الدور الأميركي في الأزمة السعودية – الكندية

شهد العالم صبيحة يوم الاثنين الموافق 7/8/2018م اشتعال أزمة دبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وكندا، حيث طلبت الرياض من السفير الكندي لديها مغادرة البلاد، واستدعت سفيرها لدى كندا وجمدت التعاملات التجارية مع أوتاوا، وذلك إثر مطالبة وزارة الخارجية الكندية والسفارة الكندية لدى الرياض بالإفراج الفوري عن نشطاء في المجتمع المدني تم احتجازهم في موجة جديدة من الاعتقالات في المملكة، الأمر الذي رأت فيه السعودية تدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية.
لا تبدو الأسباب السعودية لقطع العلاقات مع كندا مقنعة كفايةً، خصوصاً وأن واشنطن كانت قد اتخذت موقفاً مشابهاً لكندا قبل شهرين، أعربت فيه عبر وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها بشأن سجن واعتقال عدة ناشطين وناشطات في الرياض. فكيف يمكن أن نقرأ ردة الفعل السعودية العنيفة هذه إزاء كندا؟
لا يمكن إنكار أو إغفال الدور الأمريكي في هذه الأزمة، خصوصاً بعد وصول العلاقات الأمريكية الكندية إلى أدنى مستوياتها، نتيجة للخطاب العدائي والتهديدات التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب. حيث يلوّح ترامب منذ أكتوبر عام 2017م، بإمكانية إلغاء اتفاقية “نافتا” (اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية).


إن احتمالية الانسحاب الأميركي من اتفاقية “نافتا” تبدو مرتفعة جداً في ظل حكم ترامب، خصوصاً وأنه قد سبق أن انسحب في يناير 2017م من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ بالكامل، رافضاً لفكرة الرئيس السابق باراك أوباما في أهمية الاتفاقية على الصعيد الدولي، وذلك انطلاقاً من قناعته بأن حرية التجارة تؤثر سلباً في الوظائف الأميركية ونشاط الصناعة التحويلية.
على الرغم من التعليق الأميركي “الإيجابي” حول الأزمة، والذي وصفت فيه الخارجية الأميركية المملكة وكندا بأنهما “حليفان مقربان”، إلا أن العقلية الترامبية تقودنا إلى افتراض استنتاجي يقوم على أن واشنطن تستخدم الرياض كأداة للضغط على كندا، تماماً كما تستخدمها في ميادين أخرى. حيث تسعى واشنطن إلى لجم أوتاوا وتسييرها في الطريق الذي لا يعيق السياسة التجارية الترامبية.
على ضوء ما سبق، فإننا لا نستبعد نشوب أزمات وسيناريوهات مشابهة في المستقبل القريب، مثل كوريا الجنوبية التي تجمعها مع أميركا اتفاقية التجارة الحرة منذ العام 2012م، والتي سبق أن لوّح ترامب أيضاً بإمكانية الانسحاب منها.

فادي قدري أبو بكر
كاتب وباحث فلسطيني
fadiabubaker@hotmail.com

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.