ـ صباح الخير نجول (أمي اسمها نجلا، وكانت جدتي تدللها فتناديها نجول)
ـ أنا ماني نجول!
ـ من أنت؟
ـ أنا أخت!
ترمقني بنظرة حادة تثقب عظام وجهي: لو فيك ذرة ذوق ما بتناديني باسمي! وبعنف مبالغ فيه، تتابع: المفروض تناديني يا اختي، نحن أخوات، مافي ذوق؟
….
لقنتني أمي ذلك الصباح درسا في الذوق، لم يسبق ولقنتني مثله في عزّ وعيها! احتراما لأمي مسحت الأرض بشهاداتي…
تعلمت يوما وأنا في طريقي لنيل تلك الشهادات أن أعذب الكلمات لاذن السامع “اسمه”، لم أكن أدري أن أعذبها لاذن أمي أن أناديها “يا أختي”!
….
عش طويلا تتعلم كثيرا… لقد تعلمت اليوم أن لكل اذن طريقة في اختيار مايروق لها، ولأمي طريقتها!
….
لم تتبع أمي يوما طريقة من خيارها… فلقد عاشت، ككل نساء عصرها، قهرا فرض عليها أن تكون من أرادوا لها أن تكون. أمي كغيرها ضحية ثقافة موغلة في وحشيتها، ثقافة نخرت كل عقل، وصحّرت كل شيء! ثقافة فضحتها مجاهر القرن الواحد والعشرين، وضاقت بها أرجاء الأرض حتى حصرتها في أصغر برميل قمامة!
…..
العالم اليوم يعيش حالة اضطراب لم يشهد أن سجلها تاريخه، حالة اضطراب قد تودي بربع سكان الأرض مالم ينهضوا
من ذلك البرميل ويلحقوا بركب البشر، والأحتمال الأسوأ والأكبر أن يأخذوا معهم الثلاثة أرباع الأخرى!
….
العالم اليوم يعاني من حالة احتقان طاقوي، لو انفجرت لدمرت الأرض. ذلك الاحتقان الذي نجم عن خنق بلايين النساء عبر التاريخ الاسلامي، والكون يعاقب الفاعل والمتفرج! لذلك، نحن على أبواب كارثة أرضية، أتمنى أن نتفادها بانقاذ ما تبقى..
….
ما يسعدني أن أمي ـ وقبل أن تغادر هذا العالم ـ قد لحست طعم الحرية، فاختارت مايروق لاذنها دون أن ينهرها أحد!
………………….
ملاحظة من اسرة التحرير: ان تنادي الاخر بيا اخي او اختي هو عادة سورية سريانية اصيلة, وهذه سببت مشكلة بالانجيل المقدس حيث اعتبرت بعض الطوائف ان يعقوب هو اخو المسيح من العذراء بسبب انه ناداه يا اخي بينما طوائف اخرى تعتبر ان العذراء لم تنجب الا المسيح من الروح القدس وهو الله الذي تجسد
