الرد على الممثلة حنان ترك

 ورد لنا عبر موقعنا على الإنترنت سؤال من الدكتورة – مريم حنا تقول فية مارأى فضيلتكم فيما قالته الممثلة حنان ترك فى لقاء تلفزيونى مع المذيع عمر الليثى  (لمشاهدة الفيديو:شاهد المتطرفة حنان ترك: المسيحى لا يصلح لرئاسة مصر  )  من أن تولى مسيحى الرئاسة فى دولة إسلامية لا يصلح وأن المسيحى أهل ذمة وهل هناك إجماع فقهى على ذلك فعلا وهل هذا هو حكم الإسلام ؟
وللإجابة على هذا السؤال نقول :-
بدايةً بتوفيقً من الله وإرشاده وسعياً للحق ورضوانه وطلبا للدعم من رسله وأحبائه ، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام ، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى ، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد ابن عبد الله –، ايضا نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لانفرق بين أحدً منهم —————————— اما بعد
فكلام الممثلة حنان ترك وقضية ولاية غير المسلم على المسلم ونخص هنا المسيحى قد تكلم فيها العديد من رجال الدين ،وكان الرابط بين الغالبية منهم، هو الأخذ بظاهر النصوص القرآنية التى تتكلم عن الولاية وتفسيرها بشكل خاطىء، اما لجهل ، أو لقصور عقلى – مثل قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء 144 فنجد بعض الفقهاء قد خلطوا بين أهل الكتاب والكفار وبين الولاية العامة والولاية الدينية وتبعتهم حنان ترك بسبب الفهم القاصر وبسبب عدم إلمامهم بالشريعة .
ودون النظر لمقاصد الشريعة الكلية من خلال مجمل الشريعة ، دون إجتزاء لجزء محدد بغية الوصول لما تميل له نفسه ، فوجدنا الكثير منهم يحرم ولاية غير المسلم على المسلم مستنداً للنصوص القرآنية التى تتكلم عن الولاية ، دون أن يدركوا أن الولاية المقصودة بالآيات هى الولاية الدينية مثل الصلاة وسائر العبادات ولا تقصد أبداً الولاية فى الحكم والمعاملات الدنيوية — وإلا لماذا أمر الرسول (ع) الصحابة بالهجرة مرتين للحبشة ، كانت أولها فى السنة الخامسة من البعثة ، ليعيشوا تحت ولاية حاكم نصرانى مسيحى ، وهو الملك النجاشى الذى قال عنه الرسول أنه حاكم لا يُظلم عنده أحد ( فهل كان الرسول – حاشا له – لا يدرك ما أدركه هؤلاء الجهابذة دعاة التحريم ، أم أن فّــهم هؤلاء للآيات كان أفضل من فهم الرسول (ع) !!!! فمن هى حنان ترك لتتكلم باسم الدين وتفتى بغير علم
وكلنا يعلم كيف لاقى المسلمون أفضل الرعاية تحت ولاية الحاكم غير المسلم النجاشى ملك الحبشة — فكان عدد المهاجرين إلى الحبشة في الهجرة الثانية ثلاثا وثمانين شخصا، من كبار صحابة الرسول . وقد أرسل كفار قريش بعثة إلى نجاشي الحبشة، تحمل الهدايا الثمينة لرشوته ورشوة حاشيته، كي يتخلى عنهم ويسلمهم لقريش ، لكن الحاكم المسيحى العادل ، لم تأخذه الرشوة والهدايا ورفض تسليمهم وأعلن حمايتهم ، وهكذا، فشل كفار قريش في مسعاهم،لأعادة المهاجرين إلى مكة ، بسبب عدل وحكمة ولاية حاكم غير مسلم مسيحى على المسلمين ، وقد ظل المسلمون بالحبشة حتى السنة السابعة من الهجرة أى لمدة 15 عام تحت ولاية حاكم غير مسلم بأمر من الرسول (ع) .
كما أن من قال بتحريم ولاية غير المسلم على المسلم إستناداً إلى إجماع الفقهاء – — نقول له هذا كلام غير صحيح ولم يحدث ، لأنه لم يجتمع الفقهاء فى أى عصر ليقرروا ذلك أى لا يوجد إجماع من الفقهاء على التحريم بل هو رأى بعض الفقهاء وهو رأى بشرى ولا يملك أحد غلق باب الإجتهاد للتصحيح والتجديد .
لذا نحن نفتى بقلبٍ مطمئن صادق مع النفس أمام الله — بأن المسيحى المصرى يحق له الترشح لحكم مصر ، وولايته على المسلمين جائزة شرعاً ، طالما كان هو الأفضل وأجمع على إختياره الشعب ، لأنه من غير المعقول أن يكون مقصد الشارع الألهى تفضيل حاكم مسلم حتى لو كان ظالماً ، على حاكم غير مسلم حتى لو كان عادلاً ، لمجرد أن الظالم مسلم يحمل ورقة تقول أنه مسلم ( حاشا لله ) كما أن المسيحى المصرى ليس من أهل الذمة لأنهم أهل البلد الأصليين وكل المسلمين المصريين من أصول مسيحية لأن حملة عمرو بن العاص رجعت بالكامل ولم يتبقى منها فى مصر إلا حوالى 50 فردا .
وعلى الله قصد السبيل وإبتغاء رضاه
الشيخ د- مصطفى راشد عالم أزهرى وأستاذ للشريعة الإسلامية
رئيس الاتحاد العالمى لعلماء الإسلام من أجل السلام ورئيس منظمة الضمير العالمى لحقوق الإنسان وعضو إتحاد الكتاب الأفريقى الأسيوى وعضو الإتحاد الدولى للمحامين

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.