانه، فإن رأى بعض أصابعه صعد إلى السماء مات بعض غلمانه أو جواريه.
ومن رأى أنّه يعالج فرج امرأة بدون الذكر فإنّه ينال فرجاً من قبلها فيه نقص وضعف. ومن رأى أنّه عض فرج امرأة مجهولة فإنّه يأتيه فرج في أمر دنياه. فإن رأى فرج جارية يأتيه خير وفرج.
وفي باب الناس فسر لنا:
” من رأى كأنه اشترى غلاما، أصابه هم. ومن اشترى جارية، أصاب خيرا. وإن رأى العبد غير البالغ كأنه قد أدرك الحلم فإنه يعتق. فإن رأى كأنه أدرك وطرح عليه رداء أبيض، فإنه يتزوج امرأة حرة. وإن رأى كأنه طرح عليه رداء أسود، فإنه يتزوج مولاة. ومن رأى كأنه طرح عليه رداء أرجواني، تزوج بامرأة شريفة الحسب. فإن رأى مثل هذه الرؤيا شاب دلت رؤياه على أن ابنه يبلغ. وإن رآها شيخ، دلت رؤياه على موته. وإن رآها مرتكب لمعصية خفية، فإنه يفتضح. ومن رأى أنه أصاب ولدا بالغا، فهو له عز وقوة، وأمه أولى به في أحكام التأويل من أبيه، وإذا رأت امرأة ذكرا أمرد، فهو خير يأتيها على قدر حسنه أو قبحه.”
في الحرب: قيل من رأى بيده قوساً مكسورة تزوج امرأة حرة.
وعن تفسر رؤى الجنة: إن رأى كأنّه ينكح من نساء الجنة وغلمانها يطوفون حوله نال مملكة ونعماً لقوله تعالى: {وَيَطوفُ عَلَيْهمْ وِلدَان مُخَلّدُون}.
الحلم كما هو معلوم مقتطع من الواقع المعاش والمعروف، أي أنه مرتبط بواقع اليقظة والحياة المادية المحسوسة، ومن خلال تفسير ابن سيرين وباقي تفاسير الأحلام المقترنة بالحضارة والثقافة والمبادئ الإسلامية نلاحظ مدى انحطاط واقع اليقظة ذاك، ومدى انحطاط الإنسان والقيم الإنسانية، ومدى ترسخ العبودية كأمر واقع في تلك الحقبة.
وبما أن الحلم مقتطع من الواقع المعاش فلا يمكن لإنسان متحضر أن يحلم في أيامنا هذه بسوق النخاسين وتجارة البشر كما كان يفعل ابن سيرين، والصحابة، والمسلمون الأوائل.
ابن سيرين لو أنه كان فعلاً مميزاً عن غيره، ولديه رؤية، ولديه ما يقدمه من أفكار، كان الأجدر به أن يعرف قدر نفسه، ويبحث في كراماته ومنزلته قبل أن يبحث في الأمور الأخرى، لأنه كما سموه مولى، والمولى أحط منزلة من الحر وارفع من العبد، وله أحكام خاصة كما للعبيد أحكام خاصة.
رواد المعرفة والثقافة والفكر الإسلامي بالرغم من كثرة حديثهم وشرحهم عن ابن سيرين، إمامته، علمه، وفقهه، إلا أنهم تجاهلوا (الوقوف) على كونه (مولى) مولى أنس بن مالك، لماذا الخوف والحرج وانتهاج منهج التستر على تسمية الأشياء باسمها!!؟؟
متى يا ترى سيتخلص المجتمع الإسلامي من النصوص، التعاليم، القصص، العقد، والخرافات التي تلزمه بقبول ما لا يمكن قبوله من ذلك التاريخ، التي تلزمه بالتخلف والبعد عن الإنسانية، التي تلزمه بتشبيه المرأة بالحمار والحذاء والنعل، متى يا ترى سوف يربوا كباقي المجتمعات للتقدم والعمل وبناء المستقبل الأفضل، مستقبل بلا عبيد أو موالي أو أي تمييز عنصري.

يــــتــــبــــع

سردار أحمد

About سردار أمد

سردار أحمد كاتب سوري عنوان الموقع : http://www.serdar.katib.org
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.