الدين بعد سن البلوغ

على مستوى قيادة السيارات لا يسمح لغير ألبالغي سن الرشد قيادة السيارات أو بالأحرى لا يسمح لهم الحصول على رخصة muf30قيادة السيارات والمركبات المتوسطة, ولا يسمح بأن يحمل السلاح كل قاصر غير بالغ سن الرشد, ولا يسمح بالترشح للانتخابات البرلمانية إلا من كان بالغا عاقلا راشدا مدركا للأمور, فهذا على مستوى الحياة العامية العادية, ولكن ما رأيكم على المستوى الديني؟ فلماذا مثلا نعلم أولادنا على الدين والصلاة وهم ما زالوا أطفالا في عمر الطفولة ؟وهم كما تعلمون لم يبلغوا بعد سن الرشد!, فأنا مثلا تربيت في البيت على الدين الإسلامي وأجبروني أهلي ووزارة التربية والتعليم على تعلم الدين الإسلامي منذ دخلت السنة الدراسية الأولى وهذا خطير جدا, فأيهما أهم قيادة السيارة أم الدين؟ أعتقد أن الدين أهم وأخطر من قيادة السيارة ويجب على الدول العربية الإسلامية فتح باب تغيير الدين والمعتقد الديني لكل إنسان بالغ عاقل راشد, فأنا أجبروني أهلي والحكومة والمجتمع ووزارة التربية والتعليم ومؤسسة العشيرة والقبيلة على اعتناق الدين الإسلامي ويومها لم أكن بالغا وعاقلا وراشدا والآن بعد أن أصبحت إنسانا عاقلا تبين لي أن هنالك عدم انسجام بيني وبين الدين الإسلامي ومن حقي اليوم أن أقرر إلى أين أذهب عمليا ونظريا, فمن الممكن أن الديانة المسيحية تتمشى معي أكثر من الديانة الإسلامية أو من الممكن أن أتقبل أي ديانة أخرى عدى الديانة التي أجبروني عليها أهلي وبيئتي وطبيعة النظام التربوي الذي نشأت وكبرت وترعرعتُ عليه, ومن حقي الآن أن أختار ديانتي.

ومن الممكن لك ولي أن نكون ملحدين لا نؤمن ولا بأي ديانة سواء أكانت سماوية أو أرضية, والخطأ الذي يرتكبه الأهل والحكومة في الدول العربية الإسلامية أنهم لا يسمحون لأي شخص بالغ عاقل راشد أن يختار ديانته وهذا بحد ذاته تعدٍ صارخ على حقوق الإنسان وتعدٍ وجريمة ترتكب بحق الطفولة إذ أنهم يجبرونا على الدين الإسلامي ونحن ما زلنا أطفالا لم نتعرف بعد على طبيعة الدين, فمن حقنا بعد أن كبرنا ونضجنا مع مواسم النضوج أن نختار ديانتنا كما نختار زوجاتنا, فكيف يحق لي أن أختار زوجتي وحبيبتي بقلبي بعد أن أبلغ سن الرشد وكيف لا يحق لي قيادة السيارة والحصول على رخصة قيادة إلا بعد أن أبلغ سن الرشد,وكيف يجبروني على الدين الإسلامي وأنا ما زلت طفلا لا أدرك معنى الحياة أو معنى كلمة(دين)؟ أيهما أهم في حياتنا وحياة أبنائنا؟ أو أيهما أخطر؟ قيادة السيارة أم قيادة الدين؟ أعتقد أن هذه النقطة تغيب عن أذهان الجميع وخصوصا عن أذهان الحكومات العربية إذ أنها لا تعتبر الدين خطيرا, فالدين أخطر بكثير من قيادة السيارة أو دخول حزب سياسي أو منظمة مجتمع مدنية, فيجب أولا وأخيرا فتح باب كبير في هذه المسألة فلا يوجد إنسان على وجه الأرض تلده أمه مسلما أو مسيحيا أو يهوديا.

نعم,لا يوجد إنسان تلده أمه مسلما أو يهوديا أو مسيحيا إلا في الدين الإسلامي, إذ تعتبر السنة أن الإنسان يولد مسلما ومن ثم تهوده أو تنصره أمه, وهذا تناقض بحد ذاته وليس منطقيا, فالأصح أن الإنسان يولد بعير أي ديانة أو بدون أي ديانة وعليه هو أن يختار ديانته أو مذهبه بعد أن يبلغ سن الرشد ليكون قادرا على قيادة نفسه ولكي لا تتعارض ثقافته مع طبيعته التي خلقه الله عليها, الله يخلق الإنسان عاريا من الثقافة ومن الدين نفسه وإنما الأيام هي التي تصقل شخصيته وتجعله مسلما أو يهوديا أو مسيحيا أو حتى بوذيا, وعليه فلنا اليوم الحق بأن نراجع أنفسنا على كل الأصعدة وأن يسمح لنا من اليوم أن نقرر من نحن ؟ وإلى أي ديانة ننتمي ؟ وإلى أي مذهب ننتمي؟, فليس من المعقول أن يختار لنا آباؤنا ديننا وعقيدتنا, فهذه موضة قديمة تتعارض مع مبدأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان , ونحن اليوم أصبحنا أكثر وعيا من ذي قبل ونرفض بكل شدة أن يختار آباؤنا زوجاتنا, وأظن بأن الدين سيصبح بعد عدة سنوات على نفس الطريقة وسترفض الأجيال القادمة أن يختار آباؤهم دينهم وعقيدتهم ومذهبهم كما يرفضون اليوم أن يختاروا لهم زوجاتهم وأزواجهم من ذكورٍ وإناث, وأظن جازما % أن آباءنا لا يمثلون رغباتنا بل رغباتهم هم أنفسهم مثل اختيارهم لنا لأسمائنا, فحينما يسموننا يسمونا بناء على رغباتهم هم ولم يكن لنا الحق باختيار أسمائنا, وحين اختاروا لنا ديننا الإسلامي ومذهبنا الإسلامي اختاروه لنا بناء على رغباتهم وهم وليس بناء على رغباتنا وكنا يومها لا نبصر ولا نسمع ولا نعقل ووجدنا أنفسنا فجأة نصلي ونصوم ونؤدي فريضة العمرة وكل الطقوس الدينية, في حين أن الحياة اليوم اختلفت وتطورت وأصبحنا اليوم نريد أن نأخذ حقنا في اختيار ديانتنا.

إن المسير على طريق الديانة أخطر من المسير على الإسفلت بسيارة مرخصة قانونيا, وطالما كان غير مسموح لنا أن نقود السيارة إلا بعد أن نبلغ سن الرشد طالما كان من حقنا عدم الالتزام بأي ديانة إلا بعد أن نبلغ سن الرشد

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=210390

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.