السعار الجنسي في عقول دعاة الدين وخطباء الجوامع

ialجواد غلوم

كثيرا ما أتساءل مع نفسي وانا اتابع هذا الحشد الهائل من الشباب الضائع في بلادنا العربية والاسلامية الذي لم يرَ من يرعاه ويعبأ بما يريد فلم يجد غير الاسلمة ملاذا وحضنا؛ يبدو اول الامر حانيا رؤوفا وسكينة لتهدئة جماح الحاجات الاساسية وخصوصا الحاجة الجنسية الثائرة في دواخلهم بسبب شرائع التحريم من المعاشرة والاختلاط وغيرها. هذه الكثرة الكاثرة من الشباب المتأسلم الذي اتجه بكل تفكيره للمدّ الكاسح باتجاه الانضواء تحت خيمة الدعاة وخطباء الجوامع الذين أوقدوا هذا السعار الجنسي الفائق الحدّ لدى دعاة الدين المحدثين ومريديهم التي تتضح جليّة وواضحة في فتاواهم وسلوكهم الغريب الاطوار وكأنّ الحياة كلها بأزماتها وتفاقم مشاكلها الاقتصادية والسياسية والفكرية والصراعات بمختلف اشكالها قد تمّ حلّ معضلاتها الجمّة والحروب جميعها قد وضعت اوزارها ولم يبق غير الجنس عصيّا عن الحلّ؛ وأعجب كيف يكون هؤلاء مغمضي الأعين عن معاناة الانسان في الحرية والمساواة ومعالجة شدّة الحاجات الاساسية التي توفّر قدَرا مقبولا من السعادة للانسان مثل حلول سريعة لأزمات الجوع وتوفير الغذاء وحلّ مشكلة البطالة والتقليل من نسبتها ومحاربة الجهل والاميّة المتفشية في صفوفهم وتوفير مستلزمات الحياة الضرورية في السكن اللائق والضمان الاجتماعي وتوفير فرص العمل ومعالجة مشاكل الشباب لتهيئة مستقبل مقبول نسبيا من خلال تكوين اسر سليمة تكون دعامة لمجتمع اسلامي ناهض وفقا لما يدّعون، حتى ان جلّ تفكيرهم صار منْصبّاً على الجنس وحده، ناظرا الى المرأة باعتبارها أداةً لتقديم خدمات جنسية حصرا وهو أساس خلقها ومبعث وجودها اذ لم تسلم حتى الطفلة الصغيرة من دعوتهم لمفاخذتها وهي لما تزل دون الخامسة من العمر وهاهم يستعجلون نموّها ونضجها لتكون في سنّ التاسعة او العاشرة من العمر لتزويجها ومشاركتها الفراش وهي لمّا تزل طفلة لم تبلغ سنّ الحلم، بل وصل الامر حدّا لايحتمل ومثيرا للاشمئزاز حقا حين دعا احدهم من رعاة الفتاوى الغريبة الى جواز نكاح المرأة الميتة حديثا مما سمّوه نكاح الوداع

اما عن تعدّد الزوجات مثنى وثلاث ورباع ويزاد على ذلك مما سمّي ملك اليمين واسترقاق النساء عن طريق عمليات السبيّ في الحروب وتجارة الجنس وبيع وشراء الجواري والقيان في اسواق النخاسة فحديثها يطول ويطول وهل أدلّ على ذلك مثلا واحدا من امثلة خلفائنا الكرام بان المتوكّل وحده كان يمتلك اكثر من (4000) جارية يقول المؤرخون انه وطأهنّ كلهنّ ناهيك عن الخلفاء الذين سبقوه من بني العباس الذين جعلوا قصور الخلافة الفارهة ملاعب لنسائهم ومقاصف ومباغي لشهواتهم الطاغية
انظروا كيف تم وصف الحور العين وكيف اضفى خيالهم الجنسي المفاتن عليها وأكثر من اعدادها بحيث يكون للمؤمن اثنتان من الحواري كحدّ أدنى حتى تصل في حالات لايعرفها سوى الراسخين على منابر الخطابة الى اكثر من سبعين من الحور العين لكل فرد وطبعا فكل حوراء تصحب وصائفها معها وكلهن لحم حلال ووجبات جنسية شهيّة ساخنة أعدّت للمتقين وكأن بضع حسناوات لاتكفي هذا النهم العارم في نفوسهم الضمأى للجنس حتى وصل الامر بهم ان يفنوا حياتهم وتتمزق اجسادهم تفجيرا وأشلاءً من اجل وهم لقاء يتراءى في مخيلة شوهاء تم تغذيتها وشحنها من قبل داعية سافل أشبع خيالهم صورا وملأ أسماعهم سعارا جنسيا غير انه لم يشبع غرائزهم ولم يوفّر لهم زوجة صالحة في الحياة كي يشبع حاجاته الدنيوية ويصبح مواطنا سليما صالحا غير موتور بالشبق في عملية خداع ماكرة وأمل لايتحقق وحلم لم يجيء الاّ في مخيلة مريضة جاهلة تماما ويضع حلولا طوباوية مستحيلة التحقيق
هؤلاء الدعاة والخطباء عاجزون تماما عن وضع حلول سليمة لمشكلة تعتبر من اعقد المشاكل العويصة وأشدّها حدّة والتي تتطلب حلولا واقعية، وبسبب العجز هذا وقصور قدراتهم يلجؤون الى الخيال والافتراضات الوهمية والغيبية الساذجة كي يعيش هذا المحروم عالما طوباويا مليئا بالاحلام والتخيّلات والاوهام لاجل تهدئته وتسكينه أمدا محددا ومن ثم استخدامه أداة لبثّ العنف وربما يكون مشروعا للاستشهاد في حمم انفجار معين في ساحة حرب او يلبسونه احزمة ناسفة ليفجر نفسه في سوق ما او محطة مزدحمة بالناس ليسرع عاجلا للقاء حبيبته الحوراء التي تترقب وصوله على احرّ من الجمر
أتذكر يوم عملت استاذا أكاديميا سنوات التسعينات من القرن الماضي ايام الحصار الاقتصادي على بلادي واضطررت الى السفر لأحدى الدول العربية المتخمة بمثل هؤلاء من رجال الدين والدعاة وكان من سوء حظي العاثر ان اقيم في بيت ملاصقٍ لمسجد الحيّ وكنت مضطرا لسماع داعية المسجد كلّ يوم جمعة حينما يختم خطبته بدعاءٍ ثابت لايقول غيره :
” اللهم انصرنا على اليهود والنصارى واجعل نساءهم سبايا وإماءً عندنا “
ويردد السامعون الحاضرون بأعلى اصواتهم التي تكاد تصمّ أذنيَّ ” آمين “
كنت اسمع اصوات عقول تم حشوها بمخيال الجنس ولاشيء غير الجنس تاركين ما للاسلام من قيم وأخلاق الدين التي جاء رسولنا الكريم /ص ليتمّمها ويرسّخها في نفوس رعيّته وحسن التعامل مع الآخرين وإداء العبادات بشكلٍ ميسّرٍ مقبول ولاتشكّل عبئا على مؤدّيها
مازلت أتذكر رأيا غريبا قاله جاري الداعية الثقيل الظّل الذي أصمّ أذنيّ بسعيره الجنسي الهائج ولايني يكرره في كل خطبة، مفاده ان إطالة اللحية تعزّز من قدرات المؤمن الجنسية فهي بمثابة حبّة الفياغرا التي تزيد كثيرا من الجماح الجنسي وما الى ذلك من الخزعبلات التي يلقيها على عواهنها في اسماعهم،ولا أحد من السامعين يقول له كفى هراءً وكذباً وتضليلاً لعقولنا…فالكلّ مصغون قانعون بما يسيح من غثّ الكلام وزيف القول ومكْرٍ واضح في سرائر نفوسهم غير السويّة؛ ولكم ان تتخيلوا في اية تربة يحرث هؤلاء لينبتوا فكرا شهوانيا وعقلا مرتبطا بحبلٍ سرّيّ مربوط في اجهزته التناسلية حصرا على شاكلة ” نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم “
الغريب انني قبل فترة قصيرة عثرت بالصدفة في محرّك البحث غوغل على تقريرٍ أثار دهشتي وفضولي اذ قرأت فيه من جملة ماقرأت ان دولا اسلامية معروفة بالتزامها الصارم بالدين مثل افغانستان ومصر والسعودية وتليها باكستان ” مولد تنظيم القاعدة المتطرّف وحركة طالبان ” هي في مقدمة الدول التي تحتل المراتب الاولى في البحث عن المواقع الجنسية الاباحية في الانترنيت، ليس هذا فحسب بل وصل الامر الى ماهو أكثر خساسة فهم يزورون تحديداً المواقع الشاذة، اما ظاهرة التحرش الجنسي العلني امام انظار الناس دون ادنى حرجٍ والتي تفاقمت كثيرا في ايامنا هذه فقد تقدمت افغانستان في المرتبة الاولى ايضا وتلتها مصر فالسعودية اذ تعتبر هذه الدول الثلاث من اكثر بلداننا تمسّكاً بالدين ظاهريا حيث يكثر التديّن ويجهد المسؤولون على فرض الحجاب والنقاب وتضيّق القيود الاجتماعية والدينية على اية مناحٍ جنسية مثل منع الخلوة بين الرجل والمرأة ومجابهة ومراقبة الاختلاط بين الجنسين خارج اطار مايريده اصحاب السلطة والنفوذ الديني بشأن العلاقة بين الذكر والانثى
كل ذلك ناتج عن العجز وعدم القدرة عن ايجاد طرائق عمل سليمة وتكوين علاقات مشروعة انسانيا ودينيا واجتماعيا بين الجنسين وغلق كل الآمال العريضة التي ينتظرها الطرفان في تكوين كيان واحد يسمى الاسرة وفي احضان حبّ واقعي جميل يعيشانه معا في رحلة العمر فيتم اللجوء الى تسكين هذه الحاجة الاساسية بحشو ادمغة المحرومين بالمخيال الجنسي كمعادل موضوعي عن عدم القدرة على تلبية نوازع وحاجات الشباب او بالاحرى التعمّد عن قصد لإشاعة الحرمان في صفوفهم وتجريدهم من بناء علاقات جنسية قائمة على اساس سليم، اذ لايخفى انهم عاجزون تماما عن رعاية هؤلاء ولايريدون وضع حلول لها من خلال تسهيل شرائع الزواج المتعارف عليه، فكيف يعمل الشاب على الاقتران برفيقة العمر اذا كان غارقا في مستنقع البطالة ولايجد سكنا مناسبا يأوي حرمه وجيبه خالي الوفاض من مال يعيله على تأثيث عشّ الزوجية ودفع المهر المناسب لها
اما كان الاجدى بهؤلاء طويلي اللسان والباع من دعاتنا وخطبائنا ان يقوموا بأسناد شبابنا وتوفير كل مستلزمات الزواج ليحقق رباطا مقدسا بينه وبين امرأته والأخذ بيدهم الى واقع ممكن التحقيق اذا اقترن بالحرص والسعي الشريف والصدق في انتشال هؤلاء الشباب وجمع تلك الرؤوس بالحلال كما تقول عامة الناس؛ بدلا من دفعه للتخيّلات والأوهام وزجّه في مباهج غير ملموسة من قبيل الحور العين والولدان المخلدين والسرر المرفوعة وما الى ذلك من السفاسف الخيالية المريضة التي تعجّ بها عقولهم
اكاد أعلل السبب في تفاقم هذا السعار الجنسي بانه كلما اشتدت الرغبة في النكاح والتفكير في طرائقه مع الشريك في الفراش سواءً كانت واقعا او خيالا من خيالات الحور العين مثلا؛ اشتدت الرغبة ايضا في العنف والقتل والهوس في التدمير وهذه سمة الطبائع الساديّة كما نوّه عنها سيجموند فرويد وأدلر، والعكس ايضا صحيح ويخطئ من يظنّ اننا لو أشغلناهم بالنكاح والفراش لنَسيَ هؤلاء السلاح والقتل والعنف وسيل الدماء
الكارثة الكبرى ان ما أعنيهم يتزايدون بشكل مهول ويكتسحون مجتمعاتنا وينشرون مفاسدهم وفتاواهم وجماحهم الجنسي عبر وسائل الاتصال المتعددة الاخرى غير المساجد كالقنوات الفضائية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي التي سخّروها لنشر غسيلهم القذر على مرأى ومسمع من الناس وبكل وقاحة وصلافة لامثيل لها دون ايّ استحياء او خجل او تأنيب ضمير او مراجعة للنفس حتى غدت هذه الفتاوى المتعلّقة بالجنس مثار حديث الملأ ومثار سخرية العالم واستهجان الجميع وكأن عقولنا ارتبطت بأجهزتنا التناسلية فقط وصار النكاح بكل اشكاله الجهادي وغير الجهادي والتحرش الاخرق الفاضح امام الاخرين مبرّرا مقبولا ومفاتن المرأة وجسدها الانثوي شغلهم الشاغل يصحبونه معا حتى في معاركهم كما حدث في سوريا حينما انضمّت حشود من النسوة لممارسة جهاد النكاح مع المقاتلين
لاأدري الى اين نفرّ ؟ فالجنس الاسلاموي ببشاعته وسعاره امامنا والعنف والدم من ورائنا وبيوتنا لم تعد محصنة من ان تغمر هذه الموجات باحاتها وتكتسح داراتنا ومفارشنا وخوفي ان تطرق بنادقهم ابوابنا فما علينا سوى ان نحتمي بمحميّة منعزلة نائية مسوّرة بأسلاك شائكة ونعيش فيها بقية اعمارنا بعيدا عن هؤلاء حالنا حال الهنود الحمر وسكّان استراليا وقبائل الماوري النيوزلندية
ألا ترون اننا نوشك أن نكون غرباء في هذا العالم !!
jawadghalom@yahoo.com

المصدر ايلاف

مواضيع ذات صلة: صُــور نَــادرة للـجـواري و للـعــبــيـد في البـلاد العربية 1904

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.