نجح حفل الزفاف الملكي المتعدد النكهات .. بريطانية – أميركية وأفريقية في كسر كل الفوارق الإجتماعية وكل الحواجز التي تقف بيننا كشعوب من أعراق وأديان مختلفة .. مؤكدا بأن الحب إنتصر على كل شيء ..
كما ونجح الزفاف بتأكيد الهوية البريطانية والقيم التي تقوم على التعددية والتعايش وقبول الآخر ليرسم وجها غير تقليديا لبريطانيا الحديثة .. وإن حافظ على التقاليد المظهرية كما في لبس القبعات والبدل ..ولكنه وبالتأكيد كسر التقاليد البريطانية العريقة السابقة التي كانت تعقد هذه الزواجات مع أمراء وملوك من القارة الأوروبية بهدف يناء تحالفات ُتقوي الإمبراطورية …
كما بيّن من خلال المدعويين إلى حف الزفاف بأن كلا العروسان تعمدا تأكيد المساواة والإبتعاد عن التقاليد التي كانت تنحصر في دعوة رؤساء الدول بينما كان مدعووهم من كل الخلفيات الإجتماعية .. إضافة إلى تكريم العديد من الأشخاص العاملين في الأعمال الخيرية .. من ضمنهم 1200 شخص من العامة من خلفيات وفئات عمرية متنوعه ..
أظهرت الدوقة الوجوه الحديثة للمرأة من حيث إصرارها على مساواتها .. فهي التي دفعت ثمن فستانها الأنيق جدا وهي التي ستتكفل بدفع تكاليف شهر العسل كهدية لزوجها .. مؤكدة بذلك أنها لم تقبل الزواج منه لثرائه وإنما للحب الذي جمع بينهما .. كما وأظهر الحفل مساواة المرأة حتى في تقلد المناصب الدينية .. من خلال مشاركة كاهنه سوداء البشرة … بما يؤكد بأن العنصرية والتمييز العرقي لا مكان لهما في بريطانيا الحديثة .. بالرغم من تعليق البعض بأن هذا الزواج كان للتغطية على تصاعد اليمين العنصري المتطرف في سياسته العنصرية ضد السود والأقليات ؟؟؟
وبالرغم من التكلفة الباهظه لهذا الحفل والتي وصلت لما يزيد عن 32 مليون جنيه إسترليني . إستهلكت الإجراءات الأمنيه المعقدة قدرا كبيرا منها .. وإن كانت بزيادة (22 مليون ) عن تكاليف حفل زفاف الأخ الأكبر الأمير وليام .. إلا أن تدفق السياح من جميع أنحاء العالم غطى كل هذه المصاريف حيث وصلت أرقام الزيادة السياحيه لهذا الهدف تحديدا إلى ما ُيقارب 500 مليون جنيه إسترليني .. إضافة إلى تبرع العروسان بقيمة كل الهدايا من المدعويين إلى سبع جمعيات خيرية من ضمنها جمعيه ُتعنى بالنساء في الهند ..
في إعتقادي أن هذا الزواج سيكون حلقة الوصل الإقتصادي بين بريطانيا الحديثة وأميركا ولكنه أيضا سيكون حلقة الوصل الهامه بين بريطانيا ودول أفريقيا النامية .. خاصة ومن خلال عمل العروسان بالأعمال الخيرية التي ستكسبهم الثقة والمصداقيه في العمل مع هذه الدول للعمل معا على بناء البنية التحتية لها وبناء إقتصادها .. ..
ما لفت إنتباهي في كل مراسيم الحفل خاصة وأنا إبنة الشرق بأن هذا الزفاف كشف الكثير عن حاجتنا في المنطقة العربية للتغيير الجذري في الكثير من المفاهيم الثقافية المرتبطة بالتأويلات الفقهية الدينية .. خاصة وأنا أشهد التقبل الملكي والتشجيع والمؤازرة المجتمعيه لمحو كل الإختلافات .. وأن علاقة الزواج أعلى وأهم من عقد تجاري يرتبط بثمن .. وأن الزواج بإمرأة لشروط معينة الأمر المستند إلى احد الأحاديث ؟؟ “” تنكح المرأة لثلاث لمالها وحسبها ونسبها ثم جمالها “” ؟؟؟ يتعارض مع قيمة المساواة في الدين .. حاجتنا لتحدي التقاليد والعادات والتاكيد على إحترام إنسانية المرأة ومساواتها وحريتها في إختيار شريكها وعدم حاجتها لولي أمر قد ُيجبرها على الزواج .. حاجتنا لعدم التشبث والإصرار على التكافؤ المجتمعي وتكافؤ النسب الذي يتحكم في علاقات أبناؤنا ومشاعرهم .. وأخذ القدوة من زواج الأمير بسيدة من عامة الشعب .. ُمطلّقة و تكبره بثلاث سنوات .. والأهم التأكيد الديني بالإقتصار على زوجة واحدة ……
فهل أطمع وآمل بالتغيير ؟؟؟؟؟؟
أحلام أكرم