السلطة المُطلَقة تُخرِج أسوأ ما في النفس البشرية،

 في ظل هذه المعمعة الكبيرة الحاصلة اليوم، الكل ينعت الكل والكل يهاجم الكل بأقسى العبارات.
قساةٌ نحن وقسوتنا متوارثة وهذا لن يتغير في المستقبل المنظور ما لم نعِ هذه الكارثة.
المشهد الحالي من النزاعات والاتهامات المتبادلة بين كل هذه الفئات سواء على موضوع سياسي او فكري او فني او اجتماعي، يذكّرني كيف يعاني طفل ما في مجتمعاتنا من تعنيف أهله له ويتسبّب هذا بشعوره بالنقص، وما انْ يصبح أباً أو أماً فيتعامل مع أولاده/ا بنفس الطريقة التي هو بالأساس يكرهها وعانى منها، ويتوارث العنف …!
كُتُبُنا وأدبياتنا مليئة بالحِكَم والمواعظ، وحين الممارسة نجد أن الأغلبية من شعوبنا ظالمة بحق غيرها وقاسية جداً على بعضها البعض ولا تُطبّق شيئاً من تلك الحِكَم.
كثيراً ما أسمع وسمعت ترداد جملة التعلُّم من تجربتك ومن تجارب الآخرين، ولكن الحكمة بفكرة التعلُّم تقتضي تغيير التفكير اتجاه موضوع معين كي لا يحصل معك، أي الحكمة (بتغيير تفكيرك) وليس كلاماً فقط ان تتعلم من التجارب.
كل ما حلّ بنا وبمجتعاتنا، وما زال الأغلبية لم يتعلموا لا من تجاربهم ولا من تجارب غيرهم، وقصة صغيرة تشغلهم وتُخرِج أسوأ ما فيهم.
يقول دكتور علم النفس ڤيليپ زيمباردو بعد تجربته الشهيرة في سجن جامعة ستانفورد الأميركية: “إنّ السلطة المُطلَقة تُخرِج أسوأ ما في النفس البشرية،” وتباعاً لتجربته منها شعور الفرد أنه لن يُحاسَب على أفعاله، وأنا أُؤكّد أنه طالما لا أحد يحاسَب على انفلاته بكيل التهم ولغة الكراهية والتخوين بهذا الشكل على مواقع التواصل فهو يُخرج حقيقةً ما تملكه نفسه وأخلاقه.
تنتابني الحيرة والمفاجأة من كمية الصفاقة والكراهية والتخوين المتبادل الذي أراه بين مكوّنات هذه الشعوب، فأشعر بالخيبة بالأمل بأن يكونوا حقاً شعباً واحداً أو أصحابَ قضية.
نحن نحتاج لفرض القانون في هكذا أمر “بالقوة” فرضاً على الجميع، أي إلزام الجميع بتطبيق قانون احترام الاختلاف والتعددية و وضع منهجية بالمحاسبة لكل مَن تسول له نفسه بتوجيه كلام الكراهية والتخوين والاتهامات العشوائية. فكما ربّى وأنتج القمع والتهميش واحتكار فكرة الأفضلية لعِرق أو لدين أو لطائفة أو لطبقة أجيالاً تمارسهم بالفطرة؛ سيُنتِج القانون والعدل ونشر ثقافة التعددية والمواطنة أجيالاً تمارسها بالفطرة حتى نتخلّص من آخر جينات الاستعباد والعبودية واحتكار الحقيقة.
الكاتبة ريم شطيح
#ريم_شطيح

About ريم شطيح

ريم شطيح كاتبة وباحثة سورية تكتب في الصحف مقالات سياسية وفكرية الدراسة: ماجستير في علم النفس من جامعة فينكس الأميركية
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.