بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
شبكة البصرة
د. أبا الحكم
قال أحد الحكماء “تكلم لكي أقول لكَ من أنت”، وحين تكلم علوش في مقال له بتاريخ 2/10/2013، كشف عن حقيقتين، إحداهما : كانت مغلفه بمنهج الانتماء القومي الذي طالما طالعنا به منذ سنين، كان خلالها يتبجح في رصانة الإيمان بخط عروبي لا تؤثر فيه سياسات المشاريع الأجنبية المشبوهة التي تحيط بالوطن والأمة، التي تسعى لسلخ هويتها وطمس مقومات وجودها، ممثلة بالمشروع الصهيوني، وبالمشروع الإمبريالي، وبالمشروع الفارسي، وبالمشروع العثماني.. وكلها مشاريع موجهة ضد الأمة العربية. والحقيقة الثانية : كشف الدكتور”علوش” من خلالها تلك السقطة المدوية لحزب الله وسيده التابع طائفياً للنظام الفارسي في طهران، والتي أراد أن يجعل منها مدخلاً لتلميع وجه “حسن نصر الله” أمام جماهير الأمة العربية بعد أن سقط القناع الذي طالما تبجح به السيد (مقاوماً وممانعاً)، ولا أدري ما هو معناها ومغزاها في خضم واقع مغاير لا صلة له لا بالمقاومة ولا بالممانعة، إنما لتنفيذ أجندة إيرانية ذات بعد قومي إستراتيجي واضح للعيان.
وقبل الحديث عن ما ما قاله الدكتور “علوش”، وما تضمنه مقاله من (تناقضات ومغالطات) محاولة منه التغطية على الحقائق وإظهارها خلاف ما هي عليه وبشكل صارخ يفنده الواقع المعاش، الذي لا تنطلي على جماهير الأمة السلوك السياسي المخادع لحزب الله في لبنان على وجه التحديد وفي المنطقة بشكل عام، أود أن أذكر بما يأتي:
هل يعلم الدكتور “إبراهيم علوش” إن حزب الله بزعامة “حسن نصر الله” الذي يحاول تلميع وجهه الكالح، قد تأسس بقرار إيراني ومباركة من “خميني” شخصياً.. لماذا؟، لأن لبنان كان يقع في مقدمة خارطة تصدير الثورة الإيرانية.. كيف؟ :
أولاً- صرح السفير الإيراني في بيروت لصحيفة (إطلاعات) الإيرانية بتاريخ 1 كانون الثاني عام 1984 ((لبنان يشبه الآن إيران عام 1977، ولو نراقب ونعمل بدقة وصبر، فأنه سيجيء إلى أحضاننا، وبسبب موقع لبنان، وهو قلب المنطقة، وأحد أهم المراكز العالمية، فأنه عندما يأتي لبنان إلى أحضان الجمهورية الإسلامية، فسوف يتبعه الباقون)).!!
ثانياً- أول بيان لحزب الله اللبناني، صدر بتاريخ 2- شباط 1985 أعلن فيه ولائه لإيران والخميني والتزامه بنهج (ولآية الفقيه).. وبهذا الموقف المعلن والصريح فأن حزب الله قد تجاوز الولاء الوطني لصالح دولة أجنبية، ويمثل هذا الموقف خيانة وطنية عظمى.!!
ثالثاً- قال “نعيم قاسم” نائب حسن نصر الله”، في حينه ((كان هناك مجموعة من المؤمنين تفتحت أذهانهم على قاعدة عملية تركز على مسألة الولي الفقيه، والانقياد له كقائد للأمة الإسلامية جمعاء، لا يفصل بين مجموعتها وبلدانها أي فاصل، وذهبت هذه المجموعة المؤلفة من تسعة أشخاص للقاء “خميني”، وعرضت عليه وجهة نظرها في تأسيس وتكوين الحزب اللبناني، فأيد الأمر، وبارك هذه الخطوات.. ولذلك كان في قيادة حزب الله منذ تأسيسه عضوان إيرانيان)).!!
رابعاً- لم يكن حزب الله اللبناني وزعيمه ومنذ تأسيسه وطنياً، إنما مذهبياً فقد وطنيته حين قدم ولائه المذهبي على الوطنية والهوية القومية والإسلامية.. حتى أن حلفاءه قالوا عنه (أن حزب الله طعننا وطعن الديمقراطية – وهذا التصريح نشرته جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 18/6/2013).!!
خامساً- لم يكن حزب الله اللبناني مقاوماً ولا ممانعاً، فقد كانت المقاومة اللبنانية وطنية تجمع حشداً وطنياً كبيراً من كل أحزاب وفئات الشعب العربي اللبناني، وإن حزب الله قد سرق بتخطيط إيراني، قرارها بافتعال أحداث كما أعترف “حسن نصر الله” بشأن أحداث حرب عام 2008 ((لو كنت أعلم أن خطف جندي إسرائيلي سيجلب على المدنيين اللبنانيين كل هذا الدمار فأنني ما كنت أفعل))، وهذا دليل إدانة، من فمك أدينك، لتلك الحرب التي كانت بقرار من (ولي الفقيه) من أجل الحشد اللبناني والعربي والإسلامي، ولفت الأنظار إلى حزب الله لتمتين قاعدته واستقطابه، اعتماداً على حب الشعب العربي للقضية الفلسطينية، الأمر الذي كان ولي الفقيه يدرك أن المدخل إلى الحشد في المحيط العربي هو القضية الفلسطينية، كما هو حال تركيا التي افتعلت (أسطول الحرية) لدعم غزة على وجه التحديد وليس القضية الفلسطينية، حيث تختزل القضية حسب المصالح الإيرانية والتركية وغيرها.!!
تناقضات ومغالطات.. كيف نفسرها..؟
المنهج القومي العربي يرفض الاتجاهات التكفيرية، كما يرفض النهج الطائفي مهما يكن لونه، لأن الأساس الذي يؤمن به المنهج القومي العربي هو (الوطنية والقومية والإسلام غير المسيس).. إن المغالطة التي أوردها الدكتور “علوش” وحاول تكريسها، هي تصادم عناصر حزب الله مع تكفيريين في سوريا، وهو الأمر الذي لا يلغي طائفية حزب الله وتبعيته للنظام الصفوي رسمياً، كما لا يلغي طائفية نظام دمشق وتبعيته للنظام الفارسي الصفوي.. وكليهما إيران وحزب الله يدعمان نظام دمشق سواء كان هناك تكفيريون أو لا وجود لهم، حيث أن هذا الثلاثي ومنذ بداية أحداث (درعا) كان يمارس أسلوب القمع الوحشي للشعب العربي السوري الذي يطالب بحقوقه الإنسانية والوطنية.
إن المتغيرات الدولية والإقليمية، وصراعات المصالح وتوازنات القوى، لا علاقة لها بالتكفيريين الذين لا يمثلون الشعب العربي السوري بأي حال، ووجودهم أملته حالة فراغ الأمن، وحين يملأ هذا الفراغ وطنياً وليس طائفياً سيتبخر هؤلاء التكفيريين.. فهل يدرك الدكتور “علوش” أبعاد الواقع ما بعد الراهن، بعد أن انخفضت – حسب تعبيره – فرص العدوان العسكري الأمريكي المباشر على سوريا؟!
ليست هناك حملة للتعبئة ضد حزب الله اللبناني، إنما ردود الأفعال الغاضبة على السلوك السياسي والعسكري المنحرف، غير الوطني وغير القومي وغير الإسلامي لهذا الحزب، ليس على أرض سوريا العربية فحسب، إنما في عموم الساحات العربية وبتوجيهات من ولي الفقيه.. فلو لم يتدخل حزب الله في سوريا ويقاتل الشعب العربي السوري، الذي يتطلع نحو حريته وكرامته وعزته الوطنية، لما كانت هنالك ردود الأفعال واسعة النطاق، التي نددت بحزب الله وسلوكه غير الوطني وغير القومي من ناحية وتبعيته لإيران من ناحية ثانية.. فقد أدركت جماهير الأمة بحسها العفوي بأن هذا الحزب يعمل لحساب إيران الدولة الأجنبية التوسعية، ولا يعمل لمصلحة لبنان ولا للشعب العربي اللبناني ولا للشعب العربي السوري أو أي شعب عربي على أي ساحة عربية.
وعلى هذا الأساس فأن المغالطة التي أراد الدكتور “علوش” تمريرها هي (ما دامت فرص العدوان على سوريا قد تقلصت، فيجب أن نحارب حملة التعبئة والتحريض ضد حزب الله في الشارع العربي).!!، وكأن حزب الله لم يرتكب فعل التدخل ويمارس القتل المذهبي بحق الشعب العربي السوري (وعفا الله عن ما سلف)، لأن حزب الله قد مارس فعل الجريمة الوطنية والقومية باسم الطائفة والمذهب وبأوامر من دولة أجنبية.. فكيف يرتضي الدكتور “علوش”، الذي يعلن ويكتب في منهج الوطنية والقومية هذا السلوك ويعمل على تلميعه وغسل دماغ الشارع العربي بصواب بقاء الطائفية وهي تتسيد على الوطنية والقومية والإسلام الحنيف؟!
والتناقض الذي سقط فيه الكاتب في نص ما قاله(إن أساس معضلة حزب الله هنا أنه رسم لنفسه حدوداً ضيقة، أصغر منه بكثير ومما أنجزه وما هو قادر على إنجازه، وهي الحدود التي تفرضها لبنانيته أولاً كحزب يتمحور برنامجه موضوعياً حول مقاومة صهينة لبنان وأمركته، وكحزب غير طائفي رفض الدخول في الصراعات الأهلية اللبنانية منذ تأسس، حتى باتت تهدد مشروعه المقاوم. وفقط بمقدار ما تهدده، ولكنه بقي بالرغم من ذلك حزب طائفة).!!
ولم يحسم الدكتور أمره بشأن حزب الله اللبناني (هل هو طائفي أم غير طائفي)، وظل يحاول التغطية بمفردات التأييد العربي حول القضية الفلسطينية، وليس التأييد منصباً على حزب الله ومنهجيته الفقهية والسياسية، وهذه المغالطة الفاضحة قد كشفتها حقائق الواقع حين تحول “حسن نصر الله” من (مقاوم) إلى (متدخل وقاتل للشعب العربي السوري)، فهل أن مبدأ المقاومة يسوغ المخابرة مع إيران وتلقي الدعم المالي والعسكري والمعلوماتي واللوجستي، من دولة أجنبية، ونقول أنه مقاوم وطني لبناني يعمل من أجل المصلحة اللبنانية.. فأين المصلحة اللبنانية في القتال في سوريا ضد ثورة الشعب العربي السوري؟
كيف يمكن أن يصور لنا الدكتور “علوش” أن حزب الله اللبناني طائفي وغير طائفي في آن واحد؟!، إن مجرد الاعتراف بأن قاعدة الحزب تقوم على تنظيم لمذهب واحد معناه أنه لا يمثل الشعب العربي لا في لبنان ولا في خارجه.. ومثل هذا الكلام المتناقض دليل على عدم إدراك طبيعة الحزب الطائفية ومنهجه التسلطي الإقصائي وعمق فلسفته الشمولية، التي لا تعترف بالوطن لبنان ولا بقوميته العربية، إنما اعترافه بالتشيع الفارسي التوسعي لا غير، إحياءً لنهج (إسماعيل الصفوي) وفرض هذا النهج على محيطه العربي دون اكتراث للشعب العربي، الذي يؤمن ويعتز بهويته القومية العربية وبوطنيته وبإسلامه الحنيف.
يقول الدكتور “إبراهيم علوش” (لا يمكن اعتبار شخصية “حسن نصر الله” لبنانية فحسب، كما لا يمكن اعتبار حزب الله بما يمثله من قوة رادعة لكيان في الإقليم ومن نموذج مقاوم قوة لبنانية فحسب.. فأصبح برنامجه الفعلي لبنانياً التأقلم مع الخصوصية اللبنانية متخلياً أو مؤجلاً لآجل غير مسمى فكرة تأسيس جمهورية إسلامية على النمط الإيراني، التي تبناها عندما انطلق)..!!، ويرى الدكتور علوش هذا النهج الذي اتبعه حزب الله اللبناني لحشد القوى والإمكانات ضمن (مشروع وطني لبناني) وهو (في حقيقته مشروع قومي عربي).!!
ما هذا الحشد من المغالطات؟ وكيف يمكن أن يكون المذهبي الطائفي قومياً؟ وكيف يمكن أن يكون المشروع الطائفي مشروعاً قومياً؟!
دعونا نناقش هذه العبارات بين الأقواس :
إذا كان نهج حزب الله اللبناني نهجاً مذهبياً وطائفياً وتابعاً ويسعى من أجل تأسيس جمهورية إسلامية على النمط الإيراني في لبنان، وهو كذلك، فكيف يمكن أن يكون نهجاً وطنياً، لأن المذهبية تفتقر إلى التمثيل الشامل وتمثيلها انحيازاً مذهبياً، ليس عادلاً ولا يحقق العدالة الوطنية، ولان المذهبية لا تبني الأوطان فمن غير المنطق أن يكون مشروعها قومياً.. كما أن المذاهب هي جزء من الأديان وليس فوقها، فالدين الإسلامي الحنيف هو الإطار الجامع المانع لكل المذاهب، والمذاهب تحكمها اجتهادات ينبغي أن لا تخرج في فتاواها ونهجها وسلوك مريديها عن الدين الجامع بأحكامه وسننه ونصوصه، ولا اجتهاد في النص، وهذه الأمور محسومة أصلاً.. وعليه فأن النهج المذهبي أو الطائفي يعجز في أن يخلق مشروعاً قومياً يستند على مقومات الأمة وهويتها القومية العربية.. فلا يجوز أن تتجاوز المذهبية أو الطائفية الهوية القومية العربية بأي حال، لأن القومية العربية هي الحاضنة العامة الشاملة لكل القوميات والأديان والمذاهب في الوطن العربي.. وتلك حقيقة وجودية ليس بمقدور أحد أن يتعامل مع الأساس على أنه ثانوية ويقلب التركيبة العضوية لمكونات الأمة مهما كانت مبرراته.. فهنالك مغالطات يمكن أن تمرر على الناس البسطاء والسذج المأخوذون بحب أل البيت الكرام والمغرر بهم والذين تركبهم أو الذين يكون ولائهم للمذهب على حساب الوطن، وللمذهب على حساب الوطن العربي وللمذهب على حساب الدين الإسلامي الحنيف.. ولكن لن تمرر هذه المغالطات على العقول النيرة الشاملة الجامعة في الوطن والأمة العربية حتى والعالم الإسلامي.. لماذا لأن هنالك مسَلَماتْ ومعايير يحتكم إليها منطق العقل، يصعب تجاوزها أو إلغائها بأي وسيلة بائسة يبتكرها الذين يكشفون عن نياتهم ومكنونات أنفسهم وهم ربما لا يعلمون أنهم يتكلمون فيكشفون عن عوراتهم بطريقة مقززة.!!
يقول الدكتور “علوش”، الذي كشف عن وجهه الحقيقي ((إن حزب الله قدم دعماً كبيراً للمقاومة الفلسطينية وبدرجة ما لمقاومة الاحتلال الأمريكي في العراق، وبالرغم من الضربة الوقائية المحدودة في القصير، فأن الحزب بقي حزباً لبنانياً لا يتدخل في الشأن العربي، ولا يطرح مشروعاً سياسياً أو تنظيمياً خارج حدود لبنان وبقي ضمن لبنان مصراً بأنه لا يسعى لاستلام السلطة أو تقاسمها أو التدخل فيها ما دامت لا تتدخل بمشروع المقاومة)).!!
عجيب أمر هذا الطرح المتناقض وغير الموضوعي.. من جهة يأتي تدخل حزب الله في سوريا كضربة وقائية محدودة، ومن جهة أخرى لا يتدخل هذا الحزب في الشأن العربي وكأن سوريا ليست دولة عربية وشعبها ليس شعباً عربياً.. فأي ازدواجية سمجة في هذا الطرح المضحك.. ثم ألم يتذكر احتلال بيروت بالسلاح المليشي لحزب الله وتهديده إسقاط سلطة الدولة اللبنانية بالقوة، فيما يزعم أنه لا يتدخل في شأن السلطة اللبنانية، وهو أمر قد يرى فيه الدكتور “علوش” تعزية لسقوط حزب الله سياسياً وعقائدياً وأخلاقياً، وإن السقطة المدوية، التي يعاني منها حزب الله وزعيمه “حسن نصر الله” قد وضعته في خارج إطار مزاعم (المقاومة والممانعة)، الذي تتزعمه طهران لتغطية تغلغلها في المنطقة طائفياً.. أما المقارنة التي أبداها (علوش) بين زعامة جمال عبد الناصر ورئاسة “حسن نصر الله” لحزب الله، فقد كانت تبعث على الأسى والرثاء، طالما بات (الدكتور) بهذا المستوى من الاعتقاد وهذا المنطق الفاضح، إذ شتان بين زعامة قومية رائدة ورئيس حزب طائفي تابع لدولة أجنبية.!!
والغريب في أطروحات الدكتور “علوش”، إنه يقترح على حزب الله اللبناني ((تجاوز نفسه عقائدياً وتنظيمياً، وطرح مشروع قومي عربي، والعمل على تجاوز قاعدته التنظيمية التقليدية من أجل تأطير قاعدته الجماهيرية، التي أنتجتها بمقاومته ذات البعد القومي)).. وما نراه في هذه الأطروحة سوى خليط من مغالطة قائمة على خلط سياسي غير معرفي يفتقر إلى قاعدة رصينة للتفكير والتنظير السَوِيَين.. ثم يستدرك ليقول ((نحن هنا لسنا في معرض إقناع حزب الله اللبناني بتجاوز خطه السياسي أو توسيع قاعدته التنظيمية))، ولما كانت شعبية هذا الحزب قد تبخرت بفعل انفصامه سياسياً وأيديولوجياً، وليس بفعل التحريض والدعوة لمحاصرته سياسياً وعزله جماهيرياً.. فهو الذي حاصر نفسه وعزل نفسه ولم تعد لهذا الحزب من قيمة جماهيرية أو اعتبارية تذكر، بعد أن كشف الواقع كل مزاعمه المتهافتة وإدعاءاته المضللة حول (المقاومة والممانعة).
ثم، أي مقاومة يدعيها الدكتور “علوش” لحزب الله اللبناني، وأي دعم لمقاومة العراق ضد الاحتلال يتحدث عنه؟!، ألم يدرك أن هذا الحزب مرتبط بالنظام الإيراني، وهذا النظام على توافق إستراتيجي مع المحتل الأمريكي الغازي للعراق؟، فكيف يدعم حزب الله المقاومة، ثم أي مقاومة يقصدها “علوش”؟، فالمقاومة الوطنية العراقية التي انطلقت بعد أيام قلائل ضد قوات الاحتلال الغازية، هي التي قصمت ظهر المحتل وأرغمته على الانسحاب، فيما تستر في قواعده الأربع لكي تدير عمليته السياسية الكسيحة في العراق، وأحزاب إيران هي أدوات هذه العملية، فلماذا يضلل “علوش” جماهير الأمة بفبركات فاضحة ومضحكة وغير مقنعة وارتداداتها عليه وعلى قلمه وسمعته كبير وكبير جداً؟!
إن أخطر ما قاله “علوش” هو الآتي ((إن اخطر شيء يمكن أن يفعله حزب الله في الرد على هذه الحملة المسعورة، هو الرد عليها بهجمة طائفية مقابلة تحت عنوان “نحن الشيعة”)).!!
هل ترون، إن هذا الدكتور يتكلم بنفس طائفي ويدعو إلى نشر الطائفية.. ومثل هذا الموقف البائس الفاضح المحرض على الطائفية ينم عن شعور باليأس والمرارة، وإن أطروحاته السابقة قي كتاباته هي مجرد تغليف وباطنية أو تقية فارسية معروفة للقاصي والداني، مستهجنة ليس على مستوى الوطن العربي فحسب، إنما على مستوى العالم الإسلامي.. وإن نصحه المستميت بأن لا يظهر حزب الله كأداة إيرانية لكي يقيم تحالفات مع التيارات العربية، التي لا تحب إيران، وإن نصائحه هذه لا تنقذ حزب الله وزعيمه الطائفي من السقطة المذلة في وديان سوريا العربية وأمام الشعب العربي في كل مكان.
ولتذكير الكاتب بحديث أحد رجال الدين الإيرانيين مؤخراً وعلى الملأ عن إستراتيجية التغلغل الفارسي في البنية الرسمية والشعبية العربية بأسلوب التشيع الفارسي.. وهذه خلاصة هذا الحديث، ربما لم يطلع عليها الـ”علوش” لكي يزيد يقينه الطائفي أمام أوراق إيران والذين يتبعونها من عبيد الدولار الأمريكي والتومان الإيراني :
أولاً- يتساءل، كيف تُؤصِلْ إيران الطريق إلى الحكم في المنطقة العربية.؟ في البداية يقول كانت الفكرة تكمن في توعية الجمهور، الذي يجب أن نقلبه إلى جمهور شيعي، فيصبح أكثرية.. هذا الجمهور هو الذي سيقوم بالثورة، لأنه أكثرية، عندها نمتلك زمام الأمور. وهذه الفكرة تتم على وفق خط العمل من (القاعدة إلى القمة) بمختلف الوسائل الممكنة والمتاحة للوصول إلى الحكم في البلاد العربية.
ثانياً- الطريق الثاني يمكن إحداث انقلاب في صفوف الجيش – مثلاً مصر- ونتعاون مع الاستعمار لكي يسلمنا الحكم في ما بعد، ونعمل من أجل شراء سياسيين وإعلاميين وغيرهم من أجل الوصول إلى الحكم على وفق خط العمل من (القمة إلى القاعدة)، حيث نفرض التشيع من القمة وليس بطريقة هرمية.. ويضيف، المهم أن نمتلك الحكم ونتغلغل في هياكل النظام العربي للسيطرة على الحكم.. وإن المهمة المثلى هي العمل من (القمة إلى القاعدة) وبمساندتها وفرض التشيع بالقوة من القمة حتى يصطبغ الحكم باللون الشيعي.!!
هذه هي إستراتيجية النظام الفارسي حيال الدول العربية، وإزاء الشعب العربي، وتمثل انقلاباً في سبل التشيع الفارسي، وتحولاً في طبيعة التغلغل لتفكيك نسيج الشعب العربي الإسلامي ووحدته المتلازمة عبر التاريخ.. وهنا يكشف رجل الدين الفارسي الطائفي عن نهج التشيع الفارسي للاستيلاء على الحكم من القمة عن طريق القوة بدلاً من الاستيلاء على الحكم من القاعدة عن طريق التشيع الفارسي الباطني.. وقد يمارس النهجان معاً في آن واحد.!!