عاشت رائدة النهضه النسويه المصريه هدى شعراوي بين عامي 1879 – 1947
وكانت رائدة قومية ، ومؤسسة الإتحاد النسوي المصري
ولدت في عائلة ثرية من المنيا ، وهي ابنة محمد سلطان ، أول رئيس للمجلس النيابي المصري . قضت شعراوي طفولتها ومرحلة البلوغ المبكر في مجتمع حريم مصري من الطبقة العليا
في سن 13 تزوجت ابن عمها علي باشا شعراوي وكان يكبرها بحوالي 50 عاماً . وبحسب مارغريت بدران كاتبة سيرة هدى شعراوي فإن ” الانفصال اللاحق عن زوجها أعطاها وقتها لتعليم رسمي موسع ، فضلا عن طعم غير متوقع بالاستقلال “
درست هدى شعراوي القرآن وتلقت دروسا باللغة العربية والتركية و التربيه الإسلامية في القاهرة . كتبت شعراوي الشعر باللغتين العربية والفرنسية . وروت في وقت لاحق عن حياتها المبكرة في مذكراتها ” مذكراتي ” التي ترجمت الى الانكليزية تحت عنوان : سنوات الحريم _ مذكرات رائده نسويه مصريه ، 1879- 1924
في ذلك الوقت كانت حياة نساء مصر مقتصره على المنزل أو الحريم . وكما رأينا في كل صورها ، هدى ترتدي الحجاب لكنها أصرت على خلع النقاب . أعربت شعراوي عن استيائها من هذه القيود على النساء ، وبدأت بتنظيم محاضرات للنساء حول مواضيع تهمهن وأدى ذلك إلى خروج العديد من النساء من منازلهن وإلى أماكن عامة للمرة الأولى
أقنعت شعراوي عدداً من النساء لمساعدتها على إنشاء جمعية لرعاية المرأة ولجمع الأموال للفقيرات في مصر . و في عام 1910 افتتحت مدرسة للبنات حيث ركزت على تدريس المواد الأكاديمية إضافة الى المهارات العملية مثل القبالة والتمريض
بعد الحرب العالمية الأولى شاركت العديد من النساء في أعمال سياسية ضد الحكم البريطاني . ولهذا ففي عام 1919 قامت شعراوي بتنظيم أكبر مظاهرة نسائية ضد بريطانيا . وتحدت الأوامر البريطانية بتفريق المظاهره حيث بقيت النسوه المشاركات في المظاهره مدة ثلاث ساعات تحت الشمس الحارقة فقط لخرق أمر بريطانيا
اتخذت شعراوي قراراً بوقف ارتداء نقابها علناً بعد وفاة زوجها عام 1922 في وقت كانت غالبية نساء مصر يرتدين النقاب وعدد قليل منهن من يرتدين الحجاب فقط
كان قرارها بخلع النقاب جزءاً من حركة أكبر لنساء مصر تأثرت فيها هدى شعراوي بالناشطه النسويه المصرية المولودة في فرنسا ( يوجيني لو بران ) لكنها تناقضت مع بعض المفكرات النسويات مثل ملك حفني ناصيف
عام 1923 أسست شعراوي الاتحاد النسوي المصري وأصبحت أول رئيسة له ، بعد عودتها من المؤتمر الدولي لحق المرأة في الانتفاضة في روما ، خلعت نقابها علناً للمرة الأولى وكان ذلك حدثاً بارزاً في تاريخ الحركه النسويه المصريه صدم بعض النساء المصريات في البدايه لكنه سرعان ما أصبح واقعاً تبعته أغلب المصريات فبدأن يخلعن نقابهن مكتفيات بالحجاب
أظهرت هدى شعراوي استقلالها عن طريق عمل جبار عُدَّ حينها , وهو قيامها بالذهاب الى متجر في الإسكندرية لشراء ملابسها الخاصة بدلاً من شراء الملابس عن طريق الساعي الذي يجلبهم إلى منزلها
ساعدت هدى شعراوي في تنظيم مبرَّة محمد علي وهي منظمة تقوم بتقديم الخدمات الاجتماعية للمرأة في عام 1909 , ثم تنظيم أعمال اتحاد المرأة المصرية المتعلمة في عام 1914 وهي السنة التي سافرت فيها إلى أوروبا للمرة الأولى . وانتخبت رئيسة للجنة المركزية النسائية في حزب الوفد
قادت النساء المصريات المشاركات في افتتاح البرلمان عام 1924 وقدمت قائمة بالمطالب القومية والنسوية التي تجاهلتها حكومة حزب الوفد فاستقالت هدى شعراوي من اللجنة المركزية النسائيه في حزب الوفد
واصلت هدى شعراوي قيادة الاتحاد النسوي المصري حتى وفاتها ، ونشرت المجلة النسوية ( المصرية ) ومثلت مصر في المؤتمرات النسائية في غراتس وباريس وأمستردام وبرلين ومرسيليا واسطنبول وبروكسل وبودابست وكوبنهاغن وإنترلاكن وجنيف . وقالت إنها تدعو إلى السلام ونزع السلاح
بالرغم من عدم تلبية أغلب مطالب هدى شعراوي خلال حياتها لكنها وضعت حجر الأساس للمكاسب اللاحقة التي حازتها النساء المصريات ، ولا تزال حامل رمزية لراية حركة التحرير النسوي حتى اليوم
بدأت في عقد اجتماعات منتظمة للنساء في بيتها ومن هذه الإجتماعات ولد الاتحاد النسوي المصري عام 1925 ومن أجل التعريف به قامت بإصدار مجلة ( المصريه ) وكانت مجله تصدر كل أسبوعين
حازت على الكثير من الأوسمه والنياشين في ظل العهد الملكي في مصر واطلق إسمها على العديد من المؤسسات والمدارس والشوارع وتم إصدار مذكراتها ضمن عدد خاص من إصدارات الهلال
بعد صدور قرار تقسيم فلسطين بأسبوعين ماتت هدى شعراوي بنوبة قلبيه وهي تكتب بيان تطالب فيه العرب عدم التخلي عن قضية فلسطين
حتى اليوم يستمر المجتمع المتخلف بإلحاق أبشع الصفات بهدى شعراوي في محاولة للنيل منها ومن عائلتها .. فمنهم من يتهمها بالمرض النفسي والعقد النفسيه , ومنهم من يتهمها وعائلتها بالعمالة للإنكليز , ومنهم من ينبش في أمور عائلية صرف بينها وبين إبنها ليتهمها من خلالها بإنعدام المبدأيه , فكثيراً ما تنكر الأفضال في ميادين العمل الإجتماعي الجاد , وتنعدم الرحمة عند المتخلفين , ولكن مما لاشك فيه أنه مهما تتبدل الأوضاع في المستقبل , فإن نهضة نساء مصر ستبقى وبما لايُقدَّر , مدينة لجهود هدى شعراوي الجبارة , وهمتها كإنسان وإمرأه