يان فان إيك واحد من أوائل الفنانين الفلامنك في شمال أوربا الذين نجحوا في الرسم بالألوان الزيتيه وكانت حديثة الإبتكار وقتها . رسوماته زاخره بصور من الحياة وتنعكس فيها الأضواء وهي تقدم صور واقعيه ومناظر طبيعيه خلابه
ولد يان فان إيك في مدينة ماسيك التي تقع اليوم في بلجيكا عام 1395 ولا نعرف غير القليل عن نشأته , لكنه حين وصل العشرينات من عمره كان ناجحاً بشكل كبير في إستعمال الألوان الزيتيه للرسم . كانت الألوان الزيتيه حديثة الإستعمال , لكنه كان بارعاً في إستخدامها الى درجة أن بعض المتخصصين في الرسم ظنوا أنه هو من إبتكر الألوان الزيتيه , لكن هذا الرأي غير صحيح
بسبب موهبة فان إيك الفذه , كان مطلوباً من زبائن أثرياء ويملكون القوه , في بداية حياته عمل كرسّام في خدمة ولي نعمته ( يوهانس من بافاريا ) بعدها عمل كرسّام في خدمة ( فيليب الطيب ) في فرنسا حيث كلفه إضافة الى الرسم ببعض المهام الدبلوماسيه , وحين أصبح عمره 31 عاماً عمل رساماً في مدينة بروغ البلجيكيه , ورغم كل هذه المشاغل وجد وقتاً ليرسم الكثيرين : التجار الأثرياء الذين كانوا يريدون بورتريهات شخصية لهم , أو رجال الكنيسه الأقوياء الذين كانوا يدفعون له بسخاء من أجل رسومات كنسيه
ذاع صيت يان فان إيك في جميع أنحاء اوربا حين تم تدشين ( قاطع الحَمَل الروحاني ) وهو قاطع خشبي ضخم وضع على مذبح كاتدرائية سانت بافو في بلجيكا يحمل صورة الحَمَل المقدس إضافة الى صور العديد من القديسين , قام يان فان إيك وأخوه هوبير بتصميمه ورسمه , هوبير هو من صمم شكل القاطع الخشبي المكوّن من عدة مقاطع خشبيه بينها مفاصل بحيث يمكن فرد القاطع أو طيّه , أما يان فان إيك فقد قام برسم القاطع بالكثير من الصور الدينيه المقدسه , ويعتبر القاطع اليوم تحفة فنيه أوروبيه وأحد أثمن كنوز العالم
كان فان إيك يعشق التفاصيل الصغيرة في اللوحه , وتتضمن أعماله تصاميم جميله لبنايات فخمه مزينه بالرخام المحفور , وعلى الرغم من أن غالبية أعماله تتضمن قصصاً من الكتاب المقدس , الإ أنه كان يزاوج بين مضامين هذه القصص وطبيعه الحياة في شمال اوربا حيث كان يعيش . على سبيل المثال في لوحته ( العذراء والطفل مع المستشار رولين ) كان قد رسم قاعه في بلاط المستشار رولين بكل زخارفها وتفاصيلها , وجعل المستشار رولين يجلس فيها وبيده الكتاب المقدس وقد ظهرت العذراء تحمل يسوع وتحف بهما الملائكه في اللوحه .. لا على أن ظهورهما متجسد وحقيقي , ولكن على أنه خشوع وتأمل من المستشار رولين بحيث أنه بدأ يشعر وكأنهما موجودان معه في نفس المكان
إستعمل يان فان إيك أسلوب المنظور في رسم لوحاته , كما أن استخدامه الألوان الزيتيه ساعده على استعمال ظلال متعدده للون الواحد مما أكسب لوحاته المزيد من الحيويه والواقعيه
توفي يان فان إيك عام 1441 وكان عمره 46 عاماً في مدينة بروج ودفن في مقبرة كنيسة القديس دوناتيان تكريماً له , وترك وراءه العديد من الأعمال غير المكتملة ليتم الانتهاء منها من قبل من كانوا يعملون لديه في ورشته الفنيه , وبعد عام واحد على وفاته تم إستخراج جثته لتدفن داخل كاتدرائية سانت دوناتيان
صورة يان فان إيك المرفقه مع هذا الموضوع هي رسمه هو لنفسه , ويمكن بملاحظة طيات عمامته الحمراء تأكيد مدى دقته في الرسم وإستعماله لتدرجات اللون الأحمر في رسم الضوء والظل المنعكس على هذه العمامه
د. ميسون البياتي