الصليب و الكرازة

 أعلن الله عن قدرته بكل ما خلق قبل الإنسان,قدرة الجمال و التنوع و الدقة و الإبهار و الحكمة.لكن لما صنع الإنسان على صورته و مثاله أعلن لنا لأول مرة قدرة محبته حين صرنا بصورته و مثاله مميزين عن الخليقة كلها.
– لذلك في طيات آية واحدة يوصف الخلاص: الذى وجد في الهيئة كإنسان ( كل ما يخص التجسد ) و أطاع حتى الموت (كل ما يخص المحبة المقتدرة) .موت الصليب( كل ما يخص الإنتصار على عقبات الخلاص) فى2: 8 .و يمضى بنا الروح القدس كالمسيح مع تلميذى عمواس يفسر لنا الأحداث من كل الوحى المكتوب . لا ليحكي لنا التفاصيل فحسب بل و يسكنها في قلوبنا فتلتهب كما إلتهب قلبى تلميذى عمواس لكي بكل تفاصيل الخلاص يتكون إيمان كل من يقبل المسيح و يتبعه حاملاً الصليب .مع الصليب يحمل المفديون صفات الفادى و يقول الكارزون مع الرسول بولس .لا يحمل أحد على أتعاباً لأنى حامل فى جسدى سمات الرب يسوع (من البداية بالتجسد حتي النهاية بالإنتصار على الموت).غل 6 : 17
– لا يختلف إثنان من المسيحيين أن الصليب هو أعظم ترجمة لكلمة المحبة و لقوة المحبة.هى ترجمة بالدم.بالموت و بالحياة. هى الترجمة الإلهية الوحيدة المقبولة للمحبة .ليس هذا إستنتاجاً ذهنياً من إنسان بل شهادة الله ذاته له المجد عن أعظم محبة: ليس حب أعظم من هذا أن يضع إنسان نفسه (يموت) لأجل أحباءه.يو15 : 13 .
– لذلك قبل أن يقتادنا الروح في إنجيل يوحنا إلى تفاصيل فصح مخلصنا يضع لها هذا العنوان :أمَّا يَسُوعُ قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ، وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هذَا الْعَالَمِ إِلَى الآبِ، إِذْ كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ، أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى .يو13: 1..الروح يعلن لنا سر قبول المسيح لصليب الموت .أنه الحب في أقصى درجاته .المحبة إلى منتهاها.بالصليب صارت كل المحبة مكشوفة و موصوفة و ممنوحة لنا.و كما يدخل بنا الروح إلى الخلاص هكذا من باب الصليب يدخل الكارزون بقوة محبة المسيح على الصليب. ناظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عرش الله.
– الكارز و الخادم الذى عيناه علي المسيح المستهين بالخزي لا يخزي.الذى يملأ عينيه بمسرة المسيح بالخلاص هو كارز لا يمل و لا يفشل لأن فرح المسيح يقتاده لربح النفوس لحساب الفادى وحده.و كما وجد المسيح مسرته في خلاصنا يجد الكارز مسرته فى حمل صليبه كل يوم و الروح القدس يستخدمه لإقتناص الغنم الشارد.كما أن المحبة و الصليب وجهان لعملة واحدة فالكرازة و الصليب بنفس المحبة هما لنفس العملة.
– إفرح بالصليب و بكل عيد للصليب وإبتهج بالتأمل فى صليب ربنا يسوع لأنه الدرس الأعظم للبشرية إن أرادت المحبة و الرجاء الأعظم للبشرية إن بحثت عن النصرة و القوة الأعظم للبشرية إن رغبت الخلاص و الحضن الأعظم للبشرية إن إشتاقت إلى المجد.
إلى المصلوب رفعت عيناى
إليك رفعت عيناى يا مصلوب .على الصليب نلتقي.يثقل قدماى خجل الخطية و أنا نحو الجلجثة منحنياً حيث هناك دوائى. نظرتك فإذا كل الأثقال توجعك هذه التي كانت توجعنى.نظرت نفسى و إندهشت فلماذا أنا عاجز هكذا ما دمت تحملنى؟ لماذا لا أطير كالحمام خفيف الحِمل.فأجابتني محبتك أن محبتى هشة ينقصها الصليب .أما محبتك أنت يا ربي يسوع فقد تسمرت بالصليب و لن تنتزع منه إلى الأبد.مهما أحببناك سيظل الصليب فرق المحبة بيننا و بينك.مهما فعلنا و لو كل البر سنظل أقزاماً بجوار صليبك.لذلك نخشع قدامك علي صليبك عالمين أنك المحبة الكاملة و الرجاء الكامل و القدرة الغافرة التي لا تنقص و لا تفتر عن أن تخلص البعيدين و القريبين.نقف طالبين نفس خلاص الصليب و نفس وهج محبته و نفس الغفران الذى صار و يصير دوماً منه.لنسمع نفس الشفاعة تطلب من الآب أن يغفر لنا لأننا لا نعلم ماذا نفعل.
إذا رفعت عيناى إليك يتقطر دمك مسكوباً عنى.أجد طهارتك أقوى من آثامي و جروحك أقدر من جسدى الصحيح ظاهرياً.أجد يداك المقيدتين تحرران أكثر من أيادى الأحرار فى كل الأرض.أجد رأسك المثقوب بالأشواك أكثر حكمة من رؤوس الملوك المكللة بالذهب.أجد جنبك المطعون أكثر حناناً من قلوب الأمهات و حنان العذارى.إذا رفعت عيناي إليك تعلمت دروس الصليب التي لا تنتهي .الآن أفهم كيف لم يريد تلميذك بولس إلا أن يراك وحدك و أنت مصلوب و لا ينشغل عن هذا المشهد حتي الموت.فلهذا إجعل إرادتي منحصرة فى شركة آلامك و نصرة قيامتك و حلاوة مجدك إجعلني مأسوراً فى شخصك المخلص وحدك.
فليكن عيد الصليب لى هو عيد الحرية من الخطية.عيد الإتحاد بجسدك و دمك المقدمين عني علي الصليب.هو عيد المجد غير المرئى خلف الصليب.هو عيد الحب الذى يخلو من كل تفضيل للنفس مهما كانت المبررات.فليكن عيد صليبك عيد مراحم لكنيستك و شعبك .فليكن عيد كرازة تربح الذين مت من أجلهم سريعاً.فليكن عيد ترفع فيه الأعين نحوك و لا تشبع منك حتى نلتقي .منتظرينك تأتي بنفس المحبة و نفس الغفران مع أنك ستأت للدينونة لكننا بك خلف الصليب نحتمى.
علمنا أن نرى مجدك فوق الصليب.ففى البحر الأحمر إلتهبت أرواح موسي و هرون و مريم فلما عبروا رنموا تسبحة الفصح.و ها هو فصحك أنت البحر الأحمر الذى بلا شطآن.ندخلك و تلهتب قلوبنا بالتسابيح.فلتكن لنا تسبحة قدام صليبك.نراك فيه كما رأتك الملائكة و ليس الذين هتفوا عليك.نراك فيه غالباً و نقول لك القوة و المجد و البركة.نراك فيه محتوياً الوجود كله أنت الذى لا يحتويك عقل البشر من كثرة غني قدرة محبتك.نظل نعدد بركات صليبك و لا ننقطع.الأيل ترى مكاسبها عند جداول المياه و نحن عند جدول الدم المسفوك نرى مكاسبنا.نأخذ الفرح الأبدى من الخلاص غير محدود الزمن.صليبك عيد يعيد الجمال للنفوس و للكنيسة و للعالم فباركنا دوماً بصليبك يا قدوس القديسين.
#Oliver_the_writer
 

About Oliver

كاتب مصري قبطي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.